الأربعاء، 30 مارس 2011

لادينية .. ولامدنية

ماذا تعني الدولة الدينية ؟

الدولة الدينية .. مصطلح لاتعرفه الشعوب الإسلامية وإنما نشأ في أوروبا تحت مظلة المسيحية
الدولة الدينية .. في مصطلحهم .. الحاكم فيها إله .. أو مفوض من الإله ..
بمعنى أن قراراته لها قدسية مستمدة من الإله .. سواء كان ملكا أو مجموعة من الكهنة يسيطرون على الحكم ..
الدولة الدينية .. كانت تحكم أوروبا في العصور الوسطى .. التي كانت تسمى العصور المظلمة
الدولة الدينية .. عرفتها الشعوب الأوروبية المسيحية .. وهي دولة ملتصقة بتاريخ الدين المسيحي الذي كان يحكم قساوسته ورجاله على كل من يفكر أو يبدع بالهرطقة وممارسة السحر.. ويحكم على من يعارض الكنيسة بالإعدام كفرا لأنه عارض سلطة الإله ..
الدولة الدينية .. كانت ممارسة استبدادية لرجال الدين المسيحي كما ذكر القرآن الكريم عن اتباعهم ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله )
الدولة الدينية .. الغربية المسيحية .. أذاقت شعوبها الويلات وكانت وبالا وتخلفا وهزيمة لهم .. فكانت الثورات التي نادت بإسقاط الدولة الدينية .. مثل الثورة الفرنسية والثورة الشيوعية التي نادت بشنق آخر قيصر بامعاء آخر قسيس ..
الدولة الدينية .. لم تعرفها الحضارة الإسلامية ولا الشعوب المسلمة على مدار 1400 عام .. رغم أن بعض المستبدين على حين غفلة من المسلمين كانوا يستعينون بعلماء الشريعة لإخضاع شعوبهم .. لكن لم يكن هذا إلا تحايلا وخديعة ولم يكن أبدا سلطانا إلهيا ولاكهنوتا .. والشعوب المسلمة لم تعرف أبدا الشيخ الإله أو الحاكم المقدس .. إلا طوائف شاذة خارجة عن الاسلام .. شابهت المسيحية في معتقداتها ..

ماذا تعني الدولة المدنية ؟

الدولة المدنية .. قد تعني عند البعض الدولة الغير عسكرية .. التي لايحكمها العسكريين وهذه ليست موضوعنا ..
الدولة المدنية .. يقصد بها الدولة اللادينية .. ونشأ هذا المصطلح في أوروبا ويقصد به الدين المسيحي تحديدا .. لما لمنهجه من خصائص ناقصة وقاصرة عن متابعة التطور البشري اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا .. فاستبدلوه بالمناهج العلمانية ودعوا إلى الدولة اللادينية التي يطلق عليها الدولة المدنية .. فأصبحت العلمانية واللادينية هي المنهج الجديد للشعوب المسيحية لمواجهة مستجدات الحياة ..
الدولة المدنية .. تعني أن الدين في الكنيسة فقط .. وأما السياسة فلاعلاقة لها بالدين .. اي لادين في السياسة ولاسياسة في الدين .. وبالطبع المقصود هنا الدين المسيحي .. ومن شعاراتها دع مالقيصر لقيصر ومالله لله ..
الدولة المدنية .. قد تعني عند البعض مجموعة من الإجراءات التي تحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتحدد وسائل اختيار الحاكم وطرق إدارة البلاد ومايتعلق بذلك .. وهذا المعنى لاعلاقة له بكون الدولة مدنية أو دينية ..
لماذا ؟
لأن هذه الإجراءات والوسائل عندما كانت داخل الكنيسة وتحت سلطانها المطلق وبالحق الإلهي كانت - الدولة الدينية ..
ولما كانت بعيدة تماما عن سلطة الدين المسيحي أو معاييره رافضة لكل توجيه أو تسلط من قبل الكنيسة كانت - الدولة المدنية ..

إذن دينية ومدنية كانت مشكلة المسيحيين مع دينهم .. أما المسلمون فلم يكن هناك مشكلة ابدا مع دينهم الذي كان منارة لهم وللعالم وجعلهم أمة ملكت العالم 14 قرنا ونقلت النور إلى أوروبا والعالم .. وماحل بالمسلمين من ضعف وهوان إلا عندما ابتعدوا عن دينهم وساروا وراء مناهج الغرب طوعا أو كرها ..
لذلك فإن من يريد أن يطبق الدولة المدنية بهذا المعنى الغربي على الشعوب المسلمة فهو يسلك طريقا خطرا ومتعسفا يتناقض بالكلية مع عقيدة هذه الشعوب التي تشعر بأن دينها يكفيها ويحقق آمالها في الحرية والعدالة الإجتماعية ولاتجد مبررا في التخلي عنه سياسيا أو اجتماعيا او اقتصاديا لما لدينها من خصائص شاملة تختلف بالكلية عن الدين المسيحي ..

الدولة المدنية .. هذه التي يدعوا إليها هؤلاء في بلدنا .. تعني إقصاء الإسلام ومعاييره عن السياسة والحكم .. أو هذا مايريده الداعون إليها من العلمانيين والليبراليين .
الدولة المدنية .. تعني أن الحاكم على الشعب المسلم من الممكن ان يكون مسيحيا أو يهوديا أو هندوسيا أو بوذيا او ملحدا لايعترف حتى بوجود رب العالمين ..

الدولة المدنية .. تعني ان من حق المراة أن تتولى الحكم حتى لو كانت البلاد مليئة بالكفاءات والفحول من الرجال .. وحتى لو كانت هذه المراة راقصة فالدين ليس له دخل عند هؤلاء في الحكم
الدولة المدنية .. تعني أنه من الممكن أن تفتح بيوتا للدعارة إذا كانت ذا جدوى اقتصادية من منظور السلطة الحاكمة ..
الدولة المدنية .. تعني أن الشواذ يكون لهم حقوق .. حتى زواج الرجل من الرجل والمراة من المراة يكون حقا لكل شاذ .. لأنه لادخل عندهم للإسلام بالحكم ..
الدولة المدنية .. تعني أن كل عالم شريعة متخصص يضع لسانه في فمه ولايتكلم في شيء يتعلق بالحكم والسياسة حتى لو كان منصوصا عليه في القرآن .. لأنه لاسياسة في الدين ولادين في السياسة ..ولابد من تشغيل الآلة القمعية للسيطرة على هؤلاء الخارجين عن الدولة المدنية ..
الدولة المدنية .. تعني أن نجعل الاسلام تعسفا وغصبا مثل الدين المسيحي علاقة بين العبد وربه فقط وليس علاقة بين العبد ومجتمعه ووطنه ..
الدولة المدنية .. وبهذا المعنى .. لاهوية لها .. وتشريعاتها لامرجعية لها .. إلا الماركسية او الراسمالية أو الليبرالية أو أهواء الناس .. التي بالطبع يسيطر عليها من يملك المال والإعلام ..
الدولة المدنية .. المستوردة من الغرب .. تعني أن نضع القرآن والشريعة الإسلامية السمحاء في الأدراج ولانخرج القرآن إلا للتبرك .. ولاداعي حتى للتبرك لأننا سنكون مشغولين ببناء دولتنا المدنية ..
الدولة المدنية .. تعني باختصارالتبعية الفكرية والسياسية والإقتصادية للمستعمر الغربي ..

إذن مالعمل ؟؟
الإعلام العلماني دائما مايضع لنا خياراتنا .. وللأسف لايستطيع الكثيرون منا التفكير خارج هذه الخيارات .. وهم يطرحون لنا إما الدولة المدنية اللادينية وإما الدولة الدينية بالمفهوم الكنسي .. تشويها وعمدا .. وبالطبع سنختار الدولة المدنية بدلا من الدولة الدينية .. وللإعلام قصة أخرى سنتحدث فيها فيما بعد إن شاء الله ..

ولكن .. هناك حل آخر .. ودائما هناك حل آخر غير مايطرحه الإعلام االمصري المتغرب .. هناك .. حل ..


الدولة الإسلامية

الدولة الإسلامية .. ليست دولة دينية بالمعنى الكنسي .. وليست دولة مدنية بالمعنى الغربي ..
الدولة الإسلامية .. ليس فيها سلطة إلهية لحاكم أو سلطان .. الكل خاضع للدستور والكل مسؤول ومحاسب أمام الشعب ..
الدولة الإسلامية .. تجعل الشعب مصدر السلطات .. فلا احد يستطيع أن يفرض على الشعب حاكم لايريده .. ولاأحد فوق المسائلة .. والشعب يراقب ويضمن أن القوانين تسن وفقا للدستور الذي يؤمن به الشعب ..
الدولة الإسلامية .. هي أول من وضعت للشعوب دستورا يستمدون منه التشريعات والقوانين .. دستورا متكاملا .. لم تفرضه أغلبية على أقلية ولا أقلية على أغلبية ..
الدولة الإسلامية .. دولة مدنية لاتؤسس بعيدا عن المعايير الربانية والأخلاقية .. بل هي دولة مدنية ذات مرجعية قرآنية ..
الدولة الإسلامية .. قمة الحرية والعدالة .. ومهما كان اختيارك فيها سواء كنت مع الأغلبية أو مع الأقلية .. فأنت مطمئن لأنك داخل دائرة الدستور الرباني ..

ولازال السؤال قائما .. مالعمل ؟؟

أقول .. بما ان الدولة الإسلامية دولة مدنية ذات مرجعية اسلامية .. إذن فإن كثيرا من الإجراءات التي تتخذ الآن مقبولة ..

مجلس شعب .. انتخابات رئاسة .. وضع دستور .. سن قوانين .. رسم سياسات ..
كل ذلك مقبول بشرط .. شرط يجب ان نحرص عليه ..
وهو أن يكون كل ذلك بما لايخالف الشريعة المطهرة المستمدة من دستورنا الحقيقي .. القرآن
  • فالدستور .. يجب أن يكون محددا لهويتنا .. وأن يكون هناك نص فيه على كون الشريعة مصدرا للقوانين والتشريعات الأخرى .. والا يكون هناك بند في هذا الدستور مخالفا لهذا ..
  • والانتخابات والاستفتاءات .. تكون موازيننا فيها وفقا لمعايير الشريعة وتحقيقا لأهدافها ..
  • وأن نحرص على ألا يوضع في موضع المسؤولية من تتناقض رؤاه وأفكاره ومعتقداته مع الإسلام وشريعته ..
  • والقوانين الصادرة .. نحرص على ألا يصدر منها ماهو مناقض للشريعة ومخالف للدستور ..
  • والسياسات .. يجب أن تتضمن أهدافا للحفاظ على مقاصد الشريعة ..
  • وأن نعلم أن حفظ هويتنا الإسلامية و ديننا الذي هو ضمان لأمننا ورفعتنا .. مقدم على كل مطلب في الحياة حتى لو كانت أرواحنا ..
وكلمة أخيرة لكل مصري ..

لاتخجل من أن تصرح بدينك .. ولاأن تعلي صوتك بالحق .. فيما لايخجل العلمانيون والرافضون للإسلام كمنهج حياة من أن يرفعوا أصواتهم .. لاتخجل فإنهم ليسوا على شيء .. وحججهم فارغة إلا من التلون والأكاذيب وزخرف القول .. ولايحركهم إلا صورة مشوهة في عقولهم عن الاسلام .. او انبهار وهزيمة نفسية أمام الغرب القوي في نظرهم ..
لاتخجل .. فأنت مسلم ودينك لامثيل له .. هو دستور أخلاق .. وشريعة حياة .. دستور ليس من وضع بشر .. أنت مسلم ولك أن تفخر بذلك على من نحى دينه جانبا واستورد منهجا من الخارج لكي يحكم حياته ..
لاتخجل .. واصدح بها عاليا ..

لادينية ولامدنية .. إسلامية .. إسلامية

الكاتب : عصام محمد - إعلامي مصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger