الجمعة، 19 أكتوبر 2012

إيران تمنع الفتيات من الالتحاق بعشرات الاختصاصات الجامعية  

"أنا فتاة في الـ18 من عمري، اخترت أن أدرس اللغة الانكليزية والترجمة في جامعة طهران"، قالت كَژال (كَجَل) موكاري عبر الهاتف لموقع "قناة الحرة" بلغة انكليزية قريبة إلى الاتقان.

وكَژال (كَجَل) التي قالت إن اسمها باللغة الفارسية يعني صاحبة العينين السوداوين الجميلتين، كشفت أنها علمت بقرار الحد من التحاق الفتيات ببعض الاختصاصات الجامعية في إيران بعد أن أنهت امتحان الدخول إلى الجامعة والمعروف هناك باسم "كونكور"، والذي يُجرى على مستوى الجمهورية الإسلامية في يوم واحد.

نوع جديد من التمييز

خبر منع الفتيات الإيرانيات من اختيار دراسة الاختصاص الذي يرغبن به انتشر كالنار في الهشيم داخل إيران وخارجها.


فقد كتبت المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام،
رسالة إلى المديرة التنفيذية ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لهيئة المساواة النوعي وتمكين المرأة (UN Women)، دقت فيها ناقوس الخطر من تعرض المرأة الإيرانية لنوع جديد من أنواع التمييز ضدها.


وقالت عبادي في رسالتها إن "الحركة النسوية هي واحدة من أقوى الحركات الحقوقية في إيران، وقد شهدت نموا كبيرا خلال العقدين الماضيين. غير أن الحكومة الإيرانية تحاول محاربتها بشتى الطرق، وكان آخرها منع المرأة من التعليم والحضور الفعّال في المجتمع".

x
​​وأضافت عبادي في رسالتها أن الحكومة الإيرانية وافقت على إغلاق 77 مجالا علميا أكاديميا في 36 جامعة على مستوى الجمهورية أمام الفتيات.

فقد منعت جامعة أراك، بحسب عبادي، الفتيات من التسجيل في اختصاصات علوم الكومبيوتر، الهندسة الكيميائية، الهندسة الصناعية، الهندسة المدنية، الهندسة الميكانيكية، الهندسة الزراعية والكيمياء، فيما منعتهن جامعة أصفهان من التسجيل في اختصاصات العلوم السياسية، المحاسبة، إدارة الأعمال، الهندسة الكهربائية، الهندسة المدنية، الهندسة الميكانيكية، هندسة السكك الحديدية، وغيرها.

وبحسب
تقرير لمنظمة اليونيسكو، فإن إيران لديها أعلى نسبة عالمية في نجاح الإناث تعليميا مقارنة بالذكور.

الفصل بين الجنسين

غير أن وزير العلوم كامران دانشجو، أكد في تصريحات صحافية أن هذه القيود تأتي في سياق سعي الدولة للفصل بين الجنسين في الجامعات والذي حاولت فرضه العام الماضي دون جدوى.

بدوره، قال رئيس جامعة تكنولوجيا البترول غلامرز راشد في تصريحات صحافية "لسنا بحاجة إلى طالبات على الإطلاق"، لافتا إلى أن السبب الرئيسي في عدم قبول فتيات في هذه الجامعة هو ظروف العمل في صناعة النفط بإيران.

وتعليقا على القرار الإيراني، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إنه "يمثل تراجعا كبيرا للنساء في إيران"، داعية السلطات الإيرانية إلى حماية حقوق المرأة "بما في ذلك حقها في الحصول على التعليم".

دور المرأة مكمل الرجل

ورغم أن بعض النساء الناشطات خارج إيران اعتبرن أن هذا القرار فصل جديد من فصول التمييز ضد المرأة الإيرانية من قبل السلطات، إلا أن مهناز أفخمي المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمؤسسة Women’s Learning Partnership، قالت في تصريح بالإنكليزية عبر البريد الإلكتروني لموقع "قناة الحرة" إنها لم تتفاجأ من القرار.

وأضافت "جمهورية إيران الإسلامية أعلنت منذ نشأتها أن دور المرأة هو مكمل لدور الرجل وليس مساويا له"، مشيرة إلى أن هذا القرار هو "خطوة تمهيدية لفرض الفصل الصارم بين الجنسين".

وكشفت أفخمي أن هذا القرار جاء بعد اقتراحات قدمها برلمانيون إيرانيون لوضع حد لارتفاع نسبة الإناث في الجامعات.

"ليس منعا بل توصية"

في المقابل، حاول مدير عام
صحيفة الوفاق الإيرانية الناطقة بالعربية مصيب نعيمي التقليل من أهمية القرار، قائلا في اتصال هاتفي مع موقع "قناة الحرة" "لا يوجد منع أو تحريم، بل توصية. فالفتيات في الجامعات هن أكثرية، فيما تكمن المشكلة في إيجاد مجالات عمل لهن، مثلا مجالات العمل في الهندسة والبناء المتوفرة للنساء قليلة إن لم تكن معدومة".

وأضاف النعيمي أن "هذه التوصيات تشمل المناطق النائية، ولا تشمل العاصمة والمدن الكبرى".

وأكد النعيمي أن بعض أطراف الدولة أبدى موافقته على هذه التوصيات فيما اعترض آخرون، لافتا إلى أن دراسة نتائج هذه الخطوة مستقبلا ستحدد إن كانت صائبة أم لا.

وبما أن "مليون و200 ألف طالب وطالبة يدخلون الجامعات في إيران سنويا" بحسب النعيمي، "فإن فرص العمل تحتاج إلى دراسة وتنظيم عند التخرج للحد من البطالة".

"هذا ليس عدلا"

ووافقت كَژال (كَجَل) رأي النعيمي بما يخص فرص العمل، لكنها قالت إن "المرأة بسبب تفوقها تأخذ فرص العمل من الشباب. برأيي هذا القرار يهدف إلى إعادة بعض الوظائف للرجال".

​​وشددت كَژال (كَجَل) على ضرورة أن تعطي الدولة النساء نفس الفرص التي تعطيها للرجال، قائلة "أريد أن يكون الجميع متساوين؛ لكني كامرأة، لا أعتقد أن الطريق الذي تسلكه الحكومة هو الطريق الصحيح لجعل الامور على قدم المساواة. إنهم يحاولون التعويض على الشباب في الوقت الراهن، بعد أن حاولوا مساعدة النساء في السابق. الآن هم في الطريق الخطأ تماما".

وأضافت كَژال (كَجَل) "هذا ليس عدلا. الفتيات يدرسن أكثر ويحصلن على معدلات عالية. في المقابل يسلك الشباب الطريق السهل. والحكومة تساعدهم لدخول الجامعات من دون منافسة"!

وعن تفضيل السلطات الإيرانية للشباب على الفتيات، عزا النعيمي السبب إلى أن نسبة النجاح لدى الفتيات هي أكثر من الشباب.

"وهذا أمر غير متوازن"، قال النعيمي.

وعن سبب وجود طالبات أكثر من طلاب في الجامعات، قال النعيمي "لا أعرف، ربما العنصر النسائي هو أكثر تشوقا للعلم وأكثر رغبة فيه".

غير أن كَژال (كَجَل) أكدت أن التعليم وسيلة تسمح للمرأة بالحصول على مزيد من الحقوق.

كذلك، وافقتها أفخمي الرأي، وقالت "بالنسبة للمرأة الإيرانية، فإن التفوق في مجال التعليم هو الفرصة المتاحة أمامها لتحقيق التوازن بينها وبين الرجل".

واعتبرت أفخمي أن قرار المنع لن يوقف المرأة الإيرانية عن المطالبة بمزيد من الحقوق، مشيرة إلى أن "المرأة الإيرانية ناشطة منذ أكثر من قرن".

ويبقى السؤال: هل هذا القرار/التوصية سيدفع الفتيات الجامعيات إلى الاحتجاج أوالتظاهر ضده؟

أجابت كَژال (كَجَل) "لا أعتقد، لأن الحكومة لن تسمح بذلك. لكننا سنمارس الضغط في الجامعات، وسنرى!!"


مذكرات صحافية:

المرأة في إيران: خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء

عندما قرأت رسالة المحامية والناشطة الإيرانية شيرين عبادي إلى الأمم المتحدة مستنكرة قرار السلطات الإيرانية منع الفتيات من دخول 77 اختصاصا أكاديميا في 36 جامعة على مستوى الجمهورية الإيرانية، شعرت بألم كبير.

ورغم كوني امرأة شرق أوسطية معتادة على أنواع التمييز النوعي، غير أني لم أتفهم القرار.

فالتعليم عموما هو أداة للرجال والنساء لتحسين ظروفهم المعيشية، فكيف بالحري في منطقة تعيش كل أشكال التحديات التي تتردد سلبا على المرأة وسعيها لكسب عيشها بكرامة إضافة إلى كسب مزيد من الحقوق الإنسانية.

عدت بالصورة إلى عام 1979، عندما شارك آلاف النساء الإيرانيات إلى جانب الرجال بدعم الثورة الإسلامية.

يومها، ناشد الإمام الخميني كافة مكونات المجتمع الإيراني للوقوف إلى جانبه ودفع الشاه خارج البلاد.

ورغم أن الإمام الخميني أكد أنه يسعى إلى إنشاء مجتمع إسلامي، لكنه شدد أن هذا المجتمع سيكون على أساس المساواة والعدالة الاجتماعية، بحسب ما نقل إيرفان أبراهميان في كتابه Khomeinism.

وفي 17 مايو/أيار 1979، خاطب الخميني المرأة معترفا بجهودها إلى جانب الرجل في بناء الدولة، وذلك في تأييد واضح لدورها في الثورة الإسلامية.

وبعد تأسيس الجمهورية الإسلامية، بدأت إيران بإلغاء وتعديل القوانين التي تكرس حقوق المرأة كقانون حماية الأسرة وغيرها.

ومنذ أكثر من 30 سنة، والمرأة في إيران عرضة لانتزاع حقوقها، رغم عزمها وسعيها للحصول على مزيد من الحقوق من خلال نظام الجمهورية الإسلامية، على حد تعبير عبادي.

وليس أكثر تعبيرا عن هذه الحقيقة، سوى ما قالته كَژال (كَجَل) موكاري الفتاة الإيرانية ابنة الـ18 ربيعا "أنا سعيدة، لأن قرار الحكومة، بالرغم من خطأه، هو إقرار صريح بأننا نتقدم متخطين كل المعوقات".

ويبقى السؤال: ماذا لو طبق الرجال في السلطة قراراتهم التي يتخذونها ضد النساء على أنفسهم؟

ربما عليهم التجربة!!! (أ.ش.)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger