الأحد، 25 نوفمبر 2012

التأميم التالى!


قرارات الدكتور مرسى يوم الخميس الماضى (تأميم سياسى). التأميم هو أن تستولى سلطة على شىء لا تملكه. غالباً ما تدّعى أن هذا للصالح العام. فى العادة التأميم الاقتصادى يسبق التأميم السياسى. فى الأغلب يكون التأميم الإعلامى مصاحباً لأى منهما. بدأ الدكتور مرسى بتأميم مصر سياسياً وقضائياً لصالح جماعة يمثلها فى السلطة. من الطبيعى أن يتخذ إجراءات لتأميم المنشآت الاقتصادية والإعلامية والدينية. الصمت من جانب فئات المجتمع على قرار بالتأميم يؤدى إلى صدور القرارات الأخرى. يتم تأميم المجتمع كله.
صمتت المعارضة، لأسباب لها علاقة بمستوى النضج السياسى، عن تأميم الرئيس سلطة تشريع القانون. نتيجة لذلك أمم الرئيس سلطة تطبيق القانون. القضاء. انقسمت المعارضة حول ما إذا كان من حق الرئيس عزل النائب العام. لا يجوز له ذلك وفق نص صريح. أدى هذا إلى إقدامه على أن يعزل القضاء كله. احتكار السلطة برمتها فى قبضة الرئيس يعنى أن المجتمع (عبيد إحساناته)!!
الخطورة ليست ضد الديمقراطية وحدها. المصريون العاديون قد لا يهتمون بأمور الديمقراطية. هذه المرة ألاحظ اهتماماً غير طبيعى بالأحداث ومعانيها من مواطنين عاديين. الخطورة أن قرارات الدكتور مرسى تؤثر على كل شىء من سعر رغيف العيش إلى انتخابات الرئاسة وتداول السلطة. الذى لا يريد من أحد أن يراجعه فى قرار أصدره سوف يصدر قرارات أخرى محصنة لا رجعة فيها: سعر البنزين. سعر الرغيف. سعر أنبوبة البوتاجاز. سعر الكهرباء. كلها تتعلق باشتراطات مفروضة على الحكومة المصرية من صندوق النقد الدولى. لن يكون من حق أى أحد أن يراجع قراراً للدكتور مرسى. الإخوان ليست لديهم مشكلة. فى يدهم (مفتاح الكرار).
لدى الدكتور مرسى مشكلة معلنة مع ٣٢ أسرة. هو يرى أنها السبب فى مشاكل البلد. لم يعلن تلك القائمة. قد يصدر قراراً بتأميم أملاك تلك الأسر. الذين يعترضون لا يمكن لهم أن يراجعوه. إذا غضب من أى شركة طلب منها طلباً لم تستجب إليه يؤممها. إذا كانت حكومته تواجه مشاكل فى التمويل سوف تتجه أيضاً إلى الحصول على هذا التمويل إجبارياً من الرأسماليين المصريين بتأميم مؤسساتهم. الرئيس لا أحد يرد قراراته. ولا يناقش. ومن يعترض عليه فقد يكون فى رأيه خائناً أو مأجوراً أو كافراً.
الطبيعة القراقوشية تنذر بالكثير. لن يكون من حق الإعلام أن ينتقد. أو يكشف. الإعلام مهدد فى مصيره. سوف يتم تأميمه بالخوف. أو يتم تأميمه مباشرة لحماية مكتسبات الثورة. حسب مقياس الدكتور مرسى. ما يحدث الآن، إذا لم يتراجع الدكتور مرسى عن قراراته الغريبة العجائبية، هو (حلاوة روح) للإعلام. المشهد الأخير قبل الموت. وزير الإعلام طلب منذ أسابيع من الحكومة ألا تعلن فى القطاع الخاص. صمت الإعلام عن قرار خطير. حدث إجراء تعسفى ضد قناة دريم. صدرت قرارات الدكتور مرسى يوم الخميس. ليس بعد ذلك من بصيص أمل فى أى حرية للإعلام. هل يمكن أن يمنع أحد الدكتور مرسى من أن يفرض الرقابة على الصحف ومحطات التليفزيون؟!
القادر على تكميم فم السياسيين والإعلاميين يمكنه أن يكمم فم الشيوخ. لن يكون من حق أى رجل دين أن يقول ما يخالف الإخوان. سيبعد عن المنبر أو يتم تكفيره. لم أستبعد احتمالات إزاحة شيخ الأزهر الإمام الأكبر. الذى يطيح بالمجلس الأعلى للقضاء ويهاجم المحكمة الدستورية علناً يمكنه فعل أى شىء. أى عامل لن يكون من حقه الإضراب. أى طالب لن يكون من حقه الاحتجاج. أى موظف لن يكون من حقه أن يطلب تحسين أوضاعه. المصلحة يقررها الدكتور مرسى. القرار فى يده وحده. لا رجعة فى قراره. لا رادَّ لما يأمر به. هكذا يقول عن نفسه فى الإعلان الدستورى!!
مضمون قرارات الدكتور مرسى توجيه رسالة ترويع لكل من له صوت فى المجتمع: صوت سياسى. صوت اقتصادى. صوت إعلامى. صوت دينى. صوت عمالى. إذا خاف المجتمع لن تتوقف قرارات الدكتور مرسى. سوف يمضى إلى ما هو أبعد. جماعة الإخوان تريد مجتمعاً خاصاً بها. لا يشاركها فيه أحد. تريد أن تتكلم وأن تحكم وأن تعمل وحدها. الدكتور مرسى يتسق مع ما تريد الجماعة.
newton_almasry@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger