الثلاثاء، 19 أبريل 2011

كارثة عنوانها "يحيى الجمل"



جمال سلطان | 19-04-2011

أصابتني حيرة كبيرة في فهم الدكتور يحيى الجمل ، وازدادت حيرتي بعد اندفاعه وراء عواطف متشنجة وغاضبة لا تليق بسنه وخبرته تجاه انتقادات متتالية لمواقف وسلوكيات وتصريحات وقرارات صدرت عنه وكانت صادمة للرأي العام ، وأكاد أجزم أنه لا يوجد تيار سياسي في مصر لم يصدم من موقف أو تصريح أو سلوك من التي صدرت عن يحيى الجمل خلال الشهرين الأخيرين ، بدءا من دفاعه الأسطوري عن أحمد شفيق ووزارته ووصولا إلى اختيارات المثيرة للغثيان لأعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان بتشكيلته الجديدة .

الأحداث الأخيرة أعطت انطباعا بالخفة في سلوكيات ومواقف يحيى الجمل ، فقد كان كلامه في حق الله تعالى واستخفافه واستظرافه في مقام رهيب لا يليق به إلا الجلال والتقديس والتسبيح ، كان مؤشرا على أن انفلاتا أصاب الرجل وحرمه من تبصر مواضع كلامه وألفاظه ، كما أنه ورط الرجل المحترم والطيب الدكتور عصام شرف في بعض الأسماء التي رشحها للوزارة ، منها وزير الثقافة عماد أبو غازي الذي كان واحدا من أسوأ رجالات فاروق حسني ، وهو الذي طبخ لعبة جوائز الدولة الأخيرة التي أثارت استياء الجميع لمستوى الفجاجة والاستهبال الذي تميزت به حتى أنه منحها لشخص مزور لشهادة الدكتوراة ولا يمكن أن يعطى حتى شهادة تقدير من مركز ثقافة قرية صغيرة ، فضلا عن جائزة الدولة ، وعماد أبو غازي الذي ولاه يحيى الجمل وزارة ثقافة مصر العربية الإسلامية واحد من أشهر من يعادون هوية مصر العربية الإسلامية ، وكتاباته منشورة وموثقة ولا تحتاج إلى كثير شرح ، ولكنه يرتبط مع يحيى الجمل بعلاقة خاصة منذ أيام تزاملهما في حزب التجمع اليساري وهي العلاقة التي ورطت يحيى الجمل في مزيد من الوحل .

ومن هذا الوحل اختيار الجمل لشخصية صحفية من أعداء الثورة المصرية التي يتحدث باسمها الآن يحيى الجمل ، وأنها التي أتت به إلى الوزارة ، اختار الجمل هذه الشخصية التي طالما عادت الثورة وشهرت بالمشاركين فيها كما كان أحد خدم أحمد عز في جريدته الملاكي التي تمت الإطاحة بكل قياداتها ، وكل مواهبه أنه كان صديقا ليحيى الجمل وزميلا له عندما كان عضوا في حزب التجمع ، والأمر نفسه مع مجموعة من اليساريين الذين يطيب له السمر معهم وتزجية أوقات الفراغ .

كما لاحظت أن الدكتور يحيى الجمل بدأ يستسهل الشتائم والتجريح وتعمد الإهانة لكل من يختلف معه أو ينتقده ، دون أن يتحسب لأن الجميع لديهم ألسنتهم أو أقلامهم أو عرائضهم التي يمكن أن يجرجروه بها إلى المحاكم والنيابات ، وكان أولى به وهو في هذا السن أن يكون أكثر وقارا وحكمة في احتواء الأمور ، ولكن يبدو أنه حصاد السنين وما قدمه مما عرفنا وما لم نكن نعرف ، يأبى الحكم العدل إلا أن يكون ختامه متوافقا مع قانون العدل الإلهي بين الخلق .

والدكتور يحيى الجمل يفتقر إلى أبسط معايير الكياسة واللطف في العمل العام ، فلم ينتبه أبدا إلى حساسية تحريضه ـ وهو مسؤول رسمي ـ على دستور الدولة ، لأنه ينص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع ، ويتهكم على ذلك وعلى النص على أن دين الدولة هو الإسلام ويسخر من ذلك بشكل مهين دون مراعاة أي مشاعر للغالبية العظمى من المصريين ، كما يتباهى كثيرا بصداقته العميقة مع البابا شنودة ويكتب فيه غزلا ومديحا يصعب تصوره في بشر ، بينما لا يذكر أبدا أي صداقة له عميقة مع رجل دين "عالم" مسلم له حضوره الديني والاجتماعي المماثل أبدا ، بل ينفر من ذلك .

وكان صديق قد نبهني إلى عبارة قالها يحيى الجمل قبل حوالي ثلاث سنوات ، وتحديدا في أول سبتمبر 2008 في مقال نشره في المصري اليوم تحت عنوان "سيدي الرئيس" ، وسيده المقصود هو الرئيس مبارك ، وقال فيه بالحرف الواحد "أنا يا سيدي الرئيس بلغت من العمر ما أدرك معه جيداً أنني لا أصلح لأي منصب ولا يصلح لي أي منصب، اللهم إلا تلك المحاضرة التي ألقيها بين الحين والحين علي طلابي في معاهد العلم" ، ولو أن يحيى الجمل كان صادقا مع نفسه وأمينا مع ما قال ، والتزم هذا الاعتراف الصريح الذي يدركه من نفسه وقدراته ، لامتنع عن تولي أي مسؤولية رسمية ، وأنا أدعوه إلى إعادة قراءة مقاله ذاك ، والالتزام بما ألزم به نفسه أمام الوطن وأمام الرأي العام ، وأن يقدم استقالته على الفور من منصبه كأسوأ نائب رئيس وزراء في مصر .

almesryoongamal@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger