هل صنع عمر سليمان «برادعى» ملتحيا؟
April 22nd, 2012 9:45 am
350 ألف توقيع على مطالب البرادعى السبعة -بيان التغيير- هى تلك التى حصَّلتها أطياف الجمعية الوطنية للتغيير غير الإخوان الذين أتموها مليونا، وعلى موقعهم الإلكترونى الخاص بهم، لكن من شارك منهم يوم 25 يناير كان ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف من شبابهم وفق تقدير د.محمد حبيب، نائب مرشد الإخوان السابق، فى الوقت الذى كانت فيه الأغلبية الساحقة للمشاركين فى هذا اليوم هى الثلاثمئة ألف الذين انضموا إلى صفحة «البرادعى رئيسا» ووقعوا على بيانه للتغيير.
كانت هذه الأعداد الكبيرة للمنتمين إلى صفحة «البرادعى رئيسا» أكثر من كل النشطاء السياسيين المنتظمين داخل الحياة السياسية إخوانا مسلمين وأحزابا.
توحدت كل القوى السياسية تحت راية جمعيتهم الوطنية للتغيير ولم يكن خارجها إلا حزبا الوفد والتجمع، رغم أن شباب «الوفد» كانوا هم أصحاب مبادرة البرادعى وأول من صنع خطة طريق ناجحة للتغيير تعتمد على الدمج بين قدرة البرادعى وطاقة المجتمع الكامنة، بعيدا عن الإخوان والأحزاب والمتمثلة فى ملايين الشباب من خلال وسائل التواصل الحديثة، كسرا للاستبداد وأدواته الفاعلة طوال عقود طويلة ماضية.
كان من الطبيعى أن ينضم «الوفد» و«التجمع» إلى بقية القوى السياسية فى إطار «الوطنية للتغيير»، خصوصا مع وجود شخصيات من الحزبين فى هذا الإطار، لكنهما أكدا أنهما جزء من النظام الذى قامت الثورة لإسقاطه استمرارا لتحالفهما مع حرس النظام القديم الذى كان يستخدمهما لمعارضة حرسه الجديد الذى كان تهديدا للتكوين المملوكى لنظام الحكم.
أدار عمر سليمان -أحد قطبى الحرس القديم- مع صفوت الشريف عملية الالتفاف على الثورة من خلال الاستماتة لمنع قيادة الوطنية للتغيير للثورة -وهى صانعتها- وكانت خطته الشيطانية تبدأ من جعْل الثورة ثورة شباب بحيث يتعدى التعامل مع الشباب حدود القيادة الميدانية على الأرض إلى القيادة السياسية للثورة، فدفع فى اتجاه تكوين ائتلاف شباب الثورة الأول والحقيقى الذى كانت كل مكوناته بلا استثناء جزءا من الوطنية للتغيير -فلم يدرك أحد ساعتها أن سعد زغلول كان فى طريقه إلى المنفى ولم يشارك فى التظاهرات فى الوقت الذى كان فيه الشباب من أمثال النقراشى وأحمد ماهر ويوسف الجندى يقودون ميادين ثورة 19، ولم يسمِّها أحد ثورة شباب، بل إن ما سمى بعد ذلك بثورة الشباب لإعادة دستور 23 كان بسبب ترسخ زعامة كبيرة للأمة تحظى بثقتها، وبلع الشباب وأحد شيوخ الوطنية للتغيير الطعم ودارت العجلة فى هذا الاتجاه الذى كان يتكامل مع اتجاه آخر يستغل عدم وجود كيان سياسى منظم للقوى الجديدة غير المنتمية للكيانات السياسية القديمة التى كانت حدودها وقدراتها لا تؤهلها لتغيير ركن واحد من أركان النظام. لكنها كانت مستعدة لأداء أدوارها المعهودة كحديقة خلفية للنظام يلجأ إلى هوائها حين تمتلئ واجهته بدخان قنابله الخانقة، فاستعان ببعض من كان قد أرسل بهم الحرس القديم قبل الثورة للاقتراب من البرادعى للنفخ فى أحزاب النظام «فرع المعارضة»، مستخدما إياها لمنع تقدم البرادعى وقواه الجديدة من ناحية وللإجهاز النهائى على التوريث الذى كان مهمتهم المكلفين بها من قبل فرأينا تشكيل ما سمى بالجبهة الوطنية التى ضمت إلى جانب أحزابه «فرع المعارضة» جوهرة عمليته الالتفافية ممثلة فى جماعة الإخوان التى نجح ببساطة تامة فى إبعادها عن الوطنية للتغيير بفهم تام للعقلية المناورة للجماعة. وليس كلام الكتاتنى عن الإصلاحى العظيم عمر سليمان على قناة «المحور» مساء الخامس من فبراير ببعيد عن هذا الإطار.
لكن ريح سليمان لم تأت بما تشتهيه سفنه فقد كان الغضب الثورى أكبر من قدرة النظام، وهو ما أجبر الجميع فى قيادة الجيش وفى أمريكا على التضحية بمبارك إنقاذا للنظام، وهو ما جعل دفة القيادة، شكليا وفعليا، تنتقل من يديه إلى يدى غريمه وفريقه فى المجلس العسكرى الذى كان رافضا قيادته، وهو ما لاحظته فى اجتماع غرفة عمليات القوات المسلحة الذى جلس فيه وزير الدفاع على يمين الرئيس، بينما جلس نائب الرئيس على يساره، وأتذكر أنى سألت أسامة هيكل، وكان ساعتها رئيسا لتحرير «الوفد» قبل أن يتولى وزارة الإعلام عن ذلك فأجابنى بأنه ربما للأقدمية العسكرية، الغريب أننى عرفت فى ما بعد أن الأقدمية لسليمان!
خرج سليمان من المشهد وبدا أنه سيعتزل الحياة السياسية وسافر للحج وبدا أن صفقته مع الإخوان قد تمت وراثتها ويجرى تنفيذها بدونه، لكن أنَّى له ذلك وهو الثعلب الذى يرى نفسه صاحب الفضل فى تفتيت قيادة الثورة، خصوصا بعدما رأى عبد المنعم أبو الفتوح يناوئ الصفقة التى كان خيرت الشاطر ورجاله فى الجماعة طرفها الثانى معه، والتى قضت فى ما تناثر أن الرئاسة له ولهم البرلمان بعد الترخيص بحزب لهم مع اشتراط حل الجماعة، كما روى قبل أيام، وأتصور أنه فى هذه اللحظة بدأ تفكيره فى أن هناك فرصة لإجبار طنطاوى ومجلسه العسكرى على أن يكون هو فرس رهانهم، ولو كنت مكانه لأكملت استراتيجية تحريم الخروج على الحاكم التى بدأها فى مسجد المنصورة فى أول مظاهرة للبرادعى والتى سبقت مظاهرته لخالد سعيد بالإسكندرية بأكثر من شهرين.
April 22nd, 2012 9:45 am
350 ألف توقيع على مطالب البرادعى السبعة -بيان التغيير- هى تلك التى حصَّلتها أطياف الجمعية الوطنية للتغيير غير الإخوان الذين أتموها مليونا، وعلى موقعهم الإلكترونى الخاص بهم، لكن من شارك منهم يوم 25 يناير كان ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف من شبابهم وفق تقدير د.محمد حبيب، نائب مرشد الإخوان السابق، فى الوقت الذى كانت فيه الأغلبية الساحقة للمشاركين فى هذا اليوم هى الثلاثمئة ألف الذين انضموا إلى صفحة «البرادعى رئيسا» ووقعوا على بيانه للتغيير.
كانت هذه الأعداد الكبيرة للمنتمين إلى صفحة «البرادعى رئيسا» أكثر من كل النشطاء السياسيين المنتظمين داخل الحياة السياسية إخوانا مسلمين وأحزابا.
توحدت كل القوى السياسية تحت راية جمعيتهم الوطنية للتغيير ولم يكن خارجها إلا حزبا الوفد والتجمع، رغم أن شباب «الوفد» كانوا هم أصحاب مبادرة البرادعى وأول من صنع خطة طريق ناجحة للتغيير تعتمد على الدمج بين قدرة البرادعى وطاقة المجتمع الكامنة، بعيدا عن الإخوان والأحزاب والمتمثلة فى ملايين الشباب من خلال وسائل التواصل الحديثة، كسرا للاستبداد وأدواته الفاعلة طوال عقود طويلة ماضية.
كان من الطبيعى أن ينضم «الوفد» و«التجمع» إلى بقية القوى السياسية فى إطار «الوطنية للتغيير»، خصوصا مع وجود شخصيات من الحزبين فى هذا الإطار، لكنهما أكدا أنهما جزء من النظام الذى قامت الثورة لإسقاطه استمرارا لتحالفهما مع حرس النظام القديم الذى كان يستخدمهما لمعارضة حرسه الجديد الذى كان تهديدا للتكوين المملوكى لنظام الحكم.
أدار عمر سليمان -أحد قطبى الحرس القديم- مع صفوت الشريف عملية الالتفاف على الثورة من خلال الاستماتة لمنع قيادة الوطنية للتغيير للثورة -وهى صانعتها- وكانت خطته الشيطانية تبدأ من جعْل الثورة ثورة شباب بحيث يتعدى التعامل مع الشباب حدود القيادة الميدانية على الأرض إلى القيادة السياسية للثورة، فدفع فى اتجاه تكوين ائتلاف شباب الثورة الأول والحقيقى الذى كانت كل مكوناته بلا استثناء جزءا من الوطنية للتغيير -فلم يدرك أحد ساعتها أن سعد زغلول كان فى طريقه إلى المنفى ولم يشارك فى التظاهرات فى الوقت الذى كان فيه الشباب من أمثال النقراشى وأحمد ماهر ويوسف الجندى يقودون ميادين ثورة 19، ولم يسمِّها أحد ثورة شباب، بل إن ما سمى بعد ذلك بثورة الشباب لإعادة دستور 23 كان بسبب ترسخ زعامة كبيرة للأمة تحظى بثقتها، وبلع الشباب وأحد شيوخ الوطنية للتغيير الطعم ودارت العجلة فى هذا الاتجاه الذى كان يتكامل مع اتجاه آخر يستغل عدم وجود كيان سياسى منظم للقوى الجديدة غير المنتمية للكيانات السياسية القديمة التى كانت حدودها وقدراتها لا تؤهلها لتغيير ركن واحد من أركان النظام. لكنها كانت مستعدة لأداء أدوارها المعهودة كحديقة خلفية للنظام يلجأ إلى هوائها حين تمتلئ واجهته بدخان قنابله الخانقة، فاستعان ببعض من كان قد أرسل بهم الحرس القديم قبل الثورة للاقتراب من البرادعى للنفخ فى أحزاب النظام «فرع المعارضة»، مستخدما إياها لمنع تقدم البرادعى وقواه الجديدة من ناحية وللإجهاز النهائى على التوريث الذى كان مهمتهم المكلفين بها من قبل فرأينا تشكيل ما سمى بالجبهة الوطنية التى ضمت إلى جانب أحزابه «فرع المعارضة» جوهرة عمليته الالتفافية ممثلة فى جماعة الإخوان التى نجح ببساطة تامة فى إبعادها عن الوطنية للتغيير بفهم تام للعقلية المناورة للجماعة. وليس كلام الكتاتنى عن الإصلاحى العظيم عمر سليمان على قناة «المحور» مساء الخامس من فبراير ببعيد عن هذا الإطار.
لكن ريح سليمان لم تأت بما تشتهيه سفنه فقد كان الغضب الثورى أكبر من قدرة النظام، وهو ما أجبر الجميع فى قيادة الجيش وفى أمريكا على التضحية بمبارك إنقاذا للنظام، وهو ما جعل دفة القيادة، شكليا وفعليا، تنتقل من يديه إلى يدى غريمه وفريقه فى المجلس العسكرى الذى كان رافضا قيادته، وهو ما لاحظته فى اجتماع غرفة عمليات القوات المسلحة الذى جلس فيه وزير الدفاع على يمين الرئيس، بينما جلس نائب الرئيس على يساره، وأتذكر أنى سألت أسامة هيكل، وكان ساعتها رئيسا لتحرير «الوفد» قبل أن يتولى وزارة الإعلام عن ذلك فأجابنى بأنه ربما للأقدمية العسكرية، الغريب أننى عرفت فى ما بعد أن الأقدمية لسليمان!
خرج سليمان من المشهد وبدا أنه سيعتزل الحياة السياسية وسافر للحج وبدا أن صفقته مع الإخوان قد تمت وراثتها ويجرى تنفيذها بدونه، لكن أنَّى له ذلك وهو الثعلب الذى يرى نفسه صاحب الفضل فى تفتيت قيادة الثورة، خصوصا بعدما رأى عبد المنعم أبو الفتوح يناوئ الصفقة التى كان خيرت الشاطر ورجاله فى الجماعة طرفها الثانى معه، والتى قضت فى ما تناثر أن الرئاسة له ولهم البرلمان بعد الترخيص بحزب لهم مع اشتراط حل الجماعة، كما روى قبل أيام، وأتصور أنه فى هذه اللحظة بدأ تفكيره فى أن هناك فرصة لإجبار طنطاوى ومجلسه العسكرى على أن يكون هو فرس رهانهم، ولو كنت مكانه لأكملت استراتيجية تحريم الخروج على الحاكم التى بدأها فى مسجد المنصورة فى أول مظاهرة للبرادعى والتى سبقت مظاهرته لخالد سعيد بالإسكندرية بأكثر من شهرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق