السبت، 10 نوفمبر 2012

جمعة تطبيق الشريعة وتساؤلات دقيقة



د.عثمان عبد الرحيم
في بداية الثورة كانت الجموع الإسلامية ممن شارك في ميدان التحرير تتواصى فيما بينها بعدم رفع أي شعار إسلامي حتى تمر الثورة على سلام وحتى لا يفهمها الغرب على أنها ثورة إسلامية فيضع لها العراقيل بل رأينا نضجًا أغرب من هذا لدى الإسلاميين تمثل في القبول بالعملية الديمقراطية برمتها وهي ما كانت تمثل رجسًا ونوعًا من إنكار توحيد الألوهية بل ومبالغة ملحوظة في تقدير الدستور، وهو الذي كان يمثل طاغوتًا يحكم من دون الله واستبشرنا بذلك خيرًا وحينما دعا إلى جمعة تطبيق الشريعة وسمعنا ما تم طرحه فيها إذا بنا أمام خطاب إسلامي قديم كامن بأدلته ونصوصه بل حتى بنبرة الصوت  في الذاكرة تم استحضاره ليكون موضوع جمعة تطبيق الشريعة وحكم من أنكرها فكأنك في الثمانينيات وإذا بك تسمع كلامًا خطيرًا من الشباب المتحمس الذي خرج متوهجًا ومندفعًا إلى معركة تطبيق الشريعة، وإذا بك تفاجأ بكم من التصريحات المفكرة والتي تحتاج إلى توضيح من الكيانات التي ينتمي إليها مَن تحدث بالأمس وإليك عينة من تلك التصريحات:
الشيخ حازم أبو إسماعيل (الدستور أصبح مرفوضًا تمامًا حتى بعيدًا عن المادة الثانية.)
الشيخ حسين يعقوب (لا يجوز استفتاء الناس على الدستور أصلًا لأنه لا يجوز أن نسأل الناس هل يحكم الله أم لا.)
الشيخ عبود الزمر (مستعدون للتضحية من أجل الشريعة.)
الدكتور عمر عبد العزيز (مستعدون للجهاد من أجل الشريعة ومرسي مثل مبارك إذا لم يطبق الشريعة ومَن لم يطبق الشريعة فهو كافر.)
وهنا لنا وقفة ومن حقنا أن نسأل وبكل صراحة ماذا تعني هذه التصريحات؟ وكيف لنا أن نقرأها خاصة فيما صدر من قيادات الجماعة الإسلامية في ضوء مراجعاتها؟ هل تمثل مقدمة لمرحلة جديدة من مراحل العودة بالأفكار إلى فترة السادات التي كانت تتمحور فيها الحركة الإسلامية حول قضية تطبيق الشريعة بمفهوم تطبيق الحدود وإغلاق محلات الخمور؟ ثم إذا بنا تخرج علينا أبحاث حكم منكر الشريعة ومستبدل الشريعة والياسق وتكفير من يحكم بغير الإسلام؟ وهل نحن مقدمون الآن على مرحلة الكفر بالدستور لأنه حكم من دون الله؟ ثم ما هو مفهوم تطبيق الشريعة وهل تم تحديده والتوافق عليه؟ وهل تعني تلك التصريحات حرق الإسلاميين لفترة (المرحلية الديمقراطية) والمطالبة مباشرة وبكل صراحة بتطبيق الشريعة؟ وهل نحن أمام (تكفير وشيك) لمرسي إذا ما حالت الظروف بينه وبين تطبيق الشريعة بمفهومها الحرفي لدى من خرج في جمعة الشريعة؟ وهل نحن على أبواب حالة تجييش لشباب الأمة واستصحاب أدلة تكفير المسبتدل للشريعة لا سيما وأن الشيخ عشوب وهو أحد القيادات الجهادية قد خرج بالأمس ليقول المادة الثانية من الدستور مادة كفرية؟ في الحقيقة ما قيل في الجمعة كان صادمًا لكل من توهم أن الحركة الإسلامية قد نضجت إلى القدر الذي تعلم فيه أن هوية مصر الإسلامية لا يمكن العبث بها حتى وإن تم تغيير الدستور كله وأن الشريعة أكبر من اختزالها في بعض النصوص المتحفية والقوانين الجنائية وأن الإسلاميين يملكون صندوق الانتخاب الذي حسم وسيحسم كل المعارك القادمة مع غلاة العلمانيين والحاقدين على تولى مرسي الحكم.
خاصة وأننا لا نعلم على وجه التحديد ما هو هدف احتشاد الإسلاميين في جمعة الشريعة فإذا كانت المليونية بهدف الضغط على الجمعية التأسيسية للدستور لوضع مبادئ من الدستور أو استبدالها بأحكام فقد حدث المراد وأضيفت مادة مفسرة لمبادئ في مادة مستقلة تبين دلالة المبادئ وهذا هو سبب امتناع حزبي "النور" و"الحرية العدالة" عن المشاركة.
وإذا كان المقصود حقيقة أن يتم تطبيق الشريعة فعلًا فالأمر يسير جدًا ولا يوجد أسهل منه وهو أن تزحف تلك الحشود إلى قصر الاتحادية والاعتصام أمامه والإعلان عن عدم فض الاعتصام إلا إذا أصدر مرسي قرارت فورية بتطبيق الشريعة وهذا حق له فإن الرئيس مرسي يملك دستوريًا وقانونيًا أن يصدر قرارات جمهورية بتطبيق الشريعة الإسلامية لأنه يملك السلطة التشريعية.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger