الخميس، 1 نوفمبر 2012


حوار مع "سلفي" أوروبي
 
 
 "ألا تفضل أن ترسم خارطة قبل أن تدخل هذه الغابة العميقة؟" يسأل عبدالله ويضيف "إذا كنت تتحدث عن السلفية، يجب أن تدرك جيدا عمّ تتحدث". اجلس في صالة فاخرة على متن باخرة تقلني من تركيا إلى مصر، أتبادل الحديث مع سائح ونتناول الفوضى في ميدان التحرير
أتحدث مع السلفي عبدالله اللوكسمبورغي (31 عاما) الذي قال "في السابق كان اسمي جوليان". هو في طريقه من بلجيكا إلى مكان إقامته في اليمن. يسعى اللوكسمبورغي إلى إقامة مشروع تجاري لبيع الشاحنات الأوروبية في شبه الجزيرة العربية.
الإسلام الاصلي
يشرح عبد الله بالانكليزية التي يجيدها أن تسمية سلفي تعود إلى كل من يتبع السلف، مثلما نطلق صفة هولندي مثلا على من ينتمي إلى هولندا. "نحن نلتزم بالدين كما أراده النبي محمد، صلى الله عليه وسلم. لذلك نحن نرفض أي شكل آخر للإسلام غير الأصلي".
في السنوات الأخيرة، يتم توصيف هذا المنهج الإسلامي بالجهل والإرهاب، يقول عبدالله. "حتى أقاربي لا يعرفون إلا القليل عنه، كلما تم التطرق إلى مثل هذه القضايا الحساسة تبادر والدتي فورا إلى تغيير الموضوع والحديث عن شيء آخر. في حديثي مع جدتي، الخص لها الأفكار المسبقة الخاطئة عن المسلمين، وعندما انهي حديثي تقول لي "نعم، أنت محق". بإمكان الناس أن تأتي وتتكلم معي. تماما مثلما تفعل أنت الآن."
لا للسياسة
بالإضافة إلى نهجهم المتشدد في تفسر الإسلام، غالبا ما يرتبط السلفيون بحركات سياسية، مثل "الشريعة لبلجيكا" أو السلفيون في مصر ما بعد مبارك، الذين حصلوا مؤخرا على الكثير من التغطية الإعلامية.
"هؤلاء أشخاص بلهاء" يقول عبد الله وعيناه تشتعلان غضبا "إنهم ليسوا سلفيين. أنت تستوحي أعمالك اليومية مما تمليه عليك عقيدتك الدينية. إذا قمت بتغيير أي شيء من المعتقد الأصلي، تصبح عقيدتك فاسدة. الطرق التي تنحو إلى ممارسة السياسة (بمناهج سلفية) تتعارض فعليا مع الإسلام".
يعتبر عبد الله أن السلفيين المصريين المشتغلين بالسياسة لا علاقة لهم بالسلفية. "إنهم تجار وليسوا بمؤمنين. لأنهم يعملون بهدف كسب الأصوات. السلفية والسياسة لا تسيران جنبا إلى جنب".
لا يحب العرب
تعلن موظفة الاستقبال أن العشاء جاهز. مثل الذئاب الجائعة يتسارع ركاب السفينة إلى غرفة الطعام. يشكرني عبد الله على أسئلتي واهتمامي بآرائه بشكل خاص حول الدين والإسلام. "أنا أتمنى أن يكون هناك المزيد من الناس الذين يطرحون علي أسئلة مماثلة".
قررت أن اصعد إلى سطح الباخرة كي أدخن سيجارة في الهواء الطلق وأتأمل في المحادثة مع عبدالله، وانأ أمتع النظر بمياه البحر. هناك، التقيت فاسيليف وهو عامل يوناني في حوض السفن. يشير بإصبعه باتجاه مصر ويخبرني انه لا يحب العالم العربي بأسره.
في الأسفل على بعد متر واحد فقط، ينتظر عبد الله في الصف ليحصل على عشائه. أتمنى لو يقف فاسيليف إلى جانب عبد الله ليتحاورا سويا. محادثة حول الاختلافات وحول أوجه التشابه. ايا كان الموضوع، ينبغي عليهما أن يتكلما. لكن فاسيليف يعتذر عن الانضمام إلى العشاء "لأنني تناولت العشاء للتو مع طاقم الباخرة"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger