الاثنين، 11 أبريل 2011

الأموال المصرية المنهوبة: هل يمكن استردادها..؟!



محمد يوسف عدس (المصريون) 11-04-2011

دُعيت إلى ندوة أقامتها مؤسسة "جلوبال فيجن"Global Vision 2000 ، انعقدت فى مبنى مجلس الشيوخ البريطاني.. لمناقشة التحوّلات الجارية فى العالم الإسلامي بعد انطلاق الثورات الشعبية فى البلاد العربية.. وقد كشفت الندوة عن حقائق وتغيّرات مذهلة قد بدأت تتفاعل فى الفكر الغربي، لست هنا بسبيل التطرّق إليها..

ولكن أثار اهتمامى بصفة خاصة باحث ومفكر انفرد بميزة لا بد من التنويه بها.. خصوصا فى الوقت الراهن، حيث بدأت مصر تبحث عن أموالها التى سرقها الدكتاتور المخلوع وأسرته وأعوانه.. أما الرجل فهو "محمد رفيق.." أحد أكبر خبراء البنوك.. فقد أمضى عقودا من عمره يعمل فى المؤسسات المالية.. وعمل مستشارا لعدد من البنوك المركزية الكبرى.. وبسبب اطلاعه على أدقّ خفايا هذه المؤسسات ومعرفته لأسرارها هالُهُ ماتنطوى عليه معاملاتها من جرائم لا أخلاقية... فقد تكشّف له أن هذه البنوك تقوم بدور شرير فى هذا العالم.. وأنها وراء عمليات نهب ثروات الفقراء لحساب الأغنياء.. ووراء الكوارث الاقتصادية التى تصيب الشعوب.. وأن كل هذا يجرى بتواطؤ من الحكومات..

كفر الرجل بفلسفة المنظومات المالية والاقتصادية الغربية، وكفر بممارساتها الانتهازية .. فتخلّى عن دينه واعتنق الإسلام.. وليست هذه أول مرة أعرف فيها خبيرا من خبراء المال والبنوك يعتنق الإسلام من مقترب المعاملات المالية.. ولكن حالة محمد رفيق تتميز كما أشرت بخصوصية جديدة.. فقد تطوّع الرجل مع مجموعة من الخبراء من زملائه بإنشاء "فريق متخصص" لدراسة وبحث الأموال التى نهبتها الدكتاتوريات الحاكمة فى بلاد العرب.. وأودعتها تحت أسماء شخصية فى البنوك الغربية.. وهدف الفريق هو مساعدة الشعوب المنهوبة على استرداد أموالها ..



وهنا بيت القصيد.. فقد علمت أن الحكومة المصرية تعتزم ابتعاث لجنة من خبراء المال والقانون إلى البلاد الغربية للمطالبة بهذه الأموال.. وهذه خطوة ضرورية فى طريق طويل وشاق للوصول إلى هذه الأموال واستردادها.. ولكن ليس هذا وحده كافيا.. لماذا..؟! لأن الأموال المسروقة غير معروف قيمتها الحقيقية .. ولأن البنوك يمكن أن تخفى حقائق كثيرة عنها.. كما أن الحكومات الغربية ترى أن من مصلحتها الإحتفاظ بهذه الأموال فى بنوكها.. خصوصا فى هذه الظروف التى تتفاقم فيها الأزمة الإقتصادية باطراد غير مسبوق...



وأودّ أن أنبّه إلى أنه ليس صحيحا ما يعتقده بعض الكتاب المصريين: "أنه لا خوف ولا قلق على إسترداد الأموال المسروقة ما دامت فى بنوك الغرب".. فالخبراء العارفون ببواطن الأمور هنا يقولون كلاما آخر: "إن ما يُعلن عن هذه الأموال لا يمثل إلا جزءا طفيفا من قيمتها الحقيقية.. وأنها يمكن ألا تُسترجع أبدا." وهناك شواهد على ذلك كثيرة تتعلق بمليارات الدولارات التائهة فى هذه البنوك .. أودعها حكام لصوص ثم قُتلوا أوماتوا أو سكتوا عنها.. ولم تستطع الشعوب أن تستردّها.. ومن أمثلة ذلك أن أموال دكتاتور الفلبين فرديناند ماركوس، وشاه إيران لم تُسترد حتى الآن...!



والأدهى من ذلك أن تقوم الدول التى توجد فيها هذه الأموال بمصادرتها لصالحها الخاص.. وقد أشار إلى هذه الحقيقة الفاجعة المستشار‮ ‬يحيي‮ ‬البنا ممثل وزارة العدل في‮ ‬مفاوضات التوقيع علي‮ ‬اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة.. وأنا لا أستبعد أن تقوم الدول الغربية بهذا الإجراء.. خصوصا وأنها تعانى فى الوقت الحالى من أزمات مالية خطيرة.. وفى حاجة إلى أى أموال ولو كانت أمولا مسروقة.. الطريق إلى استرداد هذه الأموال إذنْ ليس طريقَا سهلا.. بل محفوف بالعقبات والأشواك...!



وإذا أردت أن تتعرّف على بعض الحيل التى يمارسها لصوص المال وتساعدهم البنوك على إخفاء معالمها بحيث يصعب أو يستحيل التحقق منها أو استردادها فإليك بعض الأخبار التى ترددها الصحافة فى الوقت الراهن.. دون أن تثير ما تستحقه من اهتمام.. تقول هذه الأخبار: " معظم ثروة أسرة مبارك قد تم «التعامل معها» فى الأيام الأولى لقيام الثورة المصرية.. وأنه قد تم تسييل جزء كبير من الأصول الثابتة فى عدد من الدول الأوروبية.. كما تم تحويلها عبر معاملات نقدية إلى دولة عربية ثم إلى دولة عربية أخرى.. " ثم يمضى الخبر فيؤكد: "ان المتبقى من هذه الاموال والأصول أصبحت قيد التجميد.. ولكن عملية الحصر لم تنته بعد.."..

تعرف من هذا الخبر أشياء وتستغرب أشياء أخرى: فمثلا: تعرف أنه فى الأيام الأولى للثورة كانت هناك أيدٍ خفية غير معروفة تلاعبت بالأصول الثابتة فباعتها وأودعت قيمتها فى البنوك الأوربية ثم نقلتها بعد ذلك من بنك فى بلد عربي إلى بنك آخر.. ولكن الخبر لا يوضح لك لماذا..؟ والإجابة التى لا يمكن أن تحصل عليها هى: إخفاء معالم هذه الأموال بحيث يستحيل الوصول إليها.. وتستغرب: من هم أصحاب هذه الأيدى الخفية التى تتلاعب فى ظلمات البنوك..؟ ولماذا لم تنتهِ عملية الحصر بعد.. ؟؟ وأعتقد أنها لن تنتهى أبدا..!! ثم تستغرب أيضا القول بأن المتبقى أصبح قيد التجميد.. والسؤال هو إذا لم تكن قد انتهيت بعد من حصر الأموال فكيف تزعم أنك قمت بتجميد شيء لا تعرف مقداره بعد..؟!



ثم انظر إلى الأمثلة التى يضربونها لإلقاء مزيد من الإخفاء والتضليل.. وجرْجرتْ الباحثين إلى متاهات من الوقائع والإجراءات المعقّدة.. يقول الخبر: "إن امتلاك الرئيس أو أسرته «فندقا على سبيل المثال» فى إحدى العواصم الغربية لا يعنى أن هذا الامتلاك غير شرعى «حتى لو قُـدّر ثمنه اليوم ببلايين الدولارات، فربما لم يكن هذا ثمنه وقت شرائه، ثم إنه يمكن الدفع بأن أصل المال تم الحصول عليه من خلال عملية قانونية تماما لشراء وبيع أراضى ثم المضاربة فى البورصة.."

يعنى انه حتى فى حالة ثبوت ملكية مبارك وأسرته لفندق مثلا فى مكان ما فلن تستطيع أي بعثة مصرية أن تضع يدها عليه وتقول هذا مالنا أعيدوه إلى مصر... لماذا..؟ يقول صاحب التصريح: لأن عليك أولا أن تثبت قدْر الجزء المسروق من القيمة الحالية للفندق.. فهذ فقط هو حق مصر.. أما باقى القيمة فليست كذلك..!

كما يمضى فيقول "إن الأمر «سيستغرق وقتا.. وأنه سيتم فى إطار القوانين الحاكمة التى تتطلب بالضرورة إثبات عدم شرعية هذه الأموال...!" وأنت لا تعرف ماهى هذه القوانين الحاكمة.. ولا تعرف تفسيراتها وتأويلااتها وتكييفاتها المختلفة...! هذا هو نوع المعاملات الخبيثة التى ستصادفها أى بعثة تذهب للبحث عن الأموال المصرية المنهوبة واستردادها...!



ولكن نخلص من هذا كله إلى القول بأن المهم أن من يريد البحث عن هذه الأموال سيحتاج إلى من يرشده فى دهاليز هذه البنوك وخفاياها وألاعيبها التى لا تنتهى.. علما بأن مبارك وجميع اللصوص لن يعترفوا بحقيقة مسروقاتهم أبدا ولا كيف تصرّفوا أو تلاعبوا بها.. و هم بالتأكيد يتمنّون أن يُسْدَل عليها ستار التعتيم، حتى وإن لم يستفيدوا هم بها.. إنهم يفضّلون أن تضيع فى ظلمات البنوك على أن تستردّها شعوبهم.. فهناك مصلحة مشتركة بين هذا النوع من اللصوص وبين البنوك الأجنبية..



وفريق محمد رفيق بخبرائه ورجال القانون فيه قد كرّسوا أنفسهم لهذه المهمة الإنسانية.. فى خدمة الشعوب لاسترداد أموالها المُغيّبة فى سراديب البنوك الغربية.. وهذه دعوة منِّى إلى الجهات الرسمية المعنية باسترداد هذه الأموال أن تتصل بمحمد رفيق مدير الفريق.. و أنا على استعداد لتيسير وسائل الاتصال إذا طلبتها جهة رسمية جادة..





myades34@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger