رسالة إلى مصر ما بعد مبارك !!
لا شك في أن التغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تثير قلقا شديداً لدى تل أبيب، وقد كان لسيطرة تيارات الإسلام السياسي خاصة جماعة "الإخوان المسلمين" على مقاليد الحكم والسلطة في بلاد الربيع العربي، أن وضع قادة الدولة العبرية أمام تحد كبير، دفعهم إلى الترقب الحذر لما تشهده سياسات دول الجوار من تغيرات، خاصة في مصر التي تملك واحدا من أقوى الجيوش النظامية المسلحة تسليحاً متطوراً، رغم معاهدة السلام التي عقدت بين الطرفين عام 1979 .
كتب أشرف كمال
وحكومة نتنياهو تدرك أن صناعة القرار السياسي في مصر باتت في يد جماعة "الإخوان المسلمين" التي تحمل أفكاراً مناهضة لإسرئيل، وأعلنت في أكثر من مناسبة دعمها وتضامنها مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" المسيطرة على قطاع غزة، والتي وجدت في مرسي طوق النجاة من جحيم الحصار السياسي والاقتصادي.
فيما نزلت تصريحات الرئيس المصري محمد مرسي برداً وسلاماً على إسرائيل حين أعلن في أكثر من مناسبة التزامه ببنود اتفاق كامب ديفيد، ومعروفة تلك الجهود التي بُذلت من جانب الولايات المتحدة لتحقيق هذا التغيير النوعي في توجه أحد قادة الإخوان الذي لطالما عارض الاتفاق وملاحقه الأمنية عندما كان في صفوف المعارضة.
ومع ذلك فرئيس الحكومة الإسرائيلية عبر عن قلقه من أن مرسي لم يذكر إسرائيل في خطاباته المختلفة منذ أن اعتلى عرش مصر، فبات الترقب العنوان الرئيس لمستقبل العلاقات بين تل أبيب والقاهرة في ظل غياب مبارك الذي حرص خلال سنوات حكمه على التمسك بعلاقات طيبة مع قادة إسرائيل، فيما كانت مواقفه من السلطة الفلسطينية والفصائل الأخرى بما فيها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" معروفة.
والحقيقة أن "حماس" ومنذ وصول مرسي إلى القصر الرئاسي في القاهرة، التزمت في كثير من الحالات بضبط النفس ولم تنجر وراء الاستفزازات الإسرائيلية، فلم يكن هناك ما يستدعي إشعال فتيل الحرب وتوتير المنطقة وسقوط الأبرياء من الأطفال والنساء في غزة المكلومة بالحصار تارة و بالعدوان الاسرائيلي المتواصل تارة أخرى، سوى توجيه رسالة بشكل غير مباشر إلى أكثر من طرف.
وبعيداً عن الداخل الإسرائيلي، فقد حملت نيران الأسلحة الإسرائيلية رسائل مختلفة لأطراف معنية بالوضع في المنطقة والقطاع، بداية من السلطة الفلسطينية التي تستعد للتوجه لى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على صفة دولة غير عضو في المنظمة الدولية، إلى حكام مصر ما بعد مبارك، مروراً بفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، فماذا سيكون الجواب.
هل تُجبر مصر على فتح الحدود بشكل كامل ودائم أمام قطاع غزة، لكي تبدأ الخطوة الأولى في المخطط الإسرائيلي للتنصل من مسؤولياتها تجاه القطاع كدولة احتلال، خصماً من سيادة مصر على أراضيها وسيادتها على شبه جزيرة سيناء؟
وهل يملك الرئيس المصري أوراقاً جديدة بعد استدعاء السفير، ودعوة مجلس الأمن الدولي لاجتماع عاجل، ووزراء الخارجية العرب لاجتماع طارئ، وتكليف رئيس الحكومة هشام قنديل بالسفر إلى غزة وسط القصف الإسرائيلي وإعلان تضامن مصر في مواجهة العدوان؟
قليلة تلك الأوراق التي تملكها القاهرة بعد مغادرة السفير الإسرائيلي إلى تل أبيب، فمع استمرار الهجوم على القطاع وسقوط الضحايا، فلم يعد أمام الرئيس محمد مرسي للضغط على الحكومة الإسرائيلية سوى خيارات محدودة تدور بين تجميد العلاقات الدبلوماسية، أو النزول بمستوى التمثيل الدبلوماسي، أو إعلان الانسحاب من اتفاق كامب ديفيد.
فهل يفعلها مرسي لإحراج تل أبيب التي سعت من خلال قصف غزة إلى إحراجه أمام المصريين والمجتمع الدولي؟!
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق