انعكاسات الفيلم على اميركا
بقلم: عادل عبد الرحمن
بقلم: عادل عبد الرحمن
كشف الفيلم المسيء للنبي محمد (صلعم) عن هشاشة علاقات الولايات المتحدة مع الجماعات الاسلامية المختلفة ، ليس فقط الجاعات المتطرفة، بل كل التيارات الاسلامية بمن فيهم جماعة الاخوان المسلمين، حتى وان حاول بعض ممثلي الجماعة الدفاع عن مصالح اميركا ومؤسساتها في البلدان العربية.
مما لا شك فيه ان الفيلم مسيء جدا ليس للرسول العربي الكريم والمسلمين في اصقاع الدنيا، انما هو مسيء للاديان جميعا، وللغة التسامح والسلم الاهلي وللتعددية وحرية الاعتقاد والرأي والتعبير. لان الفيلم لا يحمل اي بعد ايجابي ، لا بالمعنى الفني، ولا بالمعنى الاخلاقي والقيمي، ولا بالمعنى الديني ، ولا بالبعد الاجتماعي والسياسي. كونه يعكس رؤية بائسة ومؤججة للكراهية والحقد والتعصب. وبالتالي ليس للفيلم علاقة بقيم الحرية والديمقراطية ، ولا يدافع عن الدين المسيحي او اليهودي ولا عن اي معتقد، بل هو عمل تخريبي ، وشكل من اشكال الارهاب الفني والفكري.
لذا لم يخدم الفيلم بالمطلق لا مخرج الفيلم، ولا المنتج، ولا الفنانين الذين شاركوا فيه. وهو عمل ارهابي وحاقد وتجهيلي، اساء للغرب وخاصة الولايات المتحدة الاميركية، التي تعرضت سفاراتها وقنصلياتها وديبلوماسيها للقتل والحرق والتخريب من الجماهير ايضا المضللة، التي شحنها اتباع التعصب والتكفير من الجماعات الاسلامية المختلفة لاعتبارات خاصة بها، ولتعميق الهوة بين اتباع الديانات المختلفة في الدول العربية والاسلامية. وخدمة لاهدافهم ، واهداف من يقف خلفهم ، التي تريد تمزيق وحدة شعوب الامة العربية في مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن وفلسطين والسودان ... الخ
مع ذلك على الشعوب العربية والاسلامية التنبه للاخطار، التي تجرها اليها الجماعات الاسلامية المختلفة باسم الدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. لان تلك القوى ، تريد ان تستغل الفيلم التافه والهابط، والذي لا يعكس ثقافة الغرب عموما، على ما في الغرب من ثقافة غير ايجابية تجاه الدين الاسلامي والمسلمين عموما، التي اججتها الولايات المتحدة الاميركية بعد احداث الحادي عشر من ايلول \ سبتمبر 2001، حينما شنت حملة شعواء على الاسلام والمسلمين، ووصفتهم بابشع التهم ، مع ان اجهزة الامن الغربية وخاصة CIA ، هي وليس احد غيرها مع الموساد الاسرائيلي ، التي انتجت ودعمت تلك الجماعات الارهابية مع الدول العربية المحافظة لقتل روج التطور الديمقراطي للمجتمعات العربية والاسلامية. ومازالت الادارات الاميركية والدول الاوروبية واسرائيل وبعض دول الخليج تدعم الجماعات الاسلامية المتخلفة لوأد عملية التطور، ولتصفية روح التغيير الثورية في المنطقة العربية، كمقدمة لاعادة تمزيق وحدة الشعوب العربية.
على القوى الوطنية والديمقراطية والليبرالية والاسلام المعتدل التصدي للحملة الغوغاء، ليس دفاعا عن الولايات المتحدة وغيرها من قوى الغرب، بل حماية للنسيج الوطني والقومي، وبالتالي الدفاع عن اتباع الديانات الاخرى المسيحية واليهودية واصحاب الملل والمعتقدات المختلفة. لان حماية التعددية الاجتماعية والدينية والجنسية والحزبية –السياسية والفكرية والعرقية، هي مصلحة عليا للثورات العربية ولتطور الشعوب العربية، ولقطع الطريق على عملاء اميركا من غلاة التطرف والتخريب باسم الدين.
من يريد الدفاع عن النبي محمد عليه السلام، عليه ان يدافع عن حرية الاديان والعبادات، ويحمي الاماكن المقدسة المختلفة ، لان في ذلك رد مباشر على منتج ومخرج الفيلم وكل من يقف ورائه من الاميركيين والاسرائيليين العنصريين والقتلة.
صورة الولايات المتحدة في المنطقة باتت في الحضيض، واتباعها من الجماعات الاسلامية وخاصة الاخوان المسلمين ، الذين أُسقط في يدهم، ولم يعودوا قادرين على ادارة ردود الافعال كما حصل في مصر، حينما اعلنوا عن مليونية دفاعا عن الرسول العربي الكريم، ثم تراجعوا، وتبنوا الاحتجاجات امام المساجد، يكشف عوراتهم، وهشاشة علاقتهم بالولايات المتحدة، كما عبر عن ذلك الرئيس باراك اوباما، حين صرح قائلا: ان علاقاتنا بالاخوان ، ليست علاقات تحالف، بل هي علاقة تحت الاختبار. مما احرج جماعة الاخوان المسلمين في الدول العربية المختلفة.
المرحلة القادمة ستكون ، مرحلة اختبار جديدة للتحالف القائم بين اميركا وجماعة الاخوان. لاسيما وان الية ضبط ايقاع التداعيات السياسية والدينية للفيلم الغبي والتافه، قد تكون خارج دائرة السيطرة من قبل الولايات المتحدة والاخوان على حد سواء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق