الثلاثاء، 24 أبريل 2012

صوت المرأة ثورة

 
Mon, 23/04/2012 - 21:00


تفشل المظاهرات يوم 20 إبريل لتجميع الحركة الوطنية الثورية المصرية، المخلصة لأهداف ثورة يناير وفبراير 2011، وسعت لإجهاضها، دون جدوى، كثير من القوى المسيطرة بقوة العضلات والحناجر والأموال والتهديد بشرع الله لمن يخالف الأمر. السلاح الناجح لإجهاض أى حركة شعبية ثورية هو تقسيمها، لتفتيت قوى الشباب والنساء والرجال والأطفال، ليصبحوا فرقا متناحرة مبعثرة يسهل ضربها.
ضربت الحركة النسائية المصرية، «كما ضربت الحركة الوطنية رجالاً وشباباً ونساءً وعمالاً وفلاحين»، بسبب تقسيمها إلى منظمات صغيرة متفرقة متناحرة حول المصالح المؤقتة، تابعة للحاكم والوزير، أو لزوجة الحاكم والوزيرة، أو رئيسة المجلس القومى للمرأة، يتم تكريس جهودهن لخدمة السيدة الأولى والوصيفات الوزيرات ورئيسات الجمعيات النسائية، وكل من يخضع ويركع.
أى امرأة «أو رجل» فى مصر، ترفع رأسها بكرامة، وترفض الخضوع، يتم على الفور إبعادها عن العمل، ونفيها إلى الخارج أو الداخل، وتشويه سمعتها، كما حدث للثوار والثائرات تحت الحكم الفاسد المستبد.
إن فشلت القوى الثورية فى تجميع نفسها، فسوف تنجح فى المرة القادمة، وبعد القادمة، وبعدها، لا مجال لليأس وإلا عدنا إلى نقطة الصفر، الثورة لا تنجح إلا بالأمل المتجدد رغم الفشل المتكرر، نجح الاتحاد النسائى المصرى، رغم ضربه عدة مرات فى الأنظمة السابقة، وأعاد تكوين نفسه ونجح فى تجميع الآلاف من الشابات والشباب أيضاً، من مختلف الأعمار والتخصصات، وشارك مع المنظمات الثورية الأخرى فى الكثير من الأنشطة والمسيرات الجماعية، تصاعد صوت المرأة المصرية، بعد أن كان مكتوماً، خافتاً، خائفاً، من السلطة والتيارات الدينية، أُخرجت المرأة من خيمة الحريم إلى الشوارع والميادين، ظهر وجهها مشرقا تحت الضوء، وشاركت فى الهتاف المدوى: صوت المرأة ثورة لا عورة، عيون البنات والأولاد تلمع بالفرح وهم يهتفون مع الآلاف والملايين: «صوت المرأة طالع طالع فى الميدان والشوارع».
تذكرت طفولتى، فى المدرسة الابتدائية، وأنا أسير فى المظاهرات، أهتف يسقط الملك والإنجليز، وأضيف مع البنات و«تسقط ناظرة المدرسة»، كانت الناظرة تلسع التلميذة الفقيرة بالمسطرة وتبتسم فى وجه بنت المأمور، يذوب صوتى فى أصوات البنات والأولاد والشباب والشابات، نمشى بخطوة واحدة، لا فرق بين ولد وبنت أو رجل وامرأة، أشعر بسعادة تهزنى من قمة رأسى حتى بطن القدمين، سعادة الإحساس بالعدل والحرية والكرامة، سعادة الإحساس بنفسى وكرامتى وفرديتى وتفردى، تنهمر الدموع من عينى، تذوب فى الدموع الأخرى، يذوب جسمى فى أجسام الآلاف والملايين، تذوب الأنا فى الجميع، أشعر بسعادة الفناء فى الآخرين والحياة بهم، أفقد نفسى فى الكل، وتظل سعادتى باقية بنفسى وفرديتى، كيف؟
السعادة المدهشة على مدى الستين عاماً الماضية من حياتى، تشبه سعادة الإبداع والحب والصداقة والزمالة والعلاقات الإنسانية، «من يفقد نفسه يجدها»، الفيلسوف أو الفيلسوفة التى نطقت هذه العبارة من؟
التحرر من طغيان الأنا، وروابط الرحم والدم، والبيت والقبيلة والعشيرة والدين والطائفة، التحرر من الهويات الصغيرة، تقتل هويتنا الإنسانية وتعلمنا الأنانية.
هناك من لا يتعلمون من الثورات، يتعصبون لحزبهم أو دينهم أو عقيدتهم أو عشيرتهم أو عائلاتهم أو شيخهم أو مسقط رأسهم، يعبدون الفرد، الأب أو الجد، ينتظرون الرئيس المنقذ، الوحيد الأوحد، تعوَّد الكثير منهم العمل السرى تحت الأرض، خضعوا للزعيم القادم أو المهدى المنتظر، يخشون الضوء والوضوح والصدق، يراوغون يكذبون يخونون العهد، يتجمعون من وراء الظهر، يؤمنون بالصفقات غير المعلنة، الغاية تبرر الوسيلة عندهم، فلسفة الضعف والخوف والسجن والمنفى، يتجنبون بطش الأمن بالتعاون معه، التمرس على لعبة الطاعة، لدغ اليد التى تطعمهم، استحلاب الشفقة من الأقوياء، ضرب الضعفاء من الزملاء والزميلات وأهل البيت: الأمهات، والزوجات، والأبناء والبنات، رأيناهم فى كل الثورات والحركات والمسيرات، يراوغون ويتحولون، يضربون من يمنحهم الثقة والحب والإخلاص، رغم تشدقهم بالمثل العليا فى دينهم أو عقيدتهم السياسية، المعايير لاختيار أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور، يجب أن تضم كل فئات الشعب، والنساء نصف الشعب، والشباب أكثر من نصف الشعب: فهل يتم تمثيل النساء والشباب بالعدل؟
36 فى المائة من النساء هن المعيلات لأسرهن وليس الرجال، المرأة الشعبية تشتغل فاعلة خارج البيت وداخله، تحمل الحجر على ظهرها ومع ذلك يعتبرونها عاطلة فى الإحصاءات، أغلب ربات البيوت «دون الخادمات» يعملن عشرين ساعة فى اليوم داخل جدران البيت، أكثر من أى رجل عامل أو فلاح أو فاعل أجير.
صوت المرأة ضرورى لوضع دستور عادل، بدون النساء «نصف المجتمع» لا تكون هناك عدالة أو حرية أو كرامة أو ديمقراطية فى أى مجتمع.
ناضلت الحركة النسائية ودافعت عن حقوقها على مدى القرون، مكتسبات المرأة والطفل فى القوانين الأخيرة ليست قوانين السيدة جيهان أو سوزان أو الملكة ناظلى، بل حقوق النساء والأطفال الإنسانية الأساسية، لا يمكن لأحد أن يسلبهم حقهم إلا إذا كان بغير ضمير أو خلق، لكن الحق دون قوة يضيع، والقوة دون حق باطشة، وإن تلفعت بالدين أو المثل العليا، نحن نعيش فى غابة، وليس مجتمعاً إنسانياً راقياً، لأن الأقوى يستغل الأضعف، ويلتهم الكبير الصغير، إنه النظام الطبقى الأبوى الذى يحكم العالم محلياً ودولياً، ولا سبيل لتغييره إلا بالقوى المنظمة الواعية الجماعية من النساء والرجال والأطفال أيضاً.. ألم تسمعوا هتافات الأطفال فى الشوارع، يقولون يسقط يسقط الظلم ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger