البلدان العربية يمكن أن تستفيد أيضا من التجربة السويسرية
بقلم : إصلاح بخات- swissinfo.ch
"ما تمرّ به بعض دول المنطقة العربية يمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء الدولة على أساس يحترم مفهوم المواطنة المُتساوية والتعددية القائمة ضمن إطارها". هذه هي قناعة الدكتورة إلهام مانع، الأستاذة المشاركة في معهد العلوم السياسية بجامعة زيورخ وعضوة اللّجنة الفدرالية السويسرية لشؤون المرأة.
وتعتقد الخبيرة المختصة في شؤون الشرق الأوسط، والحاملة للجنسيتين اليمنية والسويسرية، أن الديمقراطية المباشرة السويسرية "في ارتباطها بالنظام الفدرالي قد تكون نموذجاً يمكن اللّجوء إليه" في بعض بلدان الربيع العربي، مشيرة إلى ضرورة "موائمتها مع الواقع المحلي في الدول المعنية".
بحكم مشاركتها في العديد من الندوات والمؤتمرات داخل سويسرا وخارجها حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبحكم ترددها بانتظام على عدد من البلدان العربية لأغراض بحثية وعلمية، لمست الدكتورة إلهام مانع اهتماما متزايدا لدى محاوريها في الأوساط الأكاديمية والحقوقية العربية بنظام سويسرا الفدرالي وديمقراطيته المباشرة، والذي يمكن أن تجد فيه بعض بلدان المنطقة، وخاصة تلك التي تتعدد فيها القبائل واللغات والديانات والمذاهب والمناطق...، ما يساعدها على بناء دولة الغد.
وفي أجوبتها على أسئلة swissinfo.ch، تعرض الدكتورة إلهام مانع تقييمها لخصائص الديمقراطية المباشرة في سويسرا، بمحاسنها و"مساوئها"، وتذكر البلدان العربية التي يمكن أن تقتدي في نظرها بالنموذج السويسري أو تستفيد من بعض جوانبه لإعادة بناء منطقة تشهد حراكا سياسيا واسعا يــدعو إلى تغيير الدساتير لضمان احترام الحقوق الأساسية للمواطنين ومراعاة اختلافاتهم. كما تــشير الخبيرة مانع إلى البلد العربي الأكثر قابلية لانتهاج مسار ديمقراطي مستوحى من التجربة السويسرية، وإلى الصعوبات التي قد تواجهها بلدان الربيع العربي لاعتماد ممارسات الديمقراطية المباشرة.
وفي أجوبتها على أسئلة swissinfo.ch، تعرض الدكتورة إلهام مانع تقييمها لخصائص الديمقراطية المباشرة في سويسرا، بمحاسنها و"مساوئها"، وتذكر البلدان العربية التي يمكن أن تقتدي في نظرها بالنموذج السويسري أو تستفيد من بعض جوانبه لإعادة بناء منطقة تشهد حراكا سياسيا واسعا يــدعو إلى تغيير الدساتير لضمان احترام الحقوق الأساسية للمواطنين ومراعاة اختلافاتهم. كما تــشير الخبيرة مانع إلى البلد العربي الأكثر قابلية لانتهاج مسار ديمقراطي مستوحى من التجربة السويسرية، وإلى الصعوبات التي قد تواجهها بلدان الربيع العربي لاعتماد ممارسات الديمقراطية المباشرة.
swissinfo.ch: كيف تنظرون لنظام الديمقراطية المباشرة في سويسرا؟ وما هي إيجابياته وسلبياته في رأيكم؟
د. إلهام مانع: أنا أحيا في ظل هذا النظام كمواطنة وأتمتع، مثل غيري من المواطنين والمواطنات بمميزاته، والتي تتمثل تحديداً في المواطنة المتساوية أمام القانون. نظام الديمقراطية المباشرة المطبق في سويسرا احتاج إلى قرون عديدة من التطور والممارسة حتى وصل إلى المرحلة التي نعايشها اليوم. أهم مميزاته هي إشراك المواطنين والمواطنات في اتخاذ القرارات التي تمس حياتهم وحياتهن بشكل مباشر.
كل عام نُصوت هنا، على سبيل في كانتون برن، نحو أربع مرات في قضايا تمس المستوى الفدرالي، الكانتون، ثم البلدية التي نعيش فيها. هذا النظام يتيح أيضاً للمواطنين والمواطنات إمكانية إجراء استفتاء على قضايا وقوانين تهمهم وتهمهن في حال تمكنوا وتمّكن من جمع 50 ألف توقيع خلال فترة زمنية معينة. لكن لعل الميزة الأساسية للنظام، التي لها علاقة بواقعنا في البلدان العربية، تتعلق باحترام التعددية اللغوية والدينية والثقافية وحقوق الأقليات من خلال تطبيق النظام الفدرالي ضمن إطار الديمقراطية المباشرة.
سلبيات النظام أراها في جانبين. الأول أنه نظام مكلف للغاية. كما أشرت في السابق، كل عام هناك على الأقل أربع استفتاءات وعمليات تصويت. وهي عمليات تتم باللغات الأربعة للدولة، وهذا يكلف الكثير من المال. السلبية الثانية والأهم في رأيي، هو أنه في حال عدم ربط هذا النظام بحقوق أساسية للمواطنين والمواطنات، من الممكن أن يؤدي إلى طغيان الأغلبية. ورغم ندرة هذه الإمكانية، إلا أنه حدث فعلاً، على سبيل المثال في استفتاءين أديا إلى تمرير "قوانين تمييزية" ضد أتباع المذهب الكاثوليكي في القرن التاسع عشر (منع الآباء اليسوعيين من المشاركة في وظائف تربوية أو دينية)، أو في الفترة الحالية ضد أتباع الدين الإسلامي (منع بناء المآذن). لم يكن مستغرباً لذلك ارتفاع العديد من الأصوات المطالبة بضرورة تقييد الاستفتاءات بإنشاء هيئة تراجع مدى موائمة مضمون الاستفتاء مع مفاهيم الحقوق الأساسية للمواطنة.
كل عام نُصوت هنا، على سبيل في كانتون برن، نحو أربع مرات في قضايا تمس المستوى الفدرالي، الكانتون، ثم البلدية التي نعيش فيها. هذا النظام يتيح أيضاً للمواطنين والمواطنات إمكانية إجراء استفتاء على قضايا وقوانين تهمهم وتهمهن في حال تمكنوا وتمّكن من جمع 50 ألف توقيع خلال فترة زمنية معينة. لكن لعل الميزة الأساسية للنظام، التي لها علاقة بواقعنا في البلدان العربية، تتعلق باحترام التعددية اللغوية والدينية والثقافية وحقوق الأقليات من خلال تطبيق النظام الفدرالي ضمن إطار الديمقراطية المباشرة.
سلبيات النظام أراها في جانبين. الأول أنه نظام مكلف للغاية. كما أشرت في السابق، كل عام هناك على الأقل أربع استفتاءات وعمليات تصويت. وهي عمليات تتم باللغات الأربعة للدولة، وهذا يكلف الكثير من المال. السلبية الثانية والأهم في رأيي، هو أنه في حال عدم ربط هذا النظام بحقوق أساسية للمواطنين والمواطنات، من الممكن أن يؤدي إلى طغيان الأغلبية. ورغم ندرة هذه الإمكانية، إلا أنه حدث فعلاً، على سبيل المثال في استفتاءين أديا إلى تمرير "قوانين تمييزية" ضد أتباع المذهب الكاثوليكي في القرن التاسع عشر (منع الآباء اليسوعيين من المشاركة في وظائف تربوية أو دينية)، أو في الفترة الحالية ضد أتباع الدين الإسلامي (منع بناء المآذن). لم يكن مستغرباً لذلك ارتفاع العديد من الأصوات المطالبة بضرورة تقييد الاستفتاءات بإنشاء هيئة تراجع مدى موائمة مضمون الاستفتاء مع مفاهيم الحقوق الأساسية للمواطنة.
ماذا يُقصد بمصطلح:
من خلال متابعتكم الأكاديمية والميدانية، هل لمستم اهتماما متزايدا بنظام الديمقراطية المباشرة السويسرية في المنطقة العربية عموما، وبلدان الربيع العربي خصوصا؟
د. إلهام مانع: نعم. الاهتمام يأتي من الجانبين، السويسري والعربي. الجانب السويسري يتساءل عما إذا كانت هناك إمكانية للتعاون مع دول المنطقة في مجال تبادل الخبرات، خاصة في مجال العمل الديمقراطي. على سبيل المثال، كنت مدعوة لحضور ندوة في الرابع من مارس 2012 في فعالية "اليوم الديمقراطي" السنوية لمركز الديمقراطية في آراوا، التابع لجامعة زيورخ. كانت الفعالية مخصصة تحديداً للربيع العربي، والسؤال الذي تم طرحه هل يمكن للتجربة السويسرية أن تقدم نموذجاً يمكن تطبيقه في بعض بلدان المنطقة. كان الاتفاق بين المشاركين والمشاركات في الندوة (من وزارة الخارجية السويسرية، البرلمان السويسري، منظمات المجتمع المدني، إضافة إلى أكاديميين) على أن هناك جوانب يمكن الاستفادة منها، لكن أي تعاون في هذا المجال لابد أن يقوم على مبدأ الاحترام متبادل، وعلى رغبة الطرف العربي في تبادل الخبرات.
نفس السؤال كان ولازال مطروحاً في بعض بلدان المنطقة العربية، وتحديداً في سوريا، اليمن، وليبيا، عن إمكانية استخدام جوانب من النظام السويسري، وتحديداً في الشق الفدرالي منه، كإطار يحترم التعدّدية القائمة في تلك المجتمعات ويجنبها اللجوء إلى خيار الانفصال.
نفس السؤال كان ولازال مطروحاً في بعض بلدان المنطقة العربية، وتحديداً في سوريا، اليمن، وليبيا، عن إمكانية استخدام جوانب من النظام السويسري، وتحديداً في الشق الفدرالي منه، كإطار يحترم التعدّدية القائمة في تلك المجتمعات ويجنبها اللجوء إلى خيار الانفصال.
الدكتورة إلهام مانع هي أيضا مؤلفة وناشطة في مجال حقوق الإنسان، ومستشارة لوكالات حكومية سويسرية ولمنظمات حقوقية دولية (zVg)
الديمقراطية المباشرة السويسرية لم تسقط من السماء بل انطلقت من قاعدة المجتمع وقامت بعد حروب ونزاعات بين مكونات الشعب المختلفة لغويا ودينيا وثقافيا، والوضع الآن في بعض بلدان الربيع العربي يمثل فرصة تاريخية قد تتيح إعادة ترتيب الأوراق من أسفل الهرم. هل تؤيدين هذا الرأي؟
د. إلهام مانع: نعم. أؤيد هذا الرأي. ما تمر به بعض دول المنطقة يمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء الدولة على أساس يحترم مفهوم المواطنة المتساوية والتعددية (دينية، مناطقية، قبلية، مذهبية، لغوية..) القائمة ضمن إطارها.
معظم الدول العربية نشأت في فترة المد القومي العربي، وهو مدّ كانيصر على عدم الاعتراف بالهويات المتعددة القائمة داخل أطر الدولة العربية، فما بالك بين الدول العربية نفسها. الدولة العربية في كل الأحوال، سواء كانت ملكية أو جمهورية، قامت على أسس هشة، وغياب شرعية الأنظمة القائمة دفعها إلى البحث عن دعم "القبيلة" أو "الإقليم" أو "المذهب" لضمان بقاءها. ومع الوقت، تحولت الدولة إلى حارس "شخصي" لمصالح "أقلية" قبلية، إقليمية أو مذهبية. لم تمثل الدولة وطناً لذلك. ولأن الدولة لم تكن يوماً حامية للمواطن والمواطنة بدون تمييز، اضطر المواطنون والمواطنات إلى الانكفاء على هوياتهم وهوياتهن التقليدية. هذا التشطير في الهوية، وغياب الهوية الوطنية لازال قائما. ولذا التحدي اليوم هو في البحث عن صيغة تعيد بناء هذه الدول على أساس يحترم التعددية القائمة ضمن مجتمعاتها مع ضمان المواطنة المتساوية.
معظم الدول العربية نشأت في فترة المد القومي العربي، وهو مدّ كانيصر على عدم الاعتراف بالهويات المتعددة القائمة داخل أطر الدولة العربية، فما بالك بين الدول العربية نفسها. الدولة العربية في كل الأحوال، سواء كانت ملكية أو جمهورية، قامت على أسس هشة، وغياب شرعية الأنظمة القائمة دفعها إلى البحث عن دعم "القبيلة" أو "الإقليم" أو "المذهب" لضمان بقاءها. ومع الوقت، تحولت الدولة إلى حارس "شخصي" لمصالح "أقلية" قبلية، إقليمية أو مذهبية. لم تمثل الدولة وطناً لذلك. ولأن الدولة لم تكن يوماً حامية للمواطن والمواطنة بدون تمييز، اضطر المواطنون والمواطنات إلى الانكفاء على هوياتهم وهوياتهن التقليدية. هذا التشطير في الهوية، وغياب الهوية الوطنية لازال قائما. ولذا التحدي اليوم هو في البحث عن صيغة تعيد بناء هذه الدول على أساس يحترم التعددية القائمة ضمن مجتمعاتها مع ضمان المواطنة المتساوية.
قمتم بأبحاث معمقة حول الديمقراطية في عدد من البلدان العربية، هل تعتقدون أن الديمقراطية المباشرة على الطريقة السويسرية يمكن أن تشكل (كليا أو جزئيا) حلا لتسوية بعض الأوضاع الشائكة (مثل مسألة الأقليات التي ذكرتموها، أو اقتسام السلطة وتوزيع الثروة) في المنطقة العربية؟
د. إلهام مانع: أعتقد أن الديمقراطية المباشرة في ارتباطها بالنظام الفدرالي قد تكون نموذجاً يمكن اللجوء إليه. بالطبع، سيكون هناك حاجة إلى موائمتها مع الواقع المحلي في الدول المعنية. لكن في بلدان مثل اليمن وليبيا، وسوريا أيضاً، هناك حاجة إلى التعامل بجدية مع واقع غياب الثقة بين الفئات والأقليات والأقاليم المتعددة ضمن أطرها. سيكون علينا أن نعترف بأن هناك أقاليم وأقليات في تلك البلدان تشعر بغبن تاريخي، وقد ترى في الانفصال سبيلاً وحيداً يحترم كيانها. ولذا، فإن التعامل مع هذه المخاوف بجدية من خلال نظام فدرالي، يؤسس للمساواة الفعلية بين شرائح ذلك المجتمع، ليس فقط على مستوى الفرد، ولكن أيضاً على مستوى الجماعات، قد يكون بديلاً أفضل عن الانفصال.
ودعيني أكون صادقة معك، أنا على قناعة أنه إذا ما تركنا عقارب الساعة تعود بنا إلى الوراء من جديد، بمعني آخر، إذا لم نستغل هذه الفرصة التاريخية جيداً، فإن إمكانية إعادة رسم الخارطة الإقليمية ورادة. والدافع لن يكون خارجي، كما يعتقد الكثيرون، بل سيأتي من داخل تلك المجتمعات نفسها. لنحترم الإنسان في مجتمعاتنا كي يؤمن هذا الإنسان بالوطن.
ودعيني أكون صادقة معك، أنا على قناعة أنه إذا ما تركنا عقارب الساعة تعود بنا إلى الوراء من جديد، بمعني آخر، إذا لم نستغل هذه الفرصة التاريخية جيداً، فإن إمكانية إعادة رسم الخارطة الإقليمية ورادة. والدافع لن يكون خارجي، كما يعتقد الكثيرون، بل سيأتي من داخل تلك المجتمعات نفسها. لنحترم الإنسان في مجتمعاتنا كي يؤمن هذا الإنسان بالوطن.
ماذا يُقصد بمصطلح:
تطالب الشعوب العربية المنتفضة بالمشاركة في صنع القرار، وهذا يعد في حد ذاته أساس وصلب الديمقراطية المباشرة السويسرية. أي البلدان العربية أكثر قابلية لتطبيق هذا النوع من الديمقراطية حسب رأيك؟
د. إلهام مانع: بغض النظر عن طبيعة النظام الديمقراطي الذي سيتم تبنيه، بصفة عامة، أنا على اقتناع أن تونس، هي الدولة الأكثر ترشحاً للتحوّل إلى النظام الديمقراطي. أسباب ذلك عديدة وتتعلق تحديداً باتساع قاعدة الطبقة الوسطى والمتعلمين والمتعلمات فيها، وتجربتها في ممارسة العلمانية، إضافة إلى قانونها الخاص بالأسرة الذي أحدث تغييرا اجتماعيا في نسق الأسرة. المحك بالطبع هو الكيفية التي سيتم فيها التعامل مع التحدي السلفي، خاصة وأن هذه الأيديولوجية ترفض الالتزام بقواعد اللعبة الديمقراطية، ومدى نجاح حزب النهضة في النأي بنفسه عن الجناح الأكثر تطرفاً فيه.
أخيرا، ما هي برأيك أهم العقبات التي يمكن أن تقف عائقا أمام اعتماد ممارسات ديمقراطية مباشرة مستوحاة من النموذج السويسري في بلدان الربيع العربي؟
د. إلهام مانع: الديمقراطية المباشرة تحتاج إلى ممارسة وتراكم خبرات، وجوهرها وجود "المواطن والمواطنة"، القادرين على احترام مسؤولية اتخاذ القرار. في سويسرا، أكثر من مرة صوت المواطنون والمواطنات على رفع الضرائب أو على عدم زيادة عدد أسابيع الإجازة السنوية. هذا يعني أن هناك قدراً من النضج وصل إليه الناخب والناخبة، مكّنهما من تفضيل المصلحة العامة على مصلحتهما الشخصية الضّيقة.
تحقيق هذا النضج في مجتمعاتنا يحتاج إلى وقت. إلى حدّ اليوم، لا تبدو لي مفاهيم المواطنة المتساوية متأصلة لدينا. ليس في الفكر الجمعي على الأقل. لو طرحتِ السؤال هل تتمتع المرأة وغير المسلم (مسيحي، يهودي، ملحد، بهائي..) والشيعي أو السني (على حسب مذهب النظام) بحقوق المواطنة المتساوية كالذكر المسلم، سيأتي الجواب على الأغلب بالسّلب.
الأنظمة العربية عمدت إلى تأصيل "الاستبداد" من خلال الأنظمة التعليمية، وأنماط التنشئة في الأسرة العربية عادة ما تعكس النمط الأبوي القائم في النظام السياسي، تماماً كما أن المؤسسات الدينية لم تقدم إلى يومنا هذا رؤية تحترم "الإنسان" بغض النظر عن هويته الدينية أو نوعه. كل هذا سيجعل من عملية التغيير الديمقراطي، بغض النظر عن نوعية النظام المعمول به، صعباً وسيواجه الكثير من العقوبات .
تحقيق هذا النضج في مجتمعاتنا يحتاج إلى وقت. إلى حدّ اليوم، لا تبدو لي مفاهيم المواطنة المتساوية متأصلة لدينا. ليس في الفكر الجمعي على الأقل. لو طرحتِ السؤال هل تتمتع المرأة وغير المسلم (مسيحي، يهودي، ملحد، بهائي..) والشيعي أو السني (على حسب مذهب النظام) بحقوق المواطنة المتساوية كالذكر المسلم، سيأتي الجواب على الأغلب بالسّلب.
الأنظمة العربية عمدت إلى تأصيل "الاستبداد" من خلال الأنظمة التعليمية، وأنماط التنشئة في الأسرة العربية عادة ما تعكس النمط الأبوي القائم في النظام السياسي، تماماً كما أن المؤسسات الدينية لم تقدم إلى يومنا هذا رؤية تحترم "الإنسان" بغض النظر عن هويته الدينية أو نوعه. كل هذا سيجعل من عملية التغيير الديمقراطي، بغض النظر عن نوعية النظام المعمول به، صعباً وسيواجه الكثير من العقوبات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق