الاثنين، 11 أبريل 2011

أزمة الجيش والثورة منعت استدعاء مبارك.. واحضار جمال للتحقيق وسوزان الاسبوع القادم


حسنين كروم
2011-04-10


القاهرة - 'القدس العربي' : حفلت الصحف الصادرة يومي السبت والأحد، بالكثير من الأحداث الساخنة التي توالى حدوثها، واتسم بعضها بالخطورة، خاصة محاولات إحداث وقيعة بين الجيش والشعب، وبدأت في جمعة التطهير بميدان التحرير وعدد من الميادين في مدن أخرى مثل الإسكندرية والسويس، والتي شاركت فيها كل القوى والأحزاب السياسية لمطالبة المجلس العسكري بإحضار الرئيس السابق حسني مبارك من شرم الشيخ لمحاكمته في ميدان التحرير، وقد ظهرت بوادر شكوك في أن المجلس يتباطأ في هذه العملية وكذلك بالنسبة لشخصيات أخرى، وهو ما نفاه المجلس، مؤكدا على أن الجيش أمين على الثورة وأهدافها.
ومن الظواهر المزعجة ظهور عدد من ضباط الجيش في ميدان التحرير بملابس عسكرية، لإعلان الانضمام للثورة، ومهاجمتهم المجلس العسكري، وترديد هتافات من البعض ضد المجلس، وهو ما أثار رفض كل قوى الثورة التي نظرت بريبة شديدة لما يحدث، ورفضت ايضا أية محاولات للايقاع بين الثورة والجيش، وان كانت حاولت الفصل بين الجيش كمؤسسة عسكرية وبين المجلس الأعلى باعتباره السلطة الحاكمة التي يجوز إبداء الملاحظات حول أدائها، وحدثت اشتباكات في الميدان، بين متظاهرين رفضوا الانصراف بعد موعد حظر التجول وعناصر من الشرطة العسكرية، والشرطة خاصة عندما حاولت الشرطة العسكرية استلام الضباط المتظاهرين، وأدت إلى وفاة متظاهر، وإصابة أكثر من سبعين، واعتقال حوالى أربعين، واصدر المجلس العسكري أمرا بإلقاء القبض على رجل الأعمال وعضو الهيئة العليا بالأمانة العامة السابق للحزب الوطني ومهندس عملية التوريث إبراهيم كامل، لتورطه في أعمال البلطجة والترويع التي حدثت في الميدان بوجود مدير مكتبه وائل أبو الليل واتباعه طارق سليمان وخالد إسماعيل في الميدان ومشاركتهم في أعمال البلطجة، ولكن إبراهيم كامل نشرت له 'المصري اليوم' امس نفيا لذلك، وقال ان هناك تشابها في الأسماء ولا يوجد عنده مدير مكتب بهذا الاسم ولوحظ أن 'المصري اليوم' كررت النفي ثلاث مرات، مرتان في تحقيق في الصفحة الثالثة، وثالثة في الخامسة.
ونشرت الصحف عن المحاكمات والتحقيقات والمطالبات بعزل رؤساء الجامعات والمحافظين وأعضاء المجالس المحلية الموالية للنظام السابق، والذين يقومون بالثورة المضادة ولذلك حذر منهم زميلنا الرسام بجريدة 'روزاليوسف' دياب، بأن كان رسمه عن مفرمة لحم لثورة يناير تفرم ثعبانا ضخما جدا يرمز للنظام السابق، إلا انه أخرج من الناحية الأخرى آلاف الثعابين الصغيرة. كما عقدت الجماعة الإسلامية مؤتمرا صحافيا في الأقصر أمام ضريح أبو الحجاج الأقصري، اعلنت فيه انها ضد ممارسة أي شكل من أشكال العنف، ونفي وزير الداخلية السابق اللواء حبيب العادلي وجود أي دور له في صفقة لوحات السيارات الجديدة، وتكلفتها خمسة وتسعون مليون جنيه.
وقال إن رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف هو الذي أصدر أمرا مباشرا بإسنادها إلى شركة ألمانية.
واتضح أن وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي مساهم فيها وأنه لا يعلم ان كان نظيف مساهما فيها أم لا، كما رصدت أجهزة الرقابة تحويل مبلغ عشرة ملايين جنيه الى حساب العادلي بعد هذه الصفقة، إلا أنها لم تتأكد إذا كان هذا عن نصيبه في هذه الصفقة أم في صفقة أخرى، كما أصدر المجلس العسكري قرارا بإعادة كل مقرات الحزب الوطني المملوكة للدولة إليها، وبدأ التنفيذ فعلا، وطلب النائب العام التحفظ على أموال وممتلكات مدير مكتب مبارك جمال الدين عبد العزيز، وعلي معتز إبراهيم عبد المقصود أمين عام جامعة القاهرة، وأكثر من مائة من المسؤولين وبينهم إعلاميون وصحافيون، والقبض على لص أثناء محاولته سرقة محفظة وأحاط به عدد من المتظاهرين وأخذوا يهتفون له، حرامي غلبان. وإلى بعض مما عندنا:

حملة مفاجئة لمنع إقامة المفاعل النووي
المجاور لقرية سياحية تابعة لرجل اعمال

لاحظت امس وجود بداية حملة ضد إقامة المحطة النووية لتوليد الكهرباء في منطقة الضبعة في الساحل الشمالي، فجأة، وقد نشرت 'الأخبار' في صفحتها الرابعة خبرا من ميدان التحرير، نصه: 'قامت مجموعات من الشباب المشاركين في المظاهرة المليونية بتوزيع بيان تحت عنوان 'ملف الطاقة والكهرباء بعد ثورة 25 يناير لمستقبل افضل لشباب مصر'، تضمن الشق الأول من البيان ضرورة تنظيم حملة قومية لوقف مشروع المفاعل النووي ومدفن النفايات بالضبعة ومطروح وذلك لعدة أسباب أهمها أن المشروع النووي استخدم سياسيا لتلميع الرئيس والوريث ويجب بعد ثورة 25 يناير أن نعيد دراسة ملف الطاقة لمصلحة تشغيل الشباب ومصلحة مصر وأن الطاقة النووية مكلفة جدا وستورطنا في قروض بالمليارات، وانها ملوثة للبيئة بالنفايات النووية المشعة والمسرطنة وستعرضنا لخطر إسرائيل، كما ان المحطات النووية تعرضنا للكوارث والحوادث والتسرب الإشعاعي وتهجير السكان ويجب ألا ننسى أن آثار الإسكندرية الغارقة غرقت في الماضي بعد تسونامي'.
والغريب، بل والمثير، أن تنشر 'الأهرام' في نفس اليوم - الأحد - في باب البريد، موضوعا رئيسيا فيها ضد المشروع كتبه الدكتور حسام بريري، وهو أستاذ اقتصاد زراعي بجامعة الأزهر، ومما قاله فيه: ' ان قرارنا الانفعالي بإنشاء أول مفاعل نووي مصري قد جاء في وقت يتزايد فيه الجدل بخصوص المخاطر التي تكتنف البدء أو التوسع في إنشاء تلك المفاعلات، ولعل لنا فيما أقدمت عليه بعض أهم الدول النووية، بحسم خياراتها بالتوقف عن إنشاء مفاعلات جديدة للطاقة النووية خير دليل على عدم الاحتفاء بتلك الطاقة.
وإذا كان الكثيرون من المختصين بشؤون الطاقة والبيئة يتحدثون بصوت مرتفع الآن عن أولويات وضرورات تعميق ثقافة تكنولوجيا الطاقة المتولدة من مصادر آمنة وقابلة للتجديد لا في مصر وحدها ولكن على المستوى الدولي، كما هو الحال مثلا في الطاقة الشمسية أو الطاقة المسماة 'الكهربيوضوئية' بالإضافة الى اكتشاف طاقة الهيدروجين وطاقة الرياح النظيفتين، خاصة أن مصر تقع من بين أهم دول العالم المؤهلة لتتبوأ مكانة متقدمة في هذا المجال، لوقوعها في نطاق ما يسمى بدول 'حزام الشمس'.
وأود التذكير، بأن صاحبنا هذا، كان قد شارك من قبل في الحملة ضد إقامة المفاعل في الضبعة. أما إبراهيم كامل فقد خاض معركة علنية، ضد الجيش والمخابرات للاستيلاء على أرض الضبعة، لإقامة مشروع سياحي عليها، بالمشاركة مع عدد من رجال الأعمال من بينهم والد زوجة جمال مبارك، محمود الجمال، وتحول إلى خبير في الأرصاد الجوية، وقال باستهانة عن المشروع انه سيولد شوية كهرباء، والملفت بعدها ان صديقنا وصاحب جريدة 'المصري اليوم' ورجل الأعمال صلاح دياب، أيد عدم إقامة المحطة في الضبعة، كما شن فجأة رئيس تحريرها زميلنا وصديقنا مجدي الجلاد حملة ضد العلماء الداعين لإقامة المحطة في الضبعة.

وصف رئيس شرم الشيخ باليتيم

والى الذين واصلوا الاهتمام الشديد بالرئيس السابق، حيث واصل زميلنا في 'الأهرام' هشام مبارك الدعوة لجمع تبرعات أهل الخير له باعتباره يتيما يعيش وحيدا في شرم الشيخ، فقال عنه وعن المتبرعين له يوم الجمعة: 'ما زالت التبرعات المادية والعينية تنهال على يتيم شرم الشيخ، الحسيني شحات يقول: أنا في السعودية هل ممكن أجيبله معايا سبحة وسجادة، ولا دي بضاعة مضروبة؟
وأحمد يسري محاسب، يعرض التبرع بعمل ميزانية الضرايب ويطلعه خسران وما يدفعش حاجة، وسلوى الجهيني تقول إنه نظف البلد قبل ما يمشي وخلاها على البلاطة، ومع ذلك تعرض التبرع بالبلاطة، ومحمد منازع يعرض التبرع بالدم لأنه شاحح في شرم الشيخ، وصالح مصطفى يقول: وإيه يعني مليار جنيه، غالي واليتيم رخيص'.
وغالي واليتيم رخيص تطوير للرد الذي نرد به على طلب صديق، غالي والطلب رخيص.

جهاز الكسب المشروع
يحاكم جمال وثروته

لكن مشكلة هشام، محاولاته لجمع التبرعات لمبارك، بحجة انه يتيم، انكشفت، وظهر على حقيقته وهو انحيازه للرئيس السابق، إذ يبدو أن كل من له اسم مبارك، يشكلون حزباً أو جماعة يساند بعـــضها بعضا، لأن مبارك لا يستحق الصدقات هو أو أسرته، وهو ما أوضحه له في اليوم التالي مباشرة، السبت - زميله مجدي دربالة في تحقيقه بـ'أخبار اليوم'، واستنادا إلى مصادر مضمونة، إذ قال بالنص:
'المستندات التي ستتم مواجهة جمال بها هي أرصدته في البنك الأهلي فرع مصر الجديدة، التي بلغت مائة مليون جنيه حيث تلقى جهاز الكسب غير المشروع تقارير من البنك الأهلي والبنك المركزي تؤكد صحة بلاغ مصطفى بكري في اتهامه لابن الرئيس السابق بالتربح، وأكد رئيس جهاز الكسب غير المشروع، المستشار عاصم الجوهري انه أرسل طلب حضور لجمال مبارك الى مقر سكنه ولم يحدد له اسم المستشار الذي سيقوم بالتحقيق معه.
واكتفى الطلب بحضور جمال مبارك إلى وزارة العدل لجلسة التحقيق مع التنبيه على الحضور بشخصه، وخلال ثمانية أيام سيتم استدعاء سوزان مبارك وعلاء مبارك تباعا لمواجهتهما ببعض المستندات التي تكشف تضخم ثرواتهما، ولكن أجهزة التحقيق تفضل الانتهاء من التحقيق مع جمال مبارك بداية، قبل استدعاء باقي الأسرة، وسيواجه سوزان مبارك بحسابات في بعض البنوك المصرية، وسيواجه علاء مبارك بحساب يحتوي على مائة مليون جنيه، وحسابات في جمعية محمد علاء مبارك الخيرية تحتوي على مائة وعشرين مليون جنيه دون علم وزارة التضامن الاجتماعي.
وكشفت تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع عن مفاجأة في قضية حسابات مكتبة الإسكندرية، والمتهم فيها الرئيس السابق بإنشاء حساب سري يحتوي على مائة وسبعة وأربعين مليون دولار لا يعلم عنه رئيس المكتبة أي شيء، حيث أكدت التحقيقات التي شارك فيها المستشاران صفوت طرة وأحمد طلبة، أن إدارة المكتبة طلبت من الرئيس السابق خمسة ملايين دولار لدعم أنشطة المكتبة، فقام مبارك بتحويل هذا المبلغ لإدارة المكتبة عن طريق البنك المركزي من خلال حساب آخر حتى لا يلفت نظر أحد للحساب السري الذي سيطر عليه تحت ستار مكتبة الإسكندرية، وأن مبارك طلب من قيادات البنك المركزي ألا تفصح لمسؤولي المكتبة عن مصدر الخمسة ملايين دولار التي حصلوا عليها'.
وما دامت الأمور قد وصلت بالرئيس السابق إلى هذا الحد، فلا بد فعلا من محاكمته فورا، وحتى لا تحدث فتنة بين الجيش والشعب، خاصة بعد كثرة الأقوال بأن هناك تعهدا سابقا من الجيش بعدم تقديمه للمحاكمة.

لماذا التأخير بمحاكمة مبارك؟

وأشار الى ذلك حزب الوفد في بيان له نشرته جريدته يوم السبت لزميلنا صلاح شرابي، ومما جاء فيه: 'يبدو أن هذه الأماني في طريقها إلى الزوال، وبدأت في التلاشي بعد أن تبددت بعض المطالب التي طرحناها منذ اليوم الأول للثورة ولم تتحقق، مثل محاكمة الرئيس السابق سياسيا وماليا وجنائيا، وقد شعرنا، ومعنا جميع القوى السياسية، بأن هناك قرارات قد اتخذت بالفعل بعدم محاكمة حسني مبارك الذي أعطى الأوامر المباشرة بقتل المتظاهرين وسحقهم حتى سقط منهم ستمائة شهيد، وهذا يدعو للتساؤل، متى نرى حسني مبارك خلف القضبان ليحاكم على جرائمه في حق شعب مصر على مدى ثلاثين عاما مضت؟ ومتى نرى محاكمة نجله الفاسد جمال مبارك الوريث المخلوع على جرائمه السياسية قبل المالية؟ فهو الشريك الأصلي لوالده في جرائمه'.

الثوار يهددون بالزحف لشرم الشيخ
لإحضار مبارك ومحاكمته بميدان التحرير

وجدد المطلب في اليوم التالي - الأحد - أحد رئيسي تحريرها، زميلنا وصديقنا أسامة هيكل وكان محرر الجريدة العسكري، بقوله: 'الشعب المصري الذي عاد لميدان التحرير والميادين الرئيسية في محافظات أخرى يحتج بقوة على التلكؤ في تقديم مبارك للمحاكمة رغم مرور شهرين على خروجه من الحكم، ورغم البلاغات التي تنهال ضده في مكتب النائب العام، ورغم الأنباء اليومية عن ثروات مبالغ فيها له خارج مصر، والشعب لديه كل الحق في مطالبه، فالناس تشعر ببطء شديد غير مبرر، لدرجة جعلت البعض يتصور انه يتم إمهاله الفرصة لتهريب أمواله في الداخل إلى الخارج، والناس لم تطلب قتل مبارك أو رجمه، ولكن طلبت تقديمه للعدالة ومحاكمته وفق القانون، والناس لم تطلب محاكمته استثنائيا ولكن طلبت محاكمته أمام القاضي الطبيعي، وهذه المحاكمة حق للمجتمع المصري كله في أن يعرف حقيقة رئيسه الذي ظل في الحكم ثلاثين عاما دون إنجاز وقد تثبت المحكمة براءته، وفي كل الحالات، يجب أن تعود الحقوق لأصحابها.
لا بد من قراءة جيدة لمليونية الجمعة، فالشعب الذي ثار لم يشعر بعد أن التغيير المطلوب قد حدث، ومحاكمة مبارك سوف تكون تأمينا بان الثورة قد نجحت، وسوف توقف الثورة المضادة عند حد معين حتى نبدأ في عهد جديد خال من الاستثناءات والفساد، فهل هناك من يقرأ الأحداث بشكل موضوعي حتى لا تضيع الثقة نهائياً؟!'.

ماذا ينفع الحكومة لو ربحت
دعم العالم وخسرت ثقة شعبها؟

وإذا كانت 'الوفد' وجهت الكلام مباشرة للمجلس العسكري، فإن زميلنا إبراهيم خليل رئيس تحرير جريدة 'روزاليوسف' وجهه إلى الحكومة بقوله: 'نقول للحكومة الحالية: ماذا ينفع الحكومة لو ربحت دعم العالم وخسرت ثقة شعبها؟
وعلى هذه الخلفية فإن المطلوب سرعة انتهاء الأجهزة الرقابية من تقاريرها عن ثروة وممتلكات مبارك حتى تتم محاكمته، لنحاصر كل الشائعات، لا يمكن ان يتوقف مستقبل وأمل شعب عريض وأعظم ثورة شعبية تفجرت في هذا القرن أمام عقبة محاكمة مبارك مهما كانت صعوبة هذا الأمر، بقيام ثورة 25 يناير أصبحنا على مشارف الفجر الجديد الذي سيسطع بلا جدال بعد بدء محاكمة الرئيس المخلوع، والشعب والجيش والثوار 'إيد واحدة' وروح واحدة قد أخذوا قضيتهم ومصيرهم بيدهم، ولا أحد ولا شيء يمكن أن يمنع التغيير الذي صنعوه'.

هناك مؤامرة لكن هناك ايضا
همجية بتعامل بعض المصريين

وإلى المعارك التي لا تزال مشتعلة، إما بسبب الثورة، أو كرد فعل لها، وهناك غاضبون جدا، من الشعب المصري وبعض الظواهر السلبية التي لاحظوها عليه وتتعلق بطباعه، وأخلاقه، وعلى سبيل المثال قال زميلنا في 'الأهرام' جميل عفيفي يوم الثلاثاء: '- إنني لا أنكر وجود مؤامرة ولكن يجب أن نتوقف كثيرا أمام سلوك البعض من الشعب المصري، فلماذا كل هذه الهمجية في التعامل، ودائماً بعد كل نجاح يحدث ذلك، يجب أن تتم دراسة سلوكيات الشعب، ويجب ألا نتعامل مع اي موقف يحدث بأنها عملية مدبرة وأنها ثورة مضادة تحاول أن تجهض الثورة الشعبية العريقة التي تحدث عنها العالم بأسره.
فهل من المعقول ما حدث من عمليات سرقة ونهب من قبل الآلاف يوم 28 يناير كان ثورة مضادة؟ وهل ما يحدث من اختراق لقواعد المرور في الشوارع ثورة مضادة، وهل التعدي على الأراضي والمباني ثورة مضادة، وهل هذا الكم من الباعة المتجولين الذين افترشوا الشوارع وأعاقوا سير المارة بجانب إعاقة المرور ثورة مضادة؟ إن كل ما سبق سلوكيات منحرفة داخل المجتمع المصري، حيث اعتقد كل فرد انه آن الأوان لأن ينفذ كافة مطالبه دون النظر الى باقي الشعب أو المصلحة العليا للدولة'.
لماذا الغيت كوتة
المرأة بمجلس الشعب؟

أيضا، فإن زميلتنا عفاف الدهشان بمجلة 'آخر ساعة' والمشرفة على صفحتي - نون ونونوـ كانت منزعجة من المطالبة بإلغاء المجلس القومي للمرأة وكوتة المرأة في مجلس الشعب، وعبرت عن انزعاجها بالقول: 'لا تؤاخذوا نساء مصر بجريمة سوزان مبارك حرم الرئيس السابق، فتوقفوا العمل في المجلس القومي للمرأة لأن القوانين التي صدرت عنه لم تلق قبولا عند بعض الفئات المتشددة في المجتمع المصري.
فهناك من الشواهد ما يدل على إقصاء المرأة من الحياة العامة في المرحلة الراهنة بعد الثورة، مما يخشى من تراجع المساحة التي يجب أن تشغلها فيها، إلى جانب الثقافة السلبية المتوارثة التي تتعمد حرمان المرأة من حقوقها الأساسية لأنها الطرف الأضعف في المجتمع، لكن تهميش دور المرأة بعد الثورة غير مقبول على الإطلاق، وقد جاء قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصدار مرسوم بقانون يعمل على تغليظ العقوبات المتعلقة بجرائم الخطف والاغتصاب والتحرش لتصل العقوبة في بعض الحالات الى الإعدام، ليهدىء من روع المرأة المصرية التي أصبحت مهددة في بيتها وفي الشارع وفي كل مكان بسبب الظروف الراهنة التي تشهدها البلاد.
كما أن بقاء الكوتة الخاصة بالمرأة في الإعلان الدستوري الجديد رفع من معنوياتها خاصة أن كل الأحزاب الجديدة تنصلت من وضعها في قوائمها كمرشحة ولكنها تساق الى الانتخابات لزيادة عدد الأصوات بداخل الصناديق لصالح رجال لا يدركون كم هي متحضرة المرأة المصرية'.

هل كل الزيجات
التي تمت قبل الثورة باطلة؟

أما زميلنا بـ'الجمهورية' خفيف الظل ومدير تحريرها محمد أبو كريشة فقد رفض بأسلوبه الخاص الهجوم على كل ما كان موجودا قبل الثورة بقوله يوم الأربعاء: 'كل ما كان حقا يصير باطلا، حتى أنني لا أستبعد صدور فتوى من السلف أو التلف أو الأزهر والكنيسة بأن كل الزيجات التي تمت قبل الثورة باطلة لأن الأزواج رضعوا 'على بعض' من النظام السابق، وبالتالي فإن كل الأبناء الذين ولدوا في ظل النظام السابق أولاد حرام، الحكاية 'طموش عايزة فكاكة' ولا عبقرية، خذ من الشمال وضع في اليمين، وخذ من اليمين وضع في الشمال، تبادل مواقع ومقاعد، الثورة والنظام السابق يلعبان الكراسي الموسيقية، من كان في جنة النظام السابق يلقى في جهنم الثورة، ومن كان في جهنم النظام السابق يدخل جنة الثورة، اللا نظام الحالي يرضى عمن غضب عليه النظام السابق، ويغضب على من رضي عنه النظام السابق، وهو نفس ما فعله النظام السابق مع الأسبق، وما فعله الأسبق مع الأسبق، والثابتون في مواقعهم لا يتزحزحون منها، هم ونحن السوقة والدهماء والعامة، نحن مطرودون من رحمة كل الأنظمة واللا أنظمة، كان النظام السابق يتهم أشباحا وفلولا وخلولا في كل الجرائم والكوارث، كان يتهم الإرهاب، كان يتهم المختلين عقليا، كان يتهم جماعات لا وجود لها، كان يتهم قلة مندسة تنتمي الى جماعة 'بكاكا داسا'.
لكنه لم يتهم نفسه أبدا، وهذا ما يفعله اللا نظام الحالي فهو أيضا يتهم منظمة بكاكا داسا المندسة، أو عصابة بكاكا داسا المندرسة بإفساد مباراة الزمالك والأفريقي التونسي ،وبهدم وحرق الأضرحة، وهناك رأي له وجاهته يقول: إن الثورة تسعى إلى تطهير البلد من فلول النــــــظام السابق بما في ذلك اضرحة الأولياء الصالحين، لأن الأولياء الصالحين ينتمون إلى النظام السابق، والولي هو من كان يوالي نظام حسني مبارك، والثورة تسعى إلى إقامة أضرحة بديلة لأوليائها الصالحين'.

نكتة غزوة الصناديق تثير المصريين

وهكذا أدخلنا محمد على غير رغبة منا، إلى معارك السلفيين التي كنا نود الاكتفاء بما نشرناه عنها، لكن الواقع يقول انها لا تزال مشتعلة وتستحوذ على قدر كبير من الاهتمام، ففي جريدة 'اللواء الإسلامي'، هاجم زميلنا محمود عيسى الشيخ محمد حسين يعقوب وكان مغتاظاً منه بسبب نكتته البايخة، وقال عنها: 'ان كان صحيحاً أن ما قاله الشيخ محمد حسين يعقوب حول ما أسماها بغزوة الصناديق مجرد 'نكتة' فإنها نكتة غير مقبولة، أو ليسمح لي الشيخ الفاضل أن أصفها بأنها 'نكتة بايخة، ان مطلقي مثل هذه النكات ومرتكبي جرائم تنفيذ الحدود وتدمير الأضرحة، يقدمون أكبر خدمة لرافضي وجود التيارات الإسلامية في حياتنا، ولذا فإن من الضرورة أن تتصدر التيارات الإسلامية المعتدلة وما أكثرها، جبهة الرفض والمواجهة الفكرية لهؤلاء خدمة لديننا ووطننا'.
طبعا نكتة بايخة، فمن أين تأتي خفة الظل للشيخ يعقوب وغيره من السلفيين المتجهمين، وإن كنت أعرف مشايخ كثيرين، لو بدأوا في التنكيت بعد ان يطمئنوا الى الحاضرين، فحدث ولا حرج عن النكات التي يطلقونها، ولا ينافسهم في هذا المجال، إلا البابا شنودة وعدد آخر من القساوسة.

هدم نظام فاسد واستبداله
بدويلات قائمة على الهوى

ونظل في 'اللواء الإسلامي' لنقرأ لزميلنا وصديقنا حازم عبده تحذيراً، جاء فيه: 'من قبل رأينا الكنيسة تفرض سيادتها وولايتها على بعض الأجساد - الله وحده أعلم بإسلامها أو بمسيحيتها - ليس من المعقول أن نزيح عن مصر عصابة ثم نحولها إلى غاية، ليس مقبولا أن نهدم أفسد نظام عرفه التاريخ لنستبدله بدويلات قائمة على الهوى والفهم الأوحد، فبأي حق تهدم فئة الأضرحة وتروع الناس، مهما اتفقنا أو اختلفنا مع بعض السلوكيات التي تحتاج إلى الوعي أكثر مما تحتاج الى الهدم والقتل، بأي حق تفرض الكنيسة ولايتها على أجساد مواطنين مصريين، لا ولاية على أجسادهم إلا للدولة المصرية؟!
سوف تخــــسر السلفية والسلفيون والإسلام والمسيحية إذا لم يردع العقلاء كل من يظنون أنهم فوق الدولة وفوق القانون وفوق البشر، وأنهم وحدهم من ضمنوا الجنة، وأن غيرهم في النار، وأن أحدا غيرهم لم يفهم الإسلام أو المسيحية'.

الفنانة حنان ترك
تهاجم تناقضات عمرو خالد

وإلى إخواننا في التيار الإسلامي ومعاركهم، وأول خناقة كانت بين الفنانة المحجبة حنان ترك، والداعية عمرو خالد، إذ هاجمته يوم الثلاثاء في حديث لها بجريدة 'روزاليوسف' أجرته معها زميلتنا نسرين علاء الدين قالت فيه ردا على سؤال حول ما نشر عن ترشيـــح عمرو لرئاسة الجمــــهورية: '- لن أؤيده على الإطلاق لسبب بسيط أن عمرو ظهر في الفترة الأخيرة في العديد من الفضائيات بكلام متناقض فقال لقد تم طـــردي من مصر ثم عاد وقال لم يقم أحمد بطردي وعندما سأله البعض عن تكوينه لحزب ديني قال لا، فكيف لا وهو داعية إسلامي له شعبية عريضة فلا يصح أن يقول ذلك ونحن لا نحتمل شخصاً بداخله هذه العيوب.
عمرو ليس صديقي فهو يعمل فقط مع والد ابني وتعرفت عليه عن طريقه ولكننا لسنا أصدقاء'.

الشيخ القرضاوي يهاجم شيوخ الازهر

وثاني المعارك ستكون من نصيب الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي، وهاجم فيها من كانوا على رأس الأزهر، بقوله يوم الثلاثاء في 'المصري اليوم' في حديث مع زميلنا علاء الغطريفي' '- المؤسسة الدينية الرسمية في البلاد العربية بصفة عامة، فقدت كثيرا من ثقة الجماهير المسلمة بها، ومن تأثيرها الفكري والدعوي والروحي والأخلاقي بسيرها في ركاب الطغيان الحاكم، وانضمام قيادتها الى الحزب الحاكم المكروه من الشعب، والساقط من أعينه، وعمل كثير من المشايخ الكبار في لجان الحزب وسياساته، وانصياعهم لما يطلبه منهم جهاز 'أمن الدولة' الذي طالما تجبر على الشعب وأذله، لقد حفظ الأزهريون مواقف لشيوخ أزهرهم مثل موقف الشيخ عبد المجيد سليم، الذي صرح تصريحا أغضب الملك، فقيل له: يا فضيلة الشيخ إن هذا التصريح خطر عليك! قال له: أيحول هذا الخطر بيني وبين المسجد؟ فقيل له: لا.
قال: إذن لا خطر.
وقال شيخ الأزهر محمد الخضر حسين: إن لم يزد الأزهر في عهدي فلا ينتقص منه، وبعض الشيوخ أضاعوا مكانتهم عند الله، وعند الناس حينما حنوا رؤوسهم للحكام وبالغوا في الثناء عليهم، وليت هؤلاء إذ جبنوا أن يقولوا كلمة الحق، لم يقولوا كلمة الباطل!
ففي الحديث: 'إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له: أنت ظالم، فقد تودع منهم'، أي: لا خير فيهم، فكيف إذا كان علماء الأمة، يقولون للظالم: أيها البطل، أيها المنقذ، أيها المصلحة؟!
والمفروض في مصر أن يقوم الأزهر بالدور الوسطي، وهو ما يحرص عليه صديقنا فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وفقه الله، ويجب أن يهيىء له من الأسباب، ويحشد له من الشخصيات ما يطرد به الغلاة وينجح الدعوة الوسط'.
والمرحوم الشيخ عبد المجيد سليم، كان ميالا لحزب الوفد، ولذلك لم يسترح له الملك، بعكس المرحوم الشيخ المراغي الذي كان مؤيدا للملك فؤاد ثم ابنه فاروق، وأما الشيخ محمد الخضير حسين، فهو تونسي، وكان شيخا للأزهر بعد ثورة يوليو.
والغريب أن شيخ الأزهر الحالي الشيخ أحمد الطيب كان عضوا في المكتب السياسي للحزب الوطني، عندما كان مفتياً، ثم رئيساً لجامعة الأزهر، وعند اختياره شيخاً للأزهر بعد وفاة الشيخ محمد سيد طنطاوي وهو يؤدي العمرة في السعودية، ولم يقدم الشيخ الطيب استقالته، إلا بعد ضغوط شعبية، واستنكار من اختيار شيخ للأزهر قيادي في أعلى سلطة حزبية، أي أن كل الهجمات التي صبها الشيخ القرضاوي على المرتبطين بالحزب الحاكم تتجه الى صديقه شيخ الأزهر الحالي، مع العلم ان الشيخ سيد طنطاوي هو الذي اختار القرضاوي عضوا في مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر.

محاولة الفصل التعسفي
الكهنوتي بين الدين والسياسة

أما آخر معارك الإسلاميين فستكون من نصيب زميلنا في 'الوفد' أحمد أبو زيد، وقوله يوم الأربعا: 'دأبت مجموعة من الكتاب في مصر ممن يجهلون الإسلام ويعرفون باتجاهاتهم وآرائهم المعادية للشريعة والمنهج الإسلامي، سواء من العلمانيين أو الماركسيين على محاولة الفصل التعسفي الكهنوتي بين الدين والسياسة، والترويج للمقولات الكهنوتية القديمة 'دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله' والمقولة الساداتية، 'لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين'، وهم يعنون بذلك أن ينحصر الإسلام في المسجد ودور العبادة ولا تكون له أي صلة أو شأن بدنيا الناس.
فما رأيكم يا سادة في هذا الكلام؟ أيصبح إسلامنا مجرد عبادات لرب العالمين ويقبع في المساجد وينفصل فصلا تعسفياً عن دنيا الناس من أجل عيون العلمانيين والمنافقين والمرجفين في مصر؟ هذا الكلام لا يصدر إلا عن جاهل بحقيقة الإسلام كمنهج شامل وكامل وصالح للتطبيق في كل زمان ومكان، ولو كان الإسلام كما تقولون وتروجون في كتاباتكم ومؤلفاتكم دينا فقط لجلس النبي 'صلى الله عليه وسلم' في مسجده بالمدينة يدعو الناس ويقوم سلوكهم وما تحمل عبء إنشاء دولة إسلامية وتنظيم شؤونها وتسييس أمورهم وتسيير الجيوش وتعيين الولاة في الأقاليم ولترك أمور مجتمع المدينة لأهله يسيرونه كيف يشاءون ولاقتدى به خلفاؤه من بعده، الذين حكموا دولة الإسلام الرشيدة وفتحوا الفتوحات وعقدوا المعاهدات مع الدول المجاورة، وأرسلوا السفراء وأنشأوا الدواوين التي صارت وزارات للحكم'.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger