النساء والفقراء.. هل ينتخبون أعداءهم؟
Mon, 28/05/2012
لأن عقل الإنسان لا يرتد إلى عقل الأميبا، تثور شعوب العالم - خاصة النساء والفقراء ضد الديمقراطية المزيفة، القائمة على ما يسمونه: الانتخابات الحرة «برلمانية ورئاسية»: أخطر اللعب الطبقية الأبوية، منذ نشوء العبودية حتى يومنا هذا فى القرن الواحد والعشرين، تم كشف اللعبة فى كل البلاد، من وول ستريت بنيويورك فى الغرب الأقصى، حتى سان بول بلندن فى الغرب الأوسط، حتى تونس وميدان التحرير فى مصر، أو الشرق الأوسط، باللغة الاستعمارية الأكاديمية، حمى الانتخابات المرض المزمن، مثل الملاريا والبلهارسيا فى الترع والأدغال، وجلد الفقراء ورجم النساء فى العهود البائدة.
كيف تكون انتخابات حرة وسط أغلبية ساحقة تعيش تحت خط الفقر، ووجوه النساء تغطى مثل العورة، أو تفرض عليهن الطاعة العمياء، تحت اسم الدين والأخلاق، أو التعرية والبغاء، تحت اسم السوق وحرية الاختيار؟!
فى مطار استوكهولم، بالأمس، رأيت على شاشة التليفزيون «جيمى كارتر»، كأنما بطل الانتخابات الرئاسية المصرية، يعلن عن فرحه العظيم بعرس الديمقراطية فى مصر، كما أعلن من قبل عن فرحه العظيم بعرس السلام بين إسرائيل ومصر.
فى الطائرة إلى القاهرة همست فى أذنى المضيفة المصرية بصوت حزين: مين ينجح فى الإعادة يا دكتورة: مرسى الإخوان المسلمين، أم شفيق فلول مبارك والنظام السابق؟
ناولتنى الصحف المصرية وسألتنى: تشربى إيه؟ قلت: عصير برتقال طبيعى، قالت: كل العصائر مصنوعة
مثل كل الانتخابات، قلت: نعم.. حرية الانتخابات أكذوبة مثل حرية السوق، مثل معاهدة السلام مثل صداقة أمريكا، مثل فرح جيمى كارتر الكبير بعرس الديمقراطية فى مصر.
تسألنى المضيفة: من المسؤول عن هذه الكارثة؟ الإخوان أم الأقباط أم المجلس العسكرى أم الفلول أم الليبراليون أم اليسار أم اليمين أم الشعب المصرى غير الواعى من النساء والعمال والفلاحين والنخبة المتعلمة، أم منظمات ائتلافات الثورة؟
قلت: كلهم مشاركون فى الكارثة بدرجات مختلفة، منذ قبولهم إجهاض الثورة بانتخابات البرلمان المزيفة قبل وضع الدستور الجديد، هللوا لها وقالوا عنها عرس الديمقراطية حتى ظهرت النتيجة المفجعة واستولى على مجلسى الشعب والشورى الإخوان والسلفيون. كرروا الخطأ، وهللوا لانتخابات الرئاسة قبل وضع الدستور الجديد. قالوا عنها انتخابات رائعة، حتى ظهرت النتيجة فقالوا عنها نهاية مفجعة.
سألت المضيفة المصرية: غباء رجال السياسة فى مصر أم الانتهازية لأخذ الفتات من أى شىء؟
قلت: الاثنان معاً.
قالت: لأنهم رجال؟
قلت: ونساؤهم هل أكثر وعياً؟
ضحكت المضيفة، وقالت: إن كان زوجها إخوانياً أو سلفياً فهى تخشى عقاب الله فى الآخرة وعقاب زوجها فى الدنيا، وإن كان زوجها ليبرالياً أو لا دينياً فهى تخشى الطلاق أو الزوجة الثانية فى الدنيا، على الأقل.
كيف ينتخبون رئيساً لا يعرفون ما هى سلطاته، ثم يلطمون الخدود بعد أن تظهر النتيجة؟! ألا يرون إلا تحت أقدامهم؟ هل يعانون قصر النظر إلى هذا الحد، رغم كونهم قيادات ورؤساء أحزاب وأساتذة جامعات؟
ويشيدون اليوم بكفاءة المجلس العسكرى فى إدارة هذا العرس الانتخابى، وينسون أنهم اتهموه، بالأمس، بسوء إدارة المرحلة الانتقالية وما فيها من فواجع.
كم مرة ينادون بتوحيد القوى الوطنية والثورية والليبرالية دون جدوى! كل فريق يجرى ويهرول وحده ليقول للسلطة «أنا أهه» متصوراً أنه سوف يكسب قبل الآخرين.
الفجيعة الكبرى أن أقصى اليسار عاد الى عادته القديمة، ليساند أقصى اليمين وفلول مبارك نكاية فى الإخوان والتيارات الإسلامية، وبالمثل أصبح الليبراليون واللادينون يساندون الإخوان والسلفيين، نكاية فى فلول مبارك والنظام السابق.
مهزلة تكشف عن غياب المبادئ لدى الجميع، غياب مصلحة الوطن، وفساد اللعبة الديمقراطية الانتخابية.
إنه النظام العالمى المحلى القائم على القوة والديكتاتورية تحت اسم الديمقراطية، والحرب والعدوان تحت اسم السلام، والسرقة والنهب تحت اسم السوق الحرة، والازدواجية والكذب الإعلامى والتربوى تحت اسم التعليم، وخيانة العهد فى الحياة العامة والخاصة تحت اسم الرجولة والقيم الموروثة.
بعد كارثة الانتخابات البرلمانية والرئاسية يخططون لتشكيل جمعية الدستور الجديد، تتسرب بعض أخبارها إلى الصحف، فجريدة «المصرى اليوم» ٢٧ مايو ٢٠١٢ حصلت على نسخة من قانون تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الذى وافقت عليه اللجنة التشريعية بمجلس الشعب أمس. القانون من ١٣ مادة، تنص المادة الثالثة على أن يراعى فى تشكيل الجمعية قدر الامكان تمثيل جميع أطياف المجتمع.
كلمة أطياف المجتمع ماذا تعنى؟ هل النساء طيف من هذه الأطياف، يا لطيف الألطاف! أم أنكم تخترعون كلمات غامضة مراوغة، للهرب من الكلمات الواضحة؟
أقباط، مسلمون، نساء، شباب، عمال، فلاحون، جنود، مثقفون، إذا كانت النساء نصف المجتمع، فبكم تحظى النساء من مقاعد فى لجنة من مائة عضو؟ وما هى معايير تقسيم المقاعد؟
كانت طوابير النساء فى عرس الانتخابات أكثر طولاً من طوابير الرجال.. فهل يتم إعادتهن إلى البيوت كما حدث؟
هل تظل المرأة مجرد أداة فى العائلة والدولة، فى السلم والحرب والثورة والانتخابات والدعايات والإعلانات والأزمات، حتى تنتهى الأزمة فيعود الرجل لسلطته القديمة؟
على شباب وشابات الثورة وكهولها تنظيم صفوفهم وتوحيدها كما فعلوا ونجحوا فى إسقاط رأس النظام السابق، لقد استطاعت الثورة المضادة داخليا وخارجيا تفتيتهم إلى مئات الائتلافات من أجل إضعافهم، فهل يتم استيعاب الدرس، أم يستمر النساء والفقراء فى انتخاب أعدائهم؟ هل نظل ندور فى فلك كلينتون وكارتر والسعودية وقطر والإخوان، والسلفيين والفلول واليسار واليمين والليبراليين؟!
كيف تكون انتخابات حرة وسط أغلبية ساحقة تعيش تحت خط الفقر، ووجوه النساء تغطى مثل العورة، أو تفرض عليهن الطاعة العمياء، تحت اسم الدين والأخلاق، أو التعرية والبغاء، تحت اسم السوق وحرية الاختيار؟!
فى مطار استوكهولم، بالأمس، رأيت على شاشة التليفزيون «جيمى كارتر»، كأنما بطل الانتخابات الرئاسية المصرية، يعلن عن فرحه العظيم بعرس الديمقراطية فى مصر، كما أعلن من قبل عن فرحه العظيم بعرس السلام بين إسرائيل ومصر.
فى الطائرة إلى القاهرة همست فى أذنى المضيفة المصرية بصوت حزين: مين ينجح فى الإعادة يا دكتورة: مرسى الإخوان المسلمين، أم شفيق فلول مبارك والنظام السابق؟
ناولتنى الصحف المصرية وسألتنى: تشربى إيه؟ قلت: عصير برتقال طبيعى، قالت: كل العصائر مصنوعة
مثل كل الانتخابات، قلت: نعم.. حرية الانتخابات أكذوبة مثل حرية السوق، مثل معاهدة السلام مثل صداقة أمريكا، مثل فرح جيمى كارتر الكبير بعرس الديمقراطية فى مصر.
تسألنى المضيفة: من المسؤول عن هذه الكارثة؟ الإخوان أم الأقباط أم المجلس العسكرى أم الفلول أم الليبراليون أم اليسار أم اليمين أم الشعب المصرى غير الواعى من النساء والعمال والفلاحين والنخبة المتعلمة، أم منظمات ائتلافات الثورة؟
قلت: كلهم مشاركون فى الكارثة بدرجات مختلفة، منذ قبولهم إجهاض الثورة بانتخابات البرلمان المزيفة قبل وضع الدستور الجديد، هللوا لها وقالوا عنها عرس الديمقراطية حتى ظهرت النتيجة المفجعة واستولى على مجلسى الشعب والشورى الإخوان والسلفيون. كرروا الخطأ، وهللوا لانتخابات الرئاسة قبل وضع الدستور الجديد. قالوا عنها انتخابات رائعة، حتى ظهرت النتيجة فقالوا عنها نهاية مفجعة.
سألت المضيفة المصرية: غباء رجال السياسة فى مصر أم الانتهازية لأخذ الفتات من أى شىء؟
قلت: الاثنان معاً.
قالت: لأنهم رجال؟
قلت: ونساؤهم هل أكثر وعياً؟
ضحكت المضيفة، وقالت: إن كان زوجها إخوانياً أو سلفياً فهى تخشى عقاب الله فى الآخرة وعقاب زوجها فى الدنيا، وإن كان زوجها ليبرالياً أو لا دينياً فهى تخشى الطلاق أو الزوجة الثانية فى الدنيا، على الأقل.
كيف ينتخبون رئيساً لا يعرفون ما هى سلطاته، ثم يلطمون الخدود بعد أن تظهر النتيجة؟! ألا يرون إلا تحت أقدامهم؟ هل يعانون قصر النظر إلى هذا الحد، رغم كونهم قيادات ورؤساء أحزاب وأساتذة جامعات؟
ويشيدون اليوم بكفاءة المجلس العسكرى فى إدارة هذا العرس الانتخابى، وينسون أنهم اتهموه، بالأمس، بسوء إدارة المرحلة الانتقالية وما فيها من فواجع.
كم مرة ينادون بتوحيد القوى الوطنية والثورية والليبرالية دون جدوى! كل فريق يجرى ويهرول وحده ليقول للسلطة «أنا أهه» متصوراً أنه سوف يكسب قبل الآخرين.
الفجيعة الكبرى أن أقصى اليسار عاد الى عادته القديمة، ليساند أقصى اليمين وفلول مبارك نكاية فى الإخوان والتيارات الإسلامية، وبالمثل أصبح الليبراليون واللادينون يساندون الإخوان والسلفيين، نكاية فى فلول مبارك والنظام السابق.
مهزلة تكشف عن غياب المبادئ لدى الجميع، غياب مصلحة الوطن، وفساد اللعبة الديمقراطية الانتخابية.
إنه النظام العالمى المحلى القائم على القوة والديكتاتورية تحت اسم الديمقراطية، والحرب والعدوان تحت اسم السلام، والسرقة والنهب تحت اسم السوق الحرة، والازدواجية والكذب الإعلامى والتربوى تحت اسم التعليم، وخيانة العهد فى الحياة العامة والخاصة تحت اسم الرجولة والقيم الموروثة.
بعد كارثة الانتخابات البرلمانية والرئاسية يخططون لتشكيل جمعية الدستور الجديد، تتسرب بعض أخبارها إلى الصحف، فجريدة «المصرى اليوم» ٢٧ مايو ٢٠١٢ حصلت على نسخة من قانون تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الذى وافقت عليه اللجنة التشريعية بمجلس الشعب أمس. القانون من ١٣ مادة، تنص المادة الثالثة على أن يراعى فى تشكيل الجمعية قدر الامكان تمثيل جميع أطياف المجتمع.
كلمة أطياف المجتمع ماذا تعنى؟ هل النساء طيف من هذه الأطياف، يا لطيف الألطاف! أم أنكم تخترعون كلمات غامضة مراوغة، للهرب من الكلمات الواضحة؟
أقباط، مسلمون، نساء، شباب، عمال، فلاحون، جنود، مثقفون، إذا كانت النساء نصف المجتمع، فبكم تحظى النساء من مقاعد فى لجنة من مائة عضو؟ وما هى معايير تقسيم المقاعد؟
كانت طوابير النساء فى عرس الانتخابات أكثر طولاً من طوابير الرجال.. فهل يتم إعادتهن إلى البيوت كما حدث؟
هل تظل المرأة مجرد أداة فى العائلة والدولة، فى السلم والحرب والثورة والانتخابات والدعايات والإعلانات والأزمات، حتى تنتهى الأزمة فيعود الرجل لسلطته القديمة؟
على شباب وشابات الثورة وكهولها تنظيم صفوفهم وتوحيدها كما فعلوا ونجحوا فى إسقاط رأس النظام السابق، لقد استطاعت الثورة المضادة داخليا وخارجيا تفتيتهم إلى مئات الائتلافات من أجل إضعافهم، فهل يتم استيعاب الدرس، أم يستمر النساء والفقراء فى انتخاب أعدائهم؟ هل نظل ندور فى فلك كلينتون وكارتر والسعودية وقطر والإخوان، والسلفيين والفلول واليسار واليمين والليبراليين؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق