الاثنين، 18 أبريل 2011

ماذا يحدث في قنا ؟



جمال سلطان | 18-04-2011

هذه رسالة قاسية ومريرة أرسلها مثقف صعيدي رفيع ساءه هذا التجاهل والاستخفاف الرسمي والإعلامي بما يحدث في قنا هذه الأيام ، فكتب في رسالته يقول :
أين مجلس " الكواعب الأتراب" المسمى مجازا ( المجلس القومي لحقوق الإنسان ) مما يحدث في محافظة قنا منذ ثلاثة أيام؟ هذا المجلس الذي اقتصر على أصفياء ( الجمل) ومقربيه وخلا من أي شخصية من أهل الصعيد الحقيقيين المقيمين به وهم الأعلم بهذا الكم الهائل من الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان !!
عشرات الآلاف يبيتون الليل على قضبان السكك الحديدية ويقطعون الخط بالنخيل والفلنكات والخيام والأجساد من يوم الخميس حين ظهر اسم اللواء عماد شوقي ميخائيل بوصفه محافظا مقترحا لمحافظتهم بديلا للواء مجدي أيوب الذي حكم البلد ست سنوات عجافا حدثت خلالها أكبر مجزرة للأقباط في تاريخ الصعيد في نجع حمادي بتخطيط محكم من قيادات الحزب المنحل كما قيل .
من ساعتها وهناك تجاهل تام لمحافظة هي – جغرافيا – أطول محافظة مصرية امتدادا على سكة الحديد وعلى النيل ، وهي – تاريخيا- البلد الذي قدَّم أجمل دروس الوحدة الوطنية حين كان بندر قنا في الأربعينيات يختار – أحيانا - للبرلمان وليم مكرم عبيد باشا القبطي ، ويُسقط أكثر من مرشح بارز من المسلمين .[ حدث هذا في انتخابات 1924، 1926، 1930 ، 1936 ، 1942 ، 1945 ]
الذين صنعوا هذا التاريخ المجيد قبائل عربية نظيفة الأعراق ، لم تتلوث دماؤها بأية ملوثات، من الأشراف الحسينيين والحسنيين والجعافرة والهوارة والعرب بمختلف قبائلهم.
وهذه المحافظة – إبداعيا – هي التي قدمت لمصر أمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي وعبد الرحيم منصور ويحيى الطاهر عبد الله وبهاء طاهر في السنوات الخمسين الأخيرة ، وقدمت قبلهم عشرات الأسماء اللامعة في تاريخ مصر مما يحتاج عرضه إلى كتب لا إلى سطور في مقال .
هذه الجماهير المعتصمة منذ أيام لها سؤالان منطقيان لم تجد عنهما جوابا لا من الوزارة ولا من المجلس العسكري ولا من مجلس الكواعب الأتراب وهما :
- إذا كان النظام الفاسد قد سقط ، فكيف يبقى فكره متحكما ؟ ذلك الفكر الذي درج لعشرات السنين على اختيار لواءات الشرطة كمحافظين للصعيد ؟ واختيار القضاة وأساتذة الجامعات لمحافظات الدلتا ؟
- وإذا كانت تجربة اختيار محافظ قبطي قد اختيرت لها قنا لست سنوات خلت وتسببت حساسية الديانة في غلِّ يد المحافظ السابق عن اتخاذ القرار الصواب في أحيان كثيرة ، فلماذا تتكرر التجربة ؟ ولماذا مع قنا وحدها دون غيرها ؟
هذان السؤالان لم يجدا إجابةً ، ولا توقيرا ، ولا احتراما لإرادة الناس ، ولا حتى مجرد بيان توضيحي ، مما فتح الباب أمام سيل من الإشاعات التي أصبحت تتردد على ألسنة الناس ، وفي مقدمتها أن المحافظ الجديد كان ممن شاركوا في الاعتداءت التي وجهت إلى صدور الثوار في ميدان التحرير .

والجريمة الأشد والأنكى – بعد جريمة تجاهل مشاعر الناس لعدة أيام – هي هذا الأسلوب القميء القذر المتخلف الذي تعامل به قطاع الأخبار في التليفزيون مع الاحتجاجات ، ففي كل النشرات التي تابعناها ، كان اسم ( ميخائيل ) لا يُنطَق عند ذكر اسم اللواء / عماد شوقي ميخائيل ويتم الاكتفاء بذكر الاسمين الأوَّليْن كمحاولة للإيحاء بأن الاعتراض هو فقط على كونه ضابط شرطة ، وفي مرات كثيرة ، ما إن يبدأ صوت مراسل التليفزيون في ذكر السبب الثاني المتعلق بكونه قبطيا ، حتى ( تفشخ ) قارئة النشرة أنيابها وتقول ( شكرا أسامة الهواري مراسلنا من قنا) وتنتقل إلى جدول.... التدليس الذي عايشناه ستين عاما في نشراتنا القبيحة .
أهذا هو الإعلام بعد الثورة ؟ حجب الحقائق ؟ وتزييف الأسماء؟ والملايين هنا في بلادنا تعلم أن التلفاز يكذب ؟ أيها الرئيس الجديد لقطاع الأخبار . يا سيادة النائب العام .. يا د. عصام شرف ... يا قادة ائتلاف شباب الثورة ... هذا بلاغ رسمي ضد الصورة التي تم بها تغطية خبر الاحتجاجات التي ما تزال مستمرة في قنا .

واليوم بدأ طلاب الجامعة بقنا في محاصرة أساتذتهم ، وغدا ستكثر جرائم السرقة والقتل وقطع الطرق ... مادام أصحاب القرار لا يريدون أن يسمعوا صوت بلاد تنتفض بعد اضطهاد مائة عام من القهر والكبت .
انتهت الرسالة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger