الأحد، 10 أبريل 2011

أنا البحر في أحشائه الدر كامن ^ فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم الدكتور محمد السعيد الفرغلي

أنا البحر في أحشائه الدر كامن ^ فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي

ذهب خيال الشاعر الى ما يجب أن نعيه اليوم فالبحر درة تحوي المبهر من الدرر .

رحم الله حافظ ابراهيم شاعر مصر الكبير الذي لم يغص في البحر قط و لم يعايش الأحياء التي تعيش فيه ولم يرى من الصدفات الا زخرفها. لروحه الطيبة أهدي هذا العمل المتواضع الذي استلهمت عنوانه من شعره العظيم .

عجيب أن الانسان على سطح الأرض حبيس جسده بسبب الجاذبية و لا تكون حركته الا ذات بعدين فقط و الا......أما في البحر فاحساس غريب ينتابني كلما دخلت اليه هاربا من معظم الجاذبية إذ أشعر بأني طليق الى حد كبير و تصبح الحركة ذات ثلاث أبعاد لكن .......أظل دائما حبيس الوقت المسموح للغوص بسبب امكانات التنفس التي نحتاج لها ...... لم أجرب الفضاء بعد .


وقفت علي الشاطئ القريب كعادتي وقت الغروب ونظرت تحت أقدامي فوجدت البحر يصافحني , ورفعت بصري أمده الي الأفق البعيد فوجدت البحر يعلو ويعلو فوقي وفوق الصخرة التي أجلس عليها ويعانق السماء وسمعته ينادي بصوت ذهبي ....أنا البحر يا عاشقي ....سأبوح لك ببعض أسراري.

أنا البحر مهد الحياة غلفت هذا الكوكب بماء خرج باذن الله من باطنه يحمل السقاية والمرعى لكل حي على وجهه وانحسرت عن جزء بعد ذلك لاستكمال توازنه و ليعمره الانسان وما شاء الله من الأحياء الأخرى.


ورد ذكري في التوراة والانجيل وتكرر اسمي في القرآن في كثير من الآيات وأقسم بي الخلاق العظيم كآية من آيات خلقه لا اله الا هو أسبح باسمه الكريم حين أصبح وحين أمسي وأقدس له بعدد جزيئات مائي.


انحسرت منذ ملايين السنين كاشفا عن جزء من أحشائي و معها بعض من أحيائي و تزينت هضابا و سهولا و جبالا ووديانا و حباها الله بتطور واعمار من كل لون و شكل و أسماها الانسان اليابسة فيما بعد هذا الزمان بزمان .زخرت اليابسة بتنوع كبير في الحياة و ان كانت بسيطة شكلا ووظيفة و شكلت الغابات و المروج و الأدغال بتطور محسوب و مقدر ولكن بتطور العوامل البيئية على سطح الأرض كثير من أشكال الحياة زالت ولكن الكثير أيضا ما زالت لتحكي قصة الحياة . لم ترث اليابسة عند ميلادها من أحياء البحر أحياءا متطورة لكن الله وهبها لها عندما كبرت ملايين السنين فكانت قمة هرم التطور في النباتات و الحيوانات و تطورت و بلغت في التنوع مئات الآف من التراكيب و الأشكال و الألوان ثم أراد من يخلق الخلق ثم يعيده أن تعود بعض الأنواع الى منبع الحياة و ضمانها ( البحر ) فكانت الحشائش الزهرية البحرية و الثدييات التي أصبحت تعمر شواطئي و مياهي و أعماقي .


سخرت منذ ميلادي لصون الحياة بأمر الله الذي أودعها في مياهي وصورها ونوعها وزينها وجعل منها الدقيق والصغير والكبير وأبقى أكبر نبات علي الأرض وأكبر الحيوانات وأضخمها هانئة في أحضاني وجعلني أحيط باليابسة من كل جانب أحميها وأعطيها وآخذ منها, يتحول جزء من مياهي علي مدار الساعة باذن الله صاعدا ليسير بأمره سحابا الي مستقرها لتهطل أمطارا تضيف الخير و النماء والمرعى ويعود لي ما تبقى منها.


أنا البحر حباني الله بنعمة الحياة ففي كل نقطة من مياهي تجد أحياءا تسبح بحمده و تشكر له نعمائه من سطوح مياهي الى أعمق أعماقي تغدو و تروح بأشكالها و أحجامها و ألوانها و طباعها و تفاعلها مع بعضها و مع وسطها في تناغم و اتزان رباني تغتذي أحياء السطح و تلقي ببعض منه لأحياء أخرى تعيش في أعماقي تحت ضغوط هائلة و برودة فائقة لا ترى ضوءا و لا تنعم بدفء .


نسيت أن أقول أني عجيبة من عجائب الكون ألملم جزيئاتي في جوفي لا تضيع منها ذرة إلا و أستعيدها بأمر الله و تسبح مياهي جيئة و ذهابا طبقات مختلفة الكثافات و المحتوى الحراري فوق بعضها من الشرق للغرب و بالعكس و من فوق لأسفل و العكس كل سائر يسبح بحمد الله بما يحمل و يحوي .


أنا البحر الذي نسجت الحكايات و أحكمت الأساطير عبر الزمن عني و عن أمواجي و أعماقي و ووحوشي كان معظمها نسج خيال وقيل في أشعار و نثريات لم تكن كثير منها تعبر عن حقائقي و ذكرت في الشعر العربي كثيرا دون أن يصفني العديد منهم بصفاتي و في خلال القرون الأخيرة كتب عني أدب الخيال العلمي الذي وصل الى حد كبير الى التعبير عني .

بذل العلماء في القرن الماضي جهدا كبيرا فكشفت لهم عن بعض أسراري و لو كان ألو الأمر قد وجهوا قدرا ضئيلا مما أنفقوه على بحوث الفضاء على ما تحت أقدامهم لكان الانسان الآن من سكان البحر و لأصبحت المورد الرئيسي لكل احتياجاته بعد ما أرهقته الحمى القلاعية في الدواب و جنون البقر و انفلونزا الطيور و المبيدات المسرطنة و المحاصيل المعالجة وراثيا دون جدوى حقيقية و غيرها .


ياأيها الانسان ألا ترى أني لا أستحق ما تفعله بي …………… أرجوك لا تجعلني مصبا لفضلاتك أو مقبرة لنفاياتك وأذكرك بأن ما تلقيه الي سأعيده يوما عليك ……… فحافظ علي ربما أصبحت يوما ملجأك الوحيد وملاذك الفريد.

ألا ترتدع من قول المولى عز و جل :

بسم الله الرحمن الرحيم ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) صدق الله العظيم (‏ الروم‏:41)‏


ألقيت عليه تحية المساء على أمل بلقاء الغد ووعدته أن أحاول تقديم نذرا و لو يسيرا لقارئ العربية عن ....أساطير كتبت عنه .....أعاجيب نراها فيه .....مع تفسير بسيط لبعض الحقائق العلمية عن تكوينه و ثرواته الحية و المعدنية و كذا بعض الظواهر الطبيعية التي تميزه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger