الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

سلوك عربي                    

نجم عبد الكريم
ايلاف
 
النقد.. خيانة، والتعبير عن الرأي.. جريمة، وكل من يخالف ذلك فإنه يعرض نفسه لأشد العقوبات.
وهكذا، وجدنا أنفسنا في عالمنا العربي، نكرر ونجتر نفس الكلام ليل نهار عبر وسائطنا الإعلامية.
وبالطبع، فإن الذي تكتبه الصحف، وتلوكه الإذاعات، وتبثه التلفزيونات، هو دائماً عبارة عن تمجيد لتلك الإيجابيات التي تصنعها القيادات!!..
ولم يحدث قط في بلادنا أن رأينا موضوعاً يكتب، أو حواراً يدور في الإذاعة، أو مناقشة تجري عبر البث التلفزيوني وفيها نقد للدولة ولأعضائها، وكأنهم قد عُصموا من الخطأ!!..
إن العرب قد تحولوا إلى نكتة مضحكة على شفاه العالم الغربي والسبب: هو السلوك العربي، تضاف إليه عقدة عداء هذا العالم للعرب.
ولكن يبقى السلوك العربي هو العنصر الأساسي الذي يدفع العالم بمثقفيه، وأجهزة إعلامه، ومنظماته الكثيرة، وأوساطه المتعددة للسخرية من العرب والإستخفاف بكل ما يقولون ويعقلون ويفكرون.
• إن العالم الليبرالي، والغرب على وجه التحديد قد ألف الديموقراطية ومارسها زمناً طويلاً، حتى أصبح يعتبر حرية التفكير والتعبير كالماء والهواء، لا غنى عنهما لأي إنسان، ولا يتطلب الحصول عليهما أي عناء أو جهد.. ولذلك يُدهش عندما يسمع بأن هذا البلد أو ذاك من بلداننا العربية قد عاقب هذا الكاتب أو ذاك الأديب، لأنه عبر عن فكرة لا ترضي السلطة الحاكمة، أو كتب مقالاً انتقد فيه بعض الظواهر المرضية.. إن العالم المتقدم يضحك منا وعلينا، ونحن السبب في معظم الأحيان، إننا نشجعه على ذلك بتصرفاتا المختلفة وممارساتنا الشاذة وسلوكنا المهين.. كأننا لا نرى ماذا يحدث أمامنا في العالم وخاصةً هذه الأيام، حيث تتعرض أكبر إمبراطورية إعلامية في العالم يملكها مردوخ للمسائلات القانونية، بسبب التنصت على حريات الآخرين!!.. أما فضيحة أمريكا فيما نشره ويكيلكس فحدّث ولا حرج!!..
فإذا كنا جادين فعلاً في الدفاع عن كرامتنا، فما علينا إلا أن نتوقف عن الكثير من المهازل التي تعرض على المسرح العربي بصورة علنية، وفي مقدمتها مهزلة التفريق بين النقد والخيانة.. بين التعبير عن فكرة صغيرة والجريمة.. إنها المهزلة العربية الكبرى، فإن لم نردع أنفسنا عن إرتكاب هذه الحماقات، فإننا لن نستطيع أن نمنع العالم من الضحك على مهازلنا، وهي تعرض في كل يوم أمام العالم!!..
 
عدد التعليقات 2
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
1. النقد وقبول الراي الاخر
د محمود الدراويش - GMT 4:02 2012 الأربعاء 17 أكتوبر
ان المسالة اعقد بكثير مما نتصور ,, وهي مسالة تتصل بالتنميط والعقل العربي والشخصية العربية ,,وارث وتراث وثقافة تتغلغل في عقولنا ولا شعورنا ايضا ,,,,الطاعة عنوان تربيتنا ,,, وعدم الخروج على الحاكم وطاعته جزءا من اجتهاداتنا الدينية ,,,, وسلسلة الخضوع للاكبر من الاب وحتى رئيس الدولة تفرض نفسها علينا وتكبل عقولنا ,,,, ليس في ثقافتنا وعرفنا وتقاليدنا ما يشجع على الذاتية والتعبير عن مشاعرنا بامانة وصدق وموضوعية ,,,,, والجماعية في الفكر لا تزال بعيدة عن ان تترعرع في عقولنا وتضبط ايقاعنا الفكري والعقلي ,,,,,,, الاب وشيخ القبيلة والحاكم صنوا للالهة ,,, لا مجال لا لنقدهم ولا للتعرض لهم او محاسبتهم او التشكيك بهم ,, انه اللاشعور الجمعي العربي وما به من انماط غابرة ,,, نمط الاب ,, والزعيم والبطل والمرأة وو, لقد جرى تنميط لعقولنا عبر رحلة طويلة من الزمن ,,, واصبح للزعيم قداسة ,,,فله الطاعة والولاء ,,,حتى مصطلح خليفة ,,,له ايحاءاته الواضحة في هذا الشان ,, انه خليفة الله ,, ومصطلح الملك ,,, من يملك امرنا وشاننا ,,فهل يصح نقده,, انه المالك وصاحب الحق بالتصرف بما يملك ,,وحتى مصطلح الامير ,,,اي صاحب الامر والاحق يالامر والطاعة ايضا ,, ومصطلح السلطان ,,اي صاحب السلطة والشان والطاعة ,,, والقائد يوحي لنا بالاستسلام له وتسليمه زمام امورنا والانقياد له والاذعان لاوامره ,,ليس في هذه المصطلحات ما يوحي بانهم خدم لنا ,,,بل العكس هو الصحيح ,,,نحن الخدم والعبيد ومن علينا الطاعة والامتثال والاذعان ,,,, انهم ولاة امرنا ,,,الوالي الذي يتولى كل امورنا وشؤننا ,,, انه صاحب العظمة والجلالة ,,,الجلالة ,,,شريك الجليل وصنوه ,,,, سلطان الزمان والمكان وكل شيء ,,,,لقد اجمل الرئيس المصري الراحل انور السادات هذا كله في مصطلحه الشهير ,,,, اخلاق القرية ,,,,اخلاق القرية ,,,الادب والاجلال والاحترام والحذر في القول والفعل امام الكبير ,,,وهو ذات المصطلح الذي استخدمه الرئيس مبارك عندما تسائل مستهجنا تصريح مسؤول اسرائيلي ,,, دول ما عندهمش كبير ؟؟, نعم عقلية الكبير ,,, الذي يقول فيطاع ,,, ورغم ما يلقون عليه من مفاهيم كالاتزان والرصانة والحكمة والعقلانية والعدل ,,,فانها وان انعدمت جميعا وهي كذلك فان طاعة الكبير واجبة ,, والتادب في مخاطبته ,,, انه كبير العائلة ,,,الذي تحدث عنه الرئيس السادات في حوار حمدين صباحي الشهير معه ,,,,المشهد التراثي هذا ينسحب على كامل رقعتنا الفكرية والجغرافية العربية ,,,,, لم نتعلم النقد ولا التذمر ولا الاحتجاج او التمرد ,,,فهذا خروج على شيخ القبيلة ,,,لاحظ ,,,خروج على شيخ القبيلة والعرف والتقليد ,,, وخروج فرد يعنى انه عزل نفسه عن الجماعة ولم يعد واحدا منها او مقبولا داخلها ,,, او محميا من قبلها ,,, اي تجريده من الرعاية والحماية والقبول ,,,,في تراثنا غلبة لمصطلح الهجاء وحضورا له اكبر قياسا بمصطلح النقد ,,,, وهما يقتربان من بعضهما في اللاشعور الجماعي العربي ,,, انت تنتقد ,,اذا تهجوا وتقرع وتشتم وتنتقص ,,,, وتحقر وتتطاول وتقلل من شان شيخ القبيلة وتخرج عن الطاعة وتتجاوز حدود الادب ,,,,,,,,, انها مسالة عويصة ,,, وان النظر اليها باعتبارها مسالة عابرة ,,,او ظاهرة يمكن التعامل معها بسهولة امر بعيد عن الصواب ,,,انها ارث وثقافة وعرف وتقليد ,,تجد تدعيما دينيا ,,,وفي حالتنا العربية فان السلطة والشرطة والنفوذ واجهزة القمع تعزز هذا وتدعم اركانه ,,,, اننا نحتاج لتغيير هائل ,,, وان الخروج من هذه الدوامة يفرض علينا واجب الاعتناء بالناشئة وان نغرس في عقولهم قناعات اخرى مغايرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger