غموض في المملكة رغم تجاوز مخاطر الاحتجاجات الشعبيّة
تساؤلات حول امكانية نجاة المغرب من موجة الربيع العربي
تساؤلات حول امكانية نجاة المغرب من موجة الربيع العربي
أيمن بن التهامي من الرباط
GMT 1:00:00 2012 الجمعة 27 أبريل
أعاد تأكيد رئيس الحكومة المغربي عبد الإله بنكيران، في لقاء دراسي عقد أخيرًا في الرباط، على أن الربيع العربي لم ينته بعد، تسليط الضوء حول امكانية نجاة المغرب من موجة "الثورات الشعبية"، التي أدت إلى إسقاط أنظمة عربية، بعد أشهر طويلة من العنف والمسيرات والاحتجاجات.
الرباط: التسليم بأن اختلاف النموذج المغربي كان وراء إطفاء شرارة "الربيع العربي"، لم يمنع المراقبين من الإشارة إلى أن المملكة تجاوزت المرحلة الأولى والثانية من مخاطر الربيع العربي، غير أن حالتها ما زالت غامضة.
في هذا الإطار، قال حسن طارق، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (المعارضة)، "كنت دائمًا أعتبر أن المغرب لا يشكل استثناء، وبأنه في مجال التقدم من أجل الديمقراطية لا يجب أبدًا الاختباء وراء أي خصوصية"، مشيرًا إلى أن "كل الشعوب العربية من حقها أن تنتقل إلى مجتمعات ديمقراطية، وفقًا لكل القيم العالمية والإنسانية المعروفة في هذا المجال".
وأضاف حسن طارق، في تصريح لـ"إيلاف"، "هذا لا يعني أن المغرب كان امتدادًا سهلاً لما وقع في سنة 2011، لكنه لم يكن كذلك جزيرة معزولة"، مبرزًا أن "مطالب الشباب التواق للتغيير والديمقراطية وجدت صداها في بلادنا. غير أن المغرب يوجد فيه الكثير من نقاط الاختلاف كذلك بالنسبة للتجارب المغاربية والعربية القريبة منا".
وأوضح القيادي السياسي أن "بلادنا كان دائمًا فيها ما يمكن أن نسميه بتقاليد النظام الديمقراطي، كما أنها كانت تتميز بوجود مؤسسات للوساطة قوية ومهمة، تؤطر جزءاً من الشارع"، مؤكدًا أنه "حتى في فترة الامتداد والانغلاق كنا نشعر بأن هناك قنوات حزبية، ونقابية، وجمعوية".
لذا لم يكن لنا نظام سياسي معزول عن الشارع، إذ كانت هناك قنوات سياسية ومدنية تشتغل".
أما بالنسبة للاختلاف الثاني، يشرح الباحث، أستاذ القانون الدستوري في جامعة الحسن الأول بسطات، فإنه يتعلق بـ"المؤسسة الملكية، التي كانت موضوع توافق وطني، وهي محترمة كمؤسسة أساسية في بناء الدولة والديمقراطية"، مشيرًا إلى أن "كل هذه الاختلافات جعلت التحول في بلادنا يأخذ منحى آخر".
لكن لا بد أن نقول إن دينامكية حركة 20 فبراير عبرت عن انخراط المجتمع، والشباب، والشارع المغربي في مطالب الموجة الديمقراطية العارمة التي اجتاحت العالم العربي".
وأضاف القيادي الحزبي "الاختلاف الأساسي هو طبيعة تجاوب المؤسسة الملكية الذي كان مختلفًا تمامًا عن تجاوب باقي الأنظمة السياسية في الدول العربية. لذلك فالخيار المغربي كان خيارًا للإصلاح".
من جهته، أكد عبد الرحيم منار اسليمي، أستاذ وباحث في جامعة محمد الخامس في الرباط، أن "المغرب لم ينجُ من الربيع العربي، وإنما هرب أمامه"، مبرزًا أن "المغرب إلى اليوم تجاوز المرحلة الأولى والثانية من مخاطر الربيع العربي، ولكن حالته ما زالت غامضة، وتتوقف على درجة الإصلاحات التي يباشرها منذ بداية عمل الحكومة الحالية".
وعاد وأكد عبد الرحيم منار اسليمي، في تصريح لـ"إيلاف"، أسباب تجاوز المملكة لهاتين المرحلتين، أولها أنها "لم تقع هناك التقائية خطية أو تقاطع داخل الحركات الاحتجاجية في المغرب، خلال سنة 2011، بين خط الحاجة الإنسانية (الشغل، الصحة، أو ما يسمى بمطالب الاحتياجات اليومية ) الذي قادته حركات احتجاجية في الهوامش، وخط الكرامة الإنسانية (الحرية، والكرامة، والعدالة ...)، الذي قادته حركة 20 فبراير"، مشيرًا إلى أن "الخطين لم ينحدرا، ويتدنيا، ويتقاطعا، ويتلاقيا في نقطة معينة يشتعل فيها الاحتجاج ويتحول إلى مجموعة مطالب تضغط (اعتصام – مواجهات ...) في اتجاه الإصرار على رؤية التغيير بالملموس، كما حدث في تجارب أخرى. فحركة 20 فبراير لم تستطع الالتحام بالهوامش، إذ إن شباب الفايسبوك الحامل لمطالب الكرامة الإنسانية لم يستطع أن يوصل خطابه إلى شباب الهوامش الحامل لمطالب الحاجيات اليومية".
أما السبب الثاني فيتمثل، حسب المحلل السياسي، في كون أن "المغرب تجاوز المخاطر لأن الحركة الاحتجاجية الرئيسية المتمثلة في 20 فبراير تسيست في بداية منتصف طريقها، وبات واضحًا من جديد أن جزءًا كبيرًا من المغاربة مازال يعاني من التوتر مع كل احتجاج يظهر أن سقفه سياسي أكثر منه اجتماعي"، مبرزًا أن "لا أحد كان يتوقع أن يخرج المغاربة بذلك الحجم، يوم 20 شباط/ فبراير 2011، ويتزايدون تدريجيًا. لكن في المقابل، كان من المتوقع أن يقود صراع الأجندات السياسية داخل الحركة إلى تراجع تدريجي للعديد من المغاربة عن الخروج في التظاهرات".
وفي ما يتعلق بالسبب الثالث فإنه يتجلى، حسب منار اسليمي، في كون أن "الدولة فهمت الإشارة في آخر لحظة، وتركت التقائية الغضب الشعبي والاحتجاج تعطي نتائج من داخل صناديق الاقتراع وتعلن فوز العدالة والتنمية. فالدولة (هربت) أمام الربيع العربي، وعملت على تعويم الاحتجاجات بالمبادرة إلى إطلاق مرحلة أولى من الإصلاحات المتمثلة في وضع نص دستوري جديد، وإجراء انتخابات بدرجة مقبولة من الشفافية. وقد يبدأ التفكير في إعادة توازنات أخرى، خلال سنة 2012، تنسي مقدمي الوصفات السياسية عنصر شرعية فوز حزب العدالة والتنمية في كل الحسابات السياسية الممكنة".
وأضاف الأستاذ الجامعي: "الدولة قد تعود إلى ارتكاب الأخطاء، لأن المغرب عبارة عن مسلسلات من الإصلاح لا تصل إلى مداها. فموت حركة 20 فبراير لا يجب أن يقود إلى تغيير الطريقة التي أدارت بها الدولة سنة 2011، والتراجع عن الوعود التي روجت لها. فدينامكية 20 فبراير، المتمثلة في احتجاجات متعددة الأشكال، تأخذ طابعًا لامركزيًا، ما زالت موجودة، إن لم نقل إنها تتزايد يوميًا، لكنها تقف إلى الآن في حدود المطالب الاجتماعية، دون التحول إلى مطالب سياسية".
الربيع العربي لم ينته بعد حسب رئيس الحكومة المغربي |
الرباط: التسليم بأن اختلاف النموذج المغربي كان وراء إطفاء شرارة "الربيع العربي"، لم يمنع المراقبين من الإشارة إلى أن المملكة تجاوزت المرحلة الأولى والثانية من مخاطر الربيع العربي، غير أن حالتها ما زالت غامضة.
في هذا الإطار، قال حسن طارق، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (المعارضة)، "كنت دائمًا أعتبر أن المغرب لا يشكل استثناء، وبأنه في مجال التقدم من أجل الديمقراطية لا يجب أبدًا الاختباء وراء أي خصوصية"، مشيرًا إلى أن "كل الشعوب العربية من حقها أن تنتقل إلى مجتمعات ديمقراطية، وفقًا لكل القيم العالمية والإنسانية المعروفة في هذا المجال".
وأضاف حسن طارق، في تصريح لـ"إيلاف"، "هذا لا يعني أن المغرب كان امتدادًا سهلاً لما وقع في سنة 2011، لكنه لم يكن كذلك جزيرة معزولة"، مبرزًا أن "مطالب الشباب التواق للتغيير والديمقراطية وجدت صداها في بلادنا. غير أن المغرب يوجد فيه الكثير من نقاط الاختلاف كذلك بالنسبة للتجارب المغاربية والعربية القريبة منا".
وأوضح القيادي السياسي أن "بلادنا كان دائمًا فيها ما يمكن أن نسميه بتقاليد النظام الديمقراطي، كما أنها كانت تتميز بوجود مؤسسات للوساطة قوية ومهمة، تؤطر جزءاً من الشارع"، مؤكدًا أنه "حتى في فترة الامتداد والانغلاق كنا نشعر بأن هناك قنوات حزبية، ونقابية، وجمعوية".
لذا لم يكن لنا نظام سياسي معزول عن الشارع، إذ كانت هناك قنوات سياسية ومدنية تشتغل".
أما بالنسبة للاختلاف الثاني، يشرح الباحث، أستاذ القانون الدستوري في جامعة الحسن الأول بسطات، فإنه يتعلق بـ"المؤسسة الملكية، التي كانت موضوع توافق وطني، وهي محترمة كمؤسسة أساسية في بناء الدولة والديمقراطية"، مشيرًا إلى أن "كل هذه الاختلافات جعلت التحول في بلادنا يأخذ منحى آخر".
لكن لا بد أن نقول إن دينامكية حركة 20 فبراير عبرت عن انخراط المجتمع، والشباب، والشارع المغربي في مطالب الموجة الديمقراطية العارمة التي اجتاحت العالم العربي".
وأضاف القيادي الحزبي "الاختلاف الأساسي هو طبيعة تجاوب المؤسسة الملكية الذي كان مختلفًا تمامًا عن تجاوب باقي الأنظمة السياسية في الدول العربية. لذلك فالخيار المغربي كان خيارًا للإصلاح".
من جهته، أكد عبد الرحيم منار اسليمي، أستاذ وباحث في جامعة محمد الخامس في الرباط، أن "المغرب لم ينجُ من الربيع العربي، وإنما هرب أمامه"، مبرزًا أن "المغرب إلى اليوم تجاوز المرحلة الأولى والثانية من مخاطر الربيع العربي، ولكن حالته ما زالت غامضة، وتتوقف على درجة الإصلاحات التي يباشرها منذ بداية عمل الحكومة الحالية".
وعاد وأكد عبد الرحيم منار اسليمي، في تصريح لـ"إيلاف"، أسباب تجاوز المملكة لهاتين المرحلتين، أولها أنها "لم تقع هناك التقائية خطية أو تقاطع داخل الحركات الاحتجاجية في المغرب، خلال سنة 2011، بين خط الحاجة الإنسانية (الشغل، الصحة، أو ما يسمى بمطالب الاحتياجات اليومية ) الذي قادته حركات احتجاجية في الهوامش، وخط الكرامة الإنسانية (الحرية، والكرامة، والعدالة ...)، الذي قادته حركة 20 فبراير"، مشيرًا إلى أن "الخطين لم ينحدرا، ويتدنيا، ويتقاطعا، ويتلاقيا في نقطة معينة يشتعل فيها الاحتجاج ويتحول إلى مجموعة مطالب تضغط (اعتصام – مواجهات ...) في اتجاه الإصرار على رؤية التغيير بالملموس، كما حدث في تجارب أخرى. فحركة 20 فبراير لم تستطع الالتحام بالهوامش، إذ إن شباب الفايسبوك الحامل لمطالب الكرامة الإنسانية لم يستطع أن يوصل خطابه إلى شباب الهوامش الحامل لمطالب الحاجيات اليومية".
أما السبب الثاني فيتمثل، حسب المحلل السياسي، في كون أن "المغرب تجاوز المخاطر لأن الحركة الاحتجاجية الرئيسية المتمثلة في 20 فبراير تسيست في بداية منتصف طريقها، وبات واضحًا من جديد أن جزءًا كبيرًا من المغاربة مازال يعاني من التوتر مع كل احتجاج يظهر أن سقفه سياسي أكثر منه اجتماعي"، مبرزًا أن "لا أحد كان يتوقع أن يخرج المغاربة بذلك الحجم، يوم 20 شباط/ فبراير 2011، ويتزايدون تدريجيًا. لكن في المقابل، كان من المتوقع أن يقود صراع الأجندات السياسية داخل الحركة إلى تراجع تدريجي للعديد من المغاربة عن الخروج في التظاهرات".
وفي ما يتعلق بالسبب الثالث فإنه يتجلى، حسب منار اسليمي، في كون أن "الدولة فهمت الإشارة في آخر لحظة، وتركت التقائية الغضب الشعبي والاحتجاج تعطي نتائج من داخل صناديق الاقتراع وتعلن فوز العدالة والتنمية. فالدولة (هربت) أمام الربيع العربي، وعملت على تعويم الاحتجاجات بالمبادرة إلى إطلاق مرحلة أولى من الإصلاحات المتمثلة في وضع نص دستوري جديد، وإجراء انتخابات بدرجة مقبولة من الشفافية. وقد يبدأ التفكير في إعادة توازنات أخرى، خلال سنة 2012، تنسي مقدمي الوصفات السياسية عنصر شرعية فوز حزب العدالة والتنمية في كل الحسابات السياسية الممكنة".
وأضاف الأستاذ الجامعي: "الدولة قد تعود إلى ارتكاب الأخطاء، لأن المغرب عبارة عن مسلسلات من الإصلاح لا تصل إلى مداها. فموت حركة 20 فبراير لا يجب أن يقود إلى تغيير الطريقة التي أدارت بها الدولة سنة 2011، والتراجع عن الوعود التي روجت لها. فدينامكية 20 فبراير، المتمثلة في احتجاجات متعددة الأشكال، تأخذ طابعًا لامركزيًا، ما زالت موجودة، إن لم نقل إنها تتزايد يوميًا، لكنها تقف إلى الآن في حدود المطالب الاجتماعية، دون التحول إلى مطالب سياسية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق