الأربعاء، 30 مايو 2012

لن تقبل مصر شفيق رئيساً

الكاتب

Mon, 28/05/2012 - 21:36

يعرف القاصى والدانى أن الفريق أحمد شفيق كان صديقاً للرئيس المخلوع ومقرباً منه، ومن الموثوق بقدرتهم على أداء المهام الصعبة. ولأنه عُرف بالحزم والانضباط، فقد اعتبره الرئيس المخلوع الأقدر على التعامل مع الأوضاع المستجدة بعد 25 يناير، ومن هنا تم تكليفه برئاسة مجلس الوزراء يوم 29 يناير 2011، أى فى اليوم التالى مباشرة على بدء تحول الحركة الاحتجاجية إلى ثورة كبرى. ولكى يثبت شفيق إخلاصه لنظام مبارك وكفاءته فى أداء المهام المكلف بها، لم يتردد فى التعاون مع رموز هذا النظام إلى أقصى درجة ممكنة، قبل وبعد سقوط رأسه.
فقبل تنحى مبارك فى 11 فبراير وحتى رحيل شفيق بضغط من ميدان التحرير فى 3 مارس 2011، لم يتردد الرجل فى تقديم جميع أشكال الدعم للمحاولات الرامية إلى احتواء الثورة أو تصفيتها. وقد تجلى ذلك بوضوح عندما قام شفيق بتمكين رجال النظام القديم من تدبير وتنفيذ «موقعة الجمل»، وعندما غطى على محاولاتهم التى لم تتوقف لتهريب مليارات الدولارات التى نهبوها إلى خارج البلاد، وعندما قام بتسهيل فرص هروب مجرمين عتاة، من أمثال حسين سالم، إلى خارج البلاد، وعندما سمح ببقاء زكريا عزمى مطلق السراح لأسابيع طويلة يمارس عمله خلالها كالمعتاد من داخل القصر الرئاسى ويتلقى تعليماته مباشرة من رئيس مخلوع يقيم داخل القصر الذى بناه له حسين سالم فى شرم الشيخ من أموال غاز مصر المنهوب والمباع لإسرائيل بأبخس الأثمان!
فكيف لرجل هذا تاريخه أن يتقدم عبدالمنعم أبوالفتوح وحمدين صباحى وعمرو موسى وغيرهم فى انتخابات الرئاسة، ويصبح هو الأقرب إلى اعتلاء أهم موقع لصناعة القرار فى مصر فى مرحلة ما بعد ثورة يناير؟ وكيف يمكن لرجل كهذا أن يتحدث عن «ثورة مسروقة» يتعهد للشعب باسترجاعها إذا ما انتخبه رئيسا، وكأن هذه الثورة لم تقم لهدم النظام الذى ينتمى هو نفسه إليه وكان أحد أهم أركانه؟
لا أحد يمكنه التنبؤ بما قد تخبئه الأيام أو الأسابيع أو الشهور القادمة، التى أظن أنها ستكون حبلى بمفاجآت مذهلة. غير أننى على يقين تام من أن وجود الفريق أحمد شفيق مرشحاً ومنافساً قوياً فى جولة الإعادة فى أول انتخابات رئاسية مصرية تجرى بعد ثورة يناير لهو أكبر دليل فى حد ذاته ليس فقط على سوء إدارة المرحلة الانتقالية وإنما أيضا على خيانة الثورة والتنكر لأهدافها. وأظن أن حقائق كثيرة قد بدأت تتضح الآن، خاصة فى ضوء النتائج التى أسفرت عنها الجولة، أهمها: 1- أن شفيق هو المرشح الحقيقى للمجلس العسكرى، وأن الزج بعمر سليمان لم يكن سوى مناورة تمهيدية للتغطية على خططه فى إدارة المرحلة الانتقالية. 2- تم تسخير جميع أجهزة ومؤسسات الدولة لتقديم كل معاونة ممكنة لشفيق، لكن فى حدود ما هو مباح أو ما قد يتعذر اكتشافه من مخالفات. 3- تعاونت اللجنة الانتخابية مع المجلس العسكرى لتذليل جميع العقبات القانونية التى اعترضت ترشح شفيق، معتمدة على حصانتها القضائية. ويكفى أن نتذكر طريقة تعامل اللجنة مع موضوع ترشح شفيق بعد صدور قانون العزل السياسى.
لن أفاجأ، فى سياق كهذا، إذا ما صحوت يوما فوجدت شفيق معتلياً كرسى الرئاسة فى مصر الثورة. لكن لا أظن أن ذلك سيكون بداية لمرحلة استقرار، اللهم إلا إذا مهد أحمد شفيق لهذه المرحلة بدماء كثيرة ينوى سفكها. وإذ يفترض أنها قامت لهدم النظام الذى ينتمى إليه، وحدث ذلك، لا أظن أن شفيق سيأبه كثيراً إذا ما أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً يقر بصحة قانون العزل أو يقرر عدم صلاحيتها فى النظر فيه، مما يعنى أن قانون العزل كان واجب التطبيق منذ لحظة صدوره وأن اللجنة الانتخابية ارتكبت خطأ قانونيا وسياسيا فادحا حين قبلت أوراق شفيق وأدرجته ضمن قائمة المرشحين فى انتخابات الرئاسة.
لا أظن أن الشعب المصرى سيستسلم لأحمد شفيق رئيسا لمصر بعد ثورة يناير، والأرجح أن يكون انتخابه بداية مرحلة من الاضطراب السياسى والاجتماعى. لذا أناشد الفريق أحمد شفيق، باسم الشرف العسكرى والوطنية المصرية، أن ينسحب طواعية من سباق الرئاسة حفاظاً على أمن هذا الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger