الغرب لا يستطيع الاستغناء عن الدور الجزائري في مهمته بمالي
|
ضغوط كلينتون تلغي "حساسية" الجزائر ضد التدخل الأجنبي
الجزائر- رضخت القيادة السياسية الجزائرية أخيرا للضغوط الفرنسية الأميركية، وقبلت بالوجود العسكري الأجنبي على حدودها بعد أن عارضت الأمر بشدة خلال الأزمة الليبية وما تلاها من دعم عربي وغربي للإطاحة بالقذافي.
وتأتي زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للجزائر " ولقاؤها الاثنين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة" لتؤكد أن الجزائر تخلت عن تحفظها لا على التدخل العسكري ضد المجموعات المتشددة التي تسيطر على شمال مالي، إنما وأساسا على "حساسيتها" ضد وجود قوات أجنبية على الحدود. ولا يستبعد مراقبون محليون وخبراء عسكريون أن تفتح الجزائر حدودها البرية وفضاءها الجوي أمام الهجمات التي ستقودها فعليا مجموعات استخبارية فرنسية، بالإضافة إلى قوات تابعة للمجموعة الأفريقية. وعلمت "العرب" من مصادر سياسية مطّلعة أن المسؤولين الجزائريين ظلوا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة يتهربون من تحديد موقف واضح في ظل حالة العداء التقليدي تُجاه فرنسا "التي ستقود عمليات التحالف الدولي بمالي"، لكن الضغوط الأميركية الشديدة دفعتهم إلى الموافقة النهائية، وهو ما تجسد بزيارة كلينتون. ويقول محللون إن خفايا معارضة الجزائر لأي تدخل أجنبي ضد "القاعدة" في مالي تعود إلى كونها تسعى لتسويق نفسها الجهة الوحيدة في المنطقة التي تنهض بمحاربة الإرهاب، وهو ما يجلب لها الكثير من المنافع "المساعدات الأمنية والعسكرية، السكوت على التجاوزات التي تخص ملف حقوق الإنسان". ويضيف هؤلاء أن إصرار الجزائر على أن تكون "الوكيل" الدولي الوحيد بالمنطقة في محاربة الإرهاب، وما تبعه من رفضها مقاسمة المعلومات الخاصة بـ"الشبكات الجهادية" مع دول الجوار، ومع الدول الكبرى، سمح بتوسع هذه الشبكات وخروجها على السيطرة. ولفت هؤلاء المحللون النظر إلى أن تلك المجموعات استفادت من التكتم الجزائري لتصبح شبكات عابرة للدول "جنوب الصحراء وشمالها" تحت يافطة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وما هيمنتها على شمال مالي إلا ثمرة رئيسية للتعاطي الجزائري الخاطئ. وقالت المصادر ذاتها لـ"العرب" إن القيادة الجزائرية حرصت على أن تُقنع كلينتون بمخاطر التدخل الأجنبي على أمنها الوطني، وبنتائجه السلبية على الحرب الأميركية على الإرهاب، لكن رئيسة الدبلوماسية الأميركية رفضت ما وصفته بإضاعة مزيد من الوقت في الحرب المصيرية على القاعدة. إلى ذلك، أشارت دوائر أميركية إلى أن الإدارة الديمقراطية للبيت الأبيض لا تريد أن تُعطي خصومها الجمهوريين الفرصة ليزايدوا عليها في ملف الإرهاب خاصة بعد فشل الرهان على مجموعات الإسلام السياسي التي وصلت إلى السلطة بفعل ثورات "الربيع العربي". وقالت هذه الدوائر إن إدارة أوباما خلصت إلى أن "الانفتاح" على الإسلام السياسي خلال السنتين الماضيتين جلب الكثير من المخاطر على أمنها، وهدد مصالحها في المنطقة، وتتجه لإحداث مراجعات نوعية في خيارها. وأضافت الدوائر ذاتها أن أبلغ رسالة تلقتها الإدارة الأميركية كانت مهاجمة السفارتين الأميركيتين بتونس ومصر وقنصليتها ببنغازي الليبية، وهي رسالة قالت للأميركيين إن تيارات الإسلام السياسي لا يمكن الرهان عليها ولا الوصول معها إلى اتفاق نظرا لازدواجية خطابها وتناقض مواقفها العلنية والسرية. وأكدت أن واشنطن تتخوف من أن تهيمن مجموعات الإسلام السياسي على المشهد في الجزائر لتصل إلى الحكم لاحقا سواء بانتخابات أو بأي أسلوب آخر، ما يهدد مصالحها خاصة بعد أن سقطت تونس ومصر وليبيا في قبضة هؤلاء. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عبّرت عن غضبها من التعاطي السلبي لحكومتيْ الإخوان في تونس ومصر مع الهجمات على سفارتيها لدى لقائها الرئيس المصري محمد مرسي ووزير خارجية تونس رفيق عبد السلام على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي. ويقول مراقبون إن الإدارة الأميركية بدأت تقتنع بالتحذيرات التي تطلقها قوى مدنية وحقوقية في تونس ومصر، وتؤكد فيها أن الإخوان يحمون المتشددين، وأنهم يوظفونهم في "تأديب" القوى المنافسة لهم. وأتاحت الأوضاع الأمنية المنفلتة في دول "الربيع العربي" الفرصة للمجموعات المتشددة التي تؤمن بفكر القاعدة كي تنظم نفسها، وتتدرب على السلاح، وترسل مقاتلين إلى مواطن النزاع "سوريا" مستفيدة من دعم مالي سخي تنهض به بعض الدول في المنطقة. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق