الأربعاء، 29 أغسطس 2012

الرقابة على الإنترنت.. سلاح حكومات العالم للحفاظ على سلطاتها

على مدى الأعوام القليلة الماضية، بدأ العديد من حكومات العالم فى تقليص نطاق الحريات على شبكة الإنترنت، لتقوم بذلك بتحويل اختراع تم تصميمه لتحرير الفرد إلى أداة للمراقبة والتحكم. وخلال الشهور القليلة المقبلة، من المتوقع أن يتم إضفاء نوع من القدسية والشرعية على عمليات الرقابة الحكومية على الشبكة الدولية، وسط خطط لوضع الفضاء الإلكترونى تحت سلطة وكالة دولية تابعة للأمم المتحدة سرية وغامضة إلى حد بعيد، وذلك بحسب ما نقلته صحيفة «جارديان» البريطانية.
وتقول الصحيفة إنه إذا ما نجحت تلك الخطط، فإنها ستكون بمثابة دفعة مهمة لمساعى بعض الدول لفرض رقابة على شبكة الإنترنت واستخدامها لرصد تحركات وسلوكيات مواطنيها. وتوضح أن جميع الحكومات تقريباً تتبع هذا النهج على أرض الواقع، ولكن مع شىء من الاختلاف الذى يجعل بعضها أسوأ من الأخرى. واستشهدت «جارديان» فى ذلك بالقانون الذى تم إقراره فى روسيا الشهر الماضى، والذى يضع قائمة سوداء بالمواقع التى تحتوى على محتوى «متطرف»، كأحدث مثال على هذا التوجه المثير للانتباه. وتضيف الصحيفة أن البلدان السلطوية طالما اعتبرت الفضاء الإلكترونى تهديداً لمصدر سلطاتهم، وأن تلك الدول تجد دعماً مما وصفتها بـ«الديمقراطيات المزعومة» التى تسعى إلى تمرير تشريعات تعزز حق السلطات والأجهزة الأمنية فى التجسس على المواطنين. ودللت على ذلك بمشروع قانون الاتصالات الذى طرحته الحكومة البريطانية والذى يقدم نظاماً لجمع كل البيانات المتداولة عبر الإنترنت والاحتفاظ بها، وكما أفاد تقرير لمجموعة «برايفاسى إنترناشونال» غير الربحية بلندن، والتى تهدف إلى تحدى الرقابة الحكومية، فإن «التكنولوجيا المستخدمة منتشرة فقط حالياً فى كازاخستان والصين وإيران، وتعتمد على أسلوب إخضاع المواطنين لحقيقة أنهم مراقبون طوال الوقت، حتى فيما يخص حياتهم الخاصة».
وتقول «جارديان» إن جميع الحكومات، على اختلاف أشكالها، تتعلل بتهديدات متشابهة لفرض سيطرتها على الإنترنت، مثل الإرهاب والجريمة المنظمة والتصوير الإباحى للأطفال والملكية الفكرية.
وتضيف الصحيفة أن شبكة الإنترنت، ينظر إليها فى الأصل على أنها بلا حدود، فمن الناحية النظرية، يمكن لأى شخص من خلالها معرفة معلومات فى أى مكان، والتواصل مع أى شخص، لكن الحد الفاصل بين حرية التعبير والحفاظ على الخصوصية من جهة، وحق الدولة فى فرض الأمن من جهة أخرى، كثيراً ما كان مثاراً للجدل، معتبرة أن ما يهم فى الأمر هو الشفافية والشمولية. فإذا كان لابد أن يُحكم الإنترنت بطريقة أكثر تماسكاً، فلا ينبغى أن يترك ذلك للحكومات وحدها، فشبكة الإنترنت اشتهرت بالأساس بأسلوبها اللامركزى فى تداول المعلومات، لكن الصحيفة تقول إن العكس هو المرتقب الآن، ففى ديسمبر المقبل، وتحديداً فى دبى، ستسعى هيئة تم إنشاؤها منذ 150 عاماً، لكن القليلين هم من سمعوا بها من خارج دوائر المجال الضيقة، للسيطرة على شبكة الإنترنت، حيث يهدف الاتحاد الدولى للاتصالات أو ما يعرف اختصاراً بـ(ITU)، إلى إضافة الإنترنت لأدواره التنظيمية. وتوضح الصحيفة أن تلك المنظمة تابعة للأمم المتحدة وتضم 193 بلداً، وأقوى مؤيديها أنظمة مثل الصين وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان، التى تقدمت باقتراح فى سبتمبر الماضى إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإقرار «مدونة سلوك دولية لأمن المعلومات»، موضحة أن الهدف منها هو تحديد معايير دولية وقواعد حكومية تخص المعلومات والفضاء الإلكترونى.
وتضيف «جارديان» أن تلك البلدان، وغيرها ممن على شاكلتها، لديها 3 أهداف رئيسية تقف وراء عقد قمة دبى، وهى: تأكيد السيادة الوطنية على الاتصالات الإلكترونية، وحظر الأسماء المستعارة والتشفير، وإحداث نوع من التغيير فى الإدارة العالمية للشبكة. وتوضح «جارديان» إنه تم إضفاء جانب من السرية على الاستعدادات الرسمية لقمة الاتحاد الدولى للاتصالات، مثلما هو حال فى ممارسته العادية لأنشطته، لكن المعلومات عن القمة تم استقاؤها عبر موقع إلكترونى يحمل عنوان«wcitleaks.org»، الذى أنشأه 2 من التقنيين لنشر الوثائق المسربة عن الاجتماع.
وتقول الصحيفة إن اتحاد الاتصالات يصف نفسه بأنه منظمة «لمختلف أصحاب المصالح»، الأمر الذى اعتبرته «زائفاً»، موضحة أن جميع القرارات الكبيرة تتخذ فى اجتماعات يمكن للحكومات فقط المشاركة فيها.
وتخلص «جارديان» إلى القول بأن السيطرة ستبقى غريزة فى بنيان الدول، لذا فإن قمة اتحاد الاتصالات فى ديسمبر ستكون مجرد بداية لمعركة بين أولئك الذين يرغبون فى الحفاظ على الحرية النسبية للإنترنت، وأولئك الذين سيفعلون كل ما بوسعهم للتصدى لذلك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger