الثلاثاء، 22 فبراير 2011

أمن الدولة والقرضاوي



فراج إسماعيل (المصريون) 22-02-2011

ما زال حسن عبدالرحمن رئيس جهاز أمن الدولة في منصبه، مع أنه يُعزى لهذا الجهاز سيئ السمعة، السجن الكبير المحكم الذي عاشه المصريون في حقبة الرئيس المخلوع.

قال بلال فضل لبرنامج العاشرة مساء إنه في لقاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع الكتاب والمفكرين، تم ابلاغهم بإقالة عبدالرحمن، لكن مكتبه نفى ذلك في اليوم التالي.

كنت أظن أنه لم تتم إقالته فقط، بل مقبوض عليه ويحاكم، فما فعلته الأجهزة الأمنية في المتظاهرين، يتحمل "أمن الدولة" منه الجزء الأكبر بتحرياته ووشاياته وأفعاله القذرة.

أثناء التحقيق مع وزير الداخلية المحبوس حبيب العادلي طلب حسب ما نشرته الصحف، المواجهة مع حسن عبدالرحمن قائلا إنه اعتمد على تحرياته.

لا أفهم ضمناً أيضا أسباب استمرار هذا الجهاز الخطير على الأمن القومي، وهنا أؤيد رأياً بالتحفظ على رئيسه وكبار قياداته، لحين انتهاء لجنة تقصي الحقائق من عملها، وتفكيك الجهاز كاملا في أسرع وقت.

في حقبة مبارك لم تكن ثمة علاقة تربط "أمن الدولة" باسمه. تحول إلى جهاز مرعب للجميع من أجل نظام الحكم وضمان استمراره وأمنه. ممنوع على المصري أي وظيفة إلا بموافقة أمنية.

جميع رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ووكلائهم بموافقة "أمن الدولة". وأحيانا لا يكتفي الجهاز بذلك بل يجري معهم مقابلات شخصية قبل البت في قرار التعيين.

أيضا لابد من تلك الموافقة حتى يمكن تعيين شخص إماما لمسجد أو مدرسا في مدرسة أو وكيل نيابة أو رئيسا لتحرير صحيفة حكومية أو خاصة، أو تعيين صحفي في صحيفة حكومية أو مذيعا ومقدم برامج في التلفزيون المصري وقنوات رجال الأعمال في مدينة الانتاج الإعلامي.

بالاستقصاء نجد أنفسنا أمام جيش جرار لأمن الدولة، من المنتسبين إليه نظاميا، أو الواقعين تحت سيطرته العارفين لجميله عليهم.

إذا أرادت صحيفة خاصة بترخيص غير مصري الصدور من مصر ترسل أوراق رئيس تحريرها إلى وزارة الإعلام التي تحولها إلى أمن الدولة.

لا يستطيع صحفي الحصول على بطاقة الهيئة العامة للاستعلامات بدون موافقة أمن الدولة، ناهيك عن أن هذه الهيئة ذراع تابع للجهاز المرعب.

كل برامج تلفزيون ماسبيرو لا تستضيف ضيوفها بدون تلك الموافقة. وهنا علامة استفهام كبيرة وراء اعتذار محمود سعد عن اتمام لقاء مع الشيخ يوسف القرضاوي كان قد اتفق عليه بالفعل!!

هل عاد أمن الدولة وأطل برأسه مجددا مانعاً هذا اللقاء؟!..

قال الشيخ إن جهات حكومية مارست ضغوطا لمنع ظهوره على شاشة التلفزيون المصري مساء الأحد الماضي في برنامج "مصر النهارده" مع محمود سعد الذي أجرى اتصالاً بعد ظهر ذلك اليوم مع أحد أفراد أسرة للاعتذار عن تصوير الحلقة.

وقال مقرب من الشيخ إنه لا يعلم الجهة تحديدا التي منعت ظهوره.

أرجو ألا يكون "جهاز أمن الدولة" وإلا فإن ريما عادت لعادتها القديمة.

المفكرون والكتاب الذين التقاهم أحمد شفيق رئيس الوزراء مساء السبت الماضي، هم من رجال النظام السابق المتحولين، وهذا سبب فزعنا من امكانية الالتفاف على ثورة 25 يناير.

جاءت مطالبهم متسقة مع ذلك، أبعد ما يكون عن حرية الإعلام وعدم الحجر على الرأي. ما زالوا متخندقين في خندق الأكاذيب الذي انحبس فيها التلفزيون الرسمي والصحف الحكومية في تغطية أحداث الثورة، ولم يخرجوا منه إلا غصبا بعد خلع الفرعون.

انتقدوا أمامه السماح للقرضاوي بالقاء خطبة الجمعة أمام 4 ملايين مصري في ميدان التحرير، وانتقدوا اختيار المحامي صبحي صالح النائب السابق في جماعة الإخوان عضوا بلجنة تعديل الدستور.

لو تم الاجتثاث الفوري لهؤلاء الإعلاميين من مناصبهم أو أجبروا على الاستقالة، ما سمعنا هذا التحريض السافر على الحريات. هل نتوقع من جنود فرعون أن يحملوا عصى موسى؟!

إنه تحريض من أناس يدينون بمناصبهم لجهاز أمن الدولة ويعملون بأسلوبه ولا يرون الدنيا وردية بدون الحجر والمنع والحظر والملاحقة والاستدعاء والفزاعات التقليدية التي قرفنا بها النظام السابق طوال حقبته المريرة.

يقول الأستاذ فهمي هويدي في عموده أمس بجريدة "الشروق" إن مجموعة 9 مارس دعت إلى إجتماع عقد بجامعة القاهرة لبحث الأوضاع الراهنة، شهده نحو ثلاثة آلاف من أعضاء هيئة التدريس، وحين تطرق الاجتماع إلى أوضاعهم الخاصة، فإنهم توافقوا على المطالبة بألا يقل الراتب الشهري لأستاذ الجامعة عن 3 آلاف جنيه، وقرروا تأجيل توجيه المطلب إلى الحكومة في الوقت الراهن تقديرا لظروفها.

لكن مجموعة أخرى من المسئولين الجامعيين الذين ينتسبون إلى النظام السابق وجهاز أمن الدولة، عقدوا مؤتمرا مضاداً في جامعة الأزهر، حضره 52 شخصا فقط. وعلى سبيل المزايدة ولتأجيج المشاعر، فإنهم طالبوا بأن يكون الراتب الشهري 24 ألف جنيه!. إن الفلول ما زالت تضع العصى في الدواليب الدائرة.

صدقت.. إنها فلول النظام السابق وأمن الدولة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger