الثلاثاء، 6 مارس 2012

امريكا بعد الجزائر ...كيف تتشابه المعارك الى هذا الحد ؟!






بقلم عزت القمحاوى ٦/ ٣/ ٢٠١٢


لأن الخيبة تجرى وراء الخيبة، ولأن الفرع يحنّ إلى أصله، فلا يمكن تأمل الخيبة الوطنية فى قضية المنظمات الأهلية دون ذكر خيبة المعركة المفتعلة مع الجزائر فى تصفيات التأهل إلى كأس العالم ٢٠٠٩، إلى حد كادت تشعل فيه حربًا حقيقية بين شعبين اختلطت دماؤهما فى معارك التحرير.
تذكرون عندما قررت القيادة الجماعية للبلاد المتمثلة فى عائلة مبارك الدفع بكل قوى الغوغاء ضد البلد الشقيق باسم الكرامة الوطنية، وكيف لم يجد طوفان البكاء على كرامتنا المستباحة إلا أصواتًا قليلة عاقلة تتأمل هذا التهارش البغيض بين نظامين يبحثان عن شعبية زائفة من خلال اللعب بالنار. ومن المصادفات الدالة أنه فى ذات وقت تفجر أزمة الجزائر كان تقرير جديد لمؤسسة الشفافية الدولية يضع البلدين على درجة واحدة من مؤشر الفساد.
من حق السياسى أن يلعب، بل إن السياسة فى جوهرها هى فن التلاعب.
لعب مبارك بالنار، وبعد أن اقتربت الأزمة من حافة الحرب الحقيقية رأينا كيف تراجع هو وولده علاء الذى تقدم ليبز أخاه فى هذا الملف عن الاتهام. وصدرت الأوامر للبكائين فى الفضائيات بمسح دموعهم التمساحية الكذوب. وأخذت مصر تدارى الجزائر السكوت والأخيرة لا تريد أن تسكت. وأمام التراجع الذليل كانت القلة التى تفهم معنى الكرامة الوطنيةف والتى رفضت التهييج الغشيم ضد الجزائر هى التى تأذت وحزنت بسبب الانسحاب العشوائى المهين.
وما أشبه الليلة السوداء بالبارحة التى لا تفوقها ولا تقل عنها سوادًا؛ فالفرع يشبه أصله ويتبعه على طريق الخيبة.
منذ أن داهمت قوات الأمن بقوة مفرطة مكاتب بعض منظمات المجتمع المدنى فى ديسمبر الماضى، كانت القلة التى تفهم معنى دولة القانون ومعنى الكرامة الوطنية هى التى عارضت الدهم الغشيم وطلبت التروى فى إطلاق التهم الموجهة إلى منظمات المجتمع المدنى، بينما خاض خدم السلطة حربًا شعواء باسم الكرامة الوطنية المستباحة من هذه الجمعيات الغاشمة، علمًا بأن عملها معروف وعناوينها كذلك، ودورها لم يكن منكورًا فى توثيق جرائم مبارك على مدى سنوات حكمه وتقديم الدعم لقوى الديمقراطية، ولو فى حدود. كل الشرور ألصقت بالجمعيات والعاملين فيها، من اختراق السيادة الوطنية إلى التسبب فى انهيار العملة المصرية (بسبب عدة ملايين تتلقاها هذه الجمعيات)!
 السيناريو واحد: النفخ فى عرق الهيافة الوطنية والانتهاء بالتراجع الذليل وتوجيه أكبر إهانة للكرامة الوطنية التى هيجوا الناس باسمها فى البداية.
ربما الفرق كان فى منطلقات النظامين؛ فالمهارشة فى تصفيات التأهل لكأس العالم كانت بين نظامين يعانيان من افتقاد الشعبية، ليسا حبيبين ولا عدوين، لكن مصالحهما حكمت وكان كل منهما بحاجة إلى تلك المهارشة.
وأما المهارشة الجديدة فى تصفيات الثورة المصرية فتدور بين حبيبين، يريد طرفها الأمريكى تلميع صورة الطرف المصرى بإيجاد ملف وهمى صغير للخلاف، لكن المهارشة اتسعت وسبق الخدم الإعلامى مخدوميهم العسكر بخطوات، وانتهى الملف بإيذاء الكرامة المصرية وإهانة مؤسسة القضاء، المؤسسة الأعرق بين مؤسسات الدولة المصرية.
فى معركة الجزائر لم يتم التغرير بالقضاء المصرى وإحالة الملف إليه، بينما تم استدراجه إلى قضية سياسية فى أزمة جمعيات المجتمع المدنى المصرية والأمريكية بعد إلباسها ثوباً قانونياً.
ولا يمكن للقضاء أن يرفض نظر قضية استوفت إجراءات التحقيق المبدئى، وعلى هذا بدأ نظر القضية دون أن يتوقف الخدم عن شيطنة المتهمين واتهامهم بأبشع التهم ودون أن تتوقف السيدة التى أطلقت الاتهام عن التحريض على المتهمين، على الرغم من المفارقة المدهشة؛ فهى بصفتها وزيرة التعاون الدولى كانت يد مبارك الممدودة طلبًا للمساعدات من الغرب والشرق، وكان هذا سبب فخرها! ومن أراد أن يعرف تبعية الفرع إلى الأصل ومعنى ما نحن فيه الآن، عليه أن يراجع كتابات وفيديوهات ملف قضية الجزائر ويتأمل أسماء الخدم الإعلامى والدينى الذين قاموا بالتحريض على الجزائريين وبقوا فى مواقعهم ليقوموا بالتحريض على الثوار، ثم بقوا فى مواقعهم ليقوموا بالتحريض على منظمات المجتمع المدنى، وسيظلون فى مواقعهم ذخيرة جاهزة لكل فشل وقلة قيمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger