الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

النائب العام يطالب وزير العدل بالتحقيق بتزوير انتخابات

 الرئاسة.. تحذير من انتشار زنى المحارم وسيطرة اللقطاء

 
حسنين كروم
2012-11-12


 
 
القاهرة - 'القدس العربي' عكست صحف امس تصاعد حدة الخلافات حول مسودات الدستور الذي تعده اللجنة المكلفة، والمواقف الحادة التي يتخذها رئيسها المستشار حسام الغرياني والاتهامات الموجهة إليه بأنه ينفذ خطة الإخوان المسلمين، كما استمر القلق من تحركات الأحزاب والجماعات السلفية لفرض تصوراتها على الدستور والمجتمع وكل شيء، بما فيه التاريخ، وقد علمنا أمس - في جريدة 'التحرير' من زميلنا الرسام ايهاب هندي عن واقعة غريبة شاهدها وسمعها بنفسه اثناء زيارته لطالب قريبه في مدرسة، إذ قام بتحريض المدرس السلفي ضد زميله قائلا:
ـ الحق يا أستاذ، الواد ده بيقول ان اللي فتح مصر عمرو بن العاص مش السلفيين.
وسأل المدرس التلميذ المسكين بحدة:
ـ انت بتاخذ درس عند مين ياد.
ونشرت الصحف عن طلب محكمة جنايات القاهرة التي تنظر قضية اتلاف وثائق امن الدولة المتهم فيها اللواء حسن عبدالرحمن مدير أمن الدولة، طلبها سماع شهادة الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع لأنه كان وقتها مديرا للمخابرات الحربية، وقد سارعت جريدة حزب الإخوان 'الحرية والعدالة' الاهتمام بنشر الخبر بشكل بارز في صفحتها الثالثة بينما واصلت رفض نشر خبر آخر عن حضور السيسي تدريب رماية في المنطقة المركزية، كما قام النائب العام بإرسال طلب لوزير العدل بندب قاضي تحقيق في البلاغات المقدمة بحدوث تزوير في انتخابات الرئاسة لصالح محمد مرسي، وقيام سيدتين منقبتين بحلق شعر رأس فتاة في مترو الأنفاق في محطة كوبري القبة وإلقائها من العربة وإصابتها بكسور، وهذه هي الحادثة الثانية من هذا النوع إذ سبق تعرض فتاة صغيرة الى نفس الموقف. وبدء التحقيقات في حادث تصادم القطارين عند الفيوم ومقتل أربعة ركاب وجرح العشرات، ورفع الدعم بعد أيام عن البنزين 95، واستمرار تعرض قوات الشرطة للهجمات في سيناء، والتبشير بقرب الاتفاق مع بعثة صندوق النقد الدولي على شروط القرض، دون أن تكشف الحكومة عنها، مكتفية بأنها الخطط التي قدمتها للإصلاح الاقتصادي - ولوحظ كثرة الحديث عن فتح سيناء أمام استثمارات شركات تركية، ومنها شركة تقدمت بعرض لإقامة مصنع أسمنت باستثمارات أربعمائة مليون دولار، يستخدم جزء من الكهرباء التي سيتم استخراجها من منجم المغارة بإنشاء شركة خاصة والباقي يتم بيعه لمصانع القطاع الخاص، أي أن الحكومة تتفاوض في قضية محظور عليها الاتفاق فيها بدون موافقة من الجيش والمخابرات العامة والحربية، وبالرغم من أن الجيش له مصنع أسمنت ضخم في العريش بدأ انتاجه فعلا في المرحلة الأولى وبعد استكمال مراحله القادمة سيكون مستعدا للتصدير، ومعناه ايضا ان الحكومة تقوم بإعادة تنفيذ مخطط جمال مبارك ومجموعته من السماح لشركة تركية بإقامة مصنع في سيناء لكربونات الصوديوم بعد أن باعت المصنع الوحيد في الإسكندرية لهذه المادة، دون ان يتم التدقيق في الجهات الأجنبية التي تقف وراء أي مستثمرين أجانب في سيناء.
وإلى بعض مما عندنا:

مختار نوح يؤكد لمرسي قرب سقوطه 
ويحذره من تخلي الجماعة عنه

ونبدأ بالمعارك التي لا تريد أن تتوقف حول الرئيس بسبب سياساته وتصريحاته، معه أو ضده، والملاحظ أن مهاجميه في ازدياد، ويعبرون عن اتجاهات سياسية متناقضة ومنهم إخوان مسلمون تركوا التنظيم إلا أنهم لا يزالون على ولائهم للفكرة، ومنهم صديقنا المحامي وعضو مكتب الإرشاد السابق مختار نوح الذي عبر صراحة للرئيس عن فشله وتزايد أعدائه، بقوله له يوم الخميس في 'المصريون': 'استمع مني وصدقني، فأنت على شفا حفرة من السقوط، وبدأ الناس في رفضك وارتعدت القرارات من حولك وتناقضت ثم كثر قولك دون فعلك، فبدأ الناس في إصابة هيبتك.
والفقراء لا يعرفون الانتظار والتغيير الوزاري الذي ربما يحدث لن يشفع لك، حتى لو انتظر الناس أو صمدوا قليلا فهموم مصر أكبر من تحملك وحدك، وحينما تغرق السفينة فسوف يقفز من حولك، ولن يفيد الناس اعتذارك، وليست سيناء وحدها هي التي تحترق يا دكتور مرسي وإنما تحترق معها كرامة دولة، واطمئنان شعب وحضارة أمة ومركز مصر وهيبتها بين الانفلات والاستخفاف والتمرد، والشرطة نائمة، أكرم الله من أيقظها وسفراؤنا في الخارج لا يمارسون المهام، والمؤسسات الحكومية لا تمارس منة الأعمال إلا قليلا، والمرور بسوء، والأسعار ترتفع والدولار يبدأ في استعادة ما فاته من ارتفاع حتى يرتوي من أموال المصريين بينما العملة تنخفض، وحجة خصومك من أهل الحق واضحة وخطوات خصومنا من أهل الباطل فاضحة، وتقف وتبرز وتضخم ما يتم ارتكابه من سقطات أهمها تقريب أهل الولاء على حساب أهل الكفاءة وأهونها كثرة الشعارات وانعدام الانجازات وأوسطها عشوائية القرارات حتى ولو لم تصدر منك، والعجيب أن كل هذا يحدث في وقت ليس لك فيه عذر وقد جمعت كل السلطات في يدك، مما قد يصعب مستقبلا اشكال الاعتذار'.

من الذي روض مرسي؟

وفي نفس العدد، تعرض الرئيس إلى هجوم آخر وساخر من صاحبنا أحمد سعيد حمودة، بتساؤله الخبيث: 'هل تحول الرئيس من أسد جامح إلى؟! لا أحد ينكر أن د. محمد مرسي رجل محترم على المستوى الشخصي ذو كفاءة عالية على المستوى العلمي، لا أحد ينكر أيضا أنه ناضل كثيرا هو وجماعته في عهد النظام السابق وما قبله، قد لا يمتلك مرســـي كاريزما الرئيس، هكذا نراه ولكنه يتغلب على ذلك بمراهنته على القطاع الأكبر من شرائح المجتمع المصري البسيط ممن يخاطبــــهم في خطبه وكلمـــاته المســــتمرة، أمنى ألا ينساق وراء جماعته التي أطالــــبها أيضاً بالكف عن لغة التبريرات وأن تشارك بقوة في نجاح مشروع النهضة بدلا من تركــــيزها على اختـــيار القيادات المختلفة وتدريب القيادات المستقبلــية من محافظين ووزراء وغيرهم عن طريق 'الندوات السرية' التي تعقدها مع كبار رجالها في جميع المحافظات ذلك المحافظات ذلك ما سأتطرق إليه في مقال آخر إذا شاء الرحمن وان كان لنا في العمر بقية'.

التنصت على المكالمات: 'ووتر غيت المصرية'!

وثالث هجوم شنه في 'الاهرام' يوم السبت، أحد مديري تحريرها زميلنا وصديقنا عبدالعظيم درويش بقوله: 'لم أكن أدري قبل نشر سطور الاسبوع الماضي تحت عنوان 'عندما يقتل الإخوان ويسرقون' والتي كانت تتناول خطأ الدكتور عصام العريان - وهو من أبرز قيادات الجماعة وحزبها الحرية والعدالة - عندما كتب على حسابه الشخصي في تويتر بالحرف الواحد: 'إذا كانت جمهورية 52 سجلت تجسساً على الجميع، يصبح حراماً على جمهورية الثورة أن تسجل لتوثيق القرارات الشفوية، عجبي'، إن هناك خطيئة أخرى تحتمي بأسوار قصر الاتحادية الجمهوري 'أكثر صدمة للمجتمع وللرأي العام' كشف عنها الرئيس محمد مرسي في كلمته لجموع المصلين بمسجد عمر مكرم بأسيوط بعد صلاة الجمعة الماضية وهو ما اكتسبت معه في لحظتها الأولى تعبير 'ووتر غيت المصرية'!!
الرئيس قال بالحرف الواحد: 'لدينا تسجيلات كثيرة لمن وقف مع الثورة ومن وقف ضدها ومن بكي على المجرم السابق، وأن بعضا ممن وقف ضد الثورة يتحدث الآن باسم الثورة والثورة منه بريئة'!! القضية هنا ليست - كما سيحاول البعض - مثلما اعتدنا منهم كثيرا - تصويرها على أنها اصطياد لزلة لسان أو تفتيش في الضمائر بل هي في حقيقتها تعبير عن المنطق الذي يحكم تصرفات الجماعة ويحدد سلوك أبرز رموزها 'ساكن القصر الجمهوري' وهو يصر على إعادة استنساخ ممارسات النظام السابق! 
وعلى الرغم من محاولة الرئيس يكشفه هذا - انتزاع تصفيق العامة بإعادة فرز المواطنين ما بين 'ثوار وفلول' إلا أن ما كشف عنه من وقائع - إن صحت - أمر يصطدم بعلامات استفهام عديدة تبدأ أولاها من أنه إذا كانت هذه التسجيلات قد تمت قبل الثورة وما بعدها، كما يفهم من كلام الرئيس فكيف وصلت إليه خاصة ما يتعلق منها بما تم من تسجيلات قبل الثورة وجميعنا يعلم أين كان الرئيس نفسه وقتها؟ ثانيا: كيف يفسر القصر الجمهوري ذلك التناقض الواضح بين ما يقوله الرئيس والعريان وبين ما يقوله الدكتور ياسر علي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، وإن شئت الدقة أحد المتحدثين باسم الرئاسة!!'.

المعارضة بمصر قائمة على تصيد الرئيس وحزبه

وعلى طريقة الفرق الرياضية، فقد نزل الى الملعب ثلاثة من المدافعين الأشداء عن الرئيس، والمهاجمين الأعنف لمهاجميه أولهم الاستاذ بكلية الهندسة بجامعة القاهرة الدكتور صلاح عز، الذي يكتب في 'الاهرام' ويواصل التحريض ضد الصحافيين والإعلاميين، ويناشد الى حد البكاء الرئيس اتخاذ اجراءات استثنائية، ثم ينكر انه من الإخوان إنما من الوسط وهو ما يحرج صديقنا رئيس الحزب المهندس أبو العلا ماضي ونائبه المحامي عصام سلطان، قال سلطان في نفس عدد 'الاهرام': 'المعارضة في مصر قائمة على التربص والتصيد للرئيس والتيار الذي ينتمي إليه، ومن ناحية أخرى على أن الحملة على الجمعية التأسيسية للدستور تسعى لتكرار نفس السيناريو الذي أدى في النهاية الى حل برلمان الثورة، أدعو الرئيس مرسي ألا يستسلم لمحاولات ابتزازه وتهديده ممن يظنون أنهم وليس الشعب أصحاب القول الفصل وممن يعتقدون أنه سيتردد كثيرا قبل الدخول معهم فيم واجهة ثالثة وأدعوه الى طرح الدستور للاستفتاء فور انتهاء الجمعية منه بكل مزاياه وعيوبه، وألا يتسامح أو يتهاون مع أي بادرة خروج على القانون وتهديد الأمن من أي طرف، سواء أثناء الاستفتاء أو بعد إعلان نتيجته أياً كانت، إن حكم بلد مثل مصر لا يتحمل تدليل أية فريق أو محايلته من أجل استرضائه ويتطلب حزماً وشراسة وانضباطاً خاصة في اللحظات الفاصلة كتلك التي نعيشها الآن'.

'كل ومد رجليك.. أكلة واتحسبت عليك'!

لا حول ولا قوة إلا بالله - يطلب من الرئيس أن يتصرف بشراسة، وبانضباط؟ كيف يجمع النقيضين؟
المهم انه خيل إلي انني أسمع صراخ حفلة من تلك الحفلات التي كانت في أفلام السينما الأمريكية، تصور هنود حمر وهم يصرخون ويرقصون، حول مساكين قبل إحراقهم، أو وضعهم في قدور ماء مغلي لطهيهم ثم التعشي بهم، ففي الحرية والعدالة انتقلت صرخة صلاح عز إليها، ورددها الإخوان أحمد زهران، وصاح وهو يلف حول القدور المغلية: 'المثل المصري الشائع 'كل ومد رجليك، أكلة واتحسبت عليك' ينطبق بشكل كبير على مؤسسة الرئاسة المصرية فالرئيس محمد مرسي لا ينكر جهوده إلا أعمى البصر والبصيرة وهو مع ذلك كثير الصبر والحلم على مخالفيه وناقديه بالحق أو بالباطل وهو رافض لاستخدام الاجراءات الاستثنائية في إدارة شئون البلاد ويريد أن يتم كل شيء بشكل قانوني وممنهج حتى لا يجد المتقولون سبيلاً إلى غمزه من قريب أو بعيد، ولكن الفترة التي تعيشها مصر الآن أغرت الكثير من السفهاء والبلطجية والخارجين على القانون ومكدري الأمن العام ليعيثوا في الأرض فسادا، خذ مثالا على ذلك ما يحدث على أرض سيناء وإصرار الرئيس على أن يكون التعامل مع الجناة بالصبر والأناة فماذا كانت النتيجة؟ غارهم حلم الرئيس فازدادوا جرماً وإفساداً وقتلا للبراء من الناس وقوات الشرطة إلى الحد الذي أعجز قوات الشرطة والجيش والمخابرات فلم تفلح في القبض على أي من هؤلاء أثناء تنفيذ عملياتهم الإجرامية أو حتى بعدها وفي كل مرة تخرج التصاريح من وزارة الداخلية انه جار تمشيط المنطقة بحثاً عن الجناة وكأن هؤلاء أثناء تنفيذ عملياتهم الإجرامية او حتى بعدها وفي كل مرة تخرج التصاريح من وزارة الداخلية أنه جار تمشيط المنطقة بحثاً عن الجناة وكأن هؤلاء الجناة عفاريت من الجن يفعلون فعلتهم من حيث يروننا ولا نراهم! المشكلة الكبيرة أننا في مصر مقبلون على تنفيذ مشروعات ضخمة على جانبي قناة السويس، ان الفترة الرئاسية الأولى يا سيادة الرئيس، قد احتسبت عليك، شئت أم أبيت، فاضرب بيد من حديد على الخارجين على القانون والذين يريدون أن يعيثوا في الأرض فسادا، وأنت تعلم انهم مدفوعون ومأجورون وممولون من جهات خارجية، فلماذا الانتظار إذن'.

قوة العبور الثالث وعبور أكتوبر

أما الإخواني الثالث والأخير خالد إبراهيم فقد وضع تاج الريش على رأسه وأمسك بالحربة وأخذ يلعب حول القدور التي تغلي وبداخلها المعارضون، ويصرخ ويقول: 'لقد حذر الرئيس محمد مرسي من يريدون إعاقة النهضة بقوله: 'إن قوة العبور الثالث لا تقل قوة عما سبقه من عبور أكتوبر والثورة، ولا أتردد في الدعوة لثورة ثانية لإسقاط المفسدين'، ووجه رسالة لمن يحاولون العبث بمستقبل الوطن: لا يغرنكم حلم الحليم وأتوعد كل فاسد وكل مفسد في الدولة ومنهم من يعتدي على أراضي الدولة بغير وجه حق ومنه من يشتري القنوات الفضائية ويوجه رسالة تهز كيان الوطن من خلفها'، مؤكدا أنه لن يصمت ضد ذلك أبداً.
وأقول للسيد الرئيس إن غالبية جماهير الشعب المصري الكريم تؤيدك وتتحرق شوقاً لتطهير مؤسساتها واستكمال ثورتها، وهي على أهبة الاستعداد لمؤازرتك كما فعلت ونزلت للميادين تلقائيا على عجل يوم أزحت حكم العسكر الذي ظل جاثماً على أنفسنا طيلة ستين عاما، اضرب سيادة الرئيس على أيدي العابثين بقرارات ثورية جريئة يطرب له الشعب فأغلبيته لا تمانع في إصدارك لإعلان دستوري أو قانوني يطيح بمائة أو ألف ممن غيبوا العدل وظاهروا المفسدين أو ممن ينشرون الشائعات الكاذبة ويرجفون في الوطن'.
وغدا، إن شاء الله عندنا المزيد والمزيد، والله الموفق والمستعان.

أول ظهور لعلامات الساعة سيكون بمصر

وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء، فمثلا وجدنا زميلنا بـ'الجمهورية' خفيف الظل ومدير عام التحرير محمد أبو كريشة يطلب مني التوبة من هذه الدنيا، لأنه بدأ يرى علامات النهاية.
قال: ولا أعرف ان كان يهزل أو يتكلم جد يوم الأربعاء: 'أكاد أزعم أو أتوهم أو أتخيل أن أول ظهور لعلامات الساعة سيكون عندنا، أو هو كائن بالفعل، أرى الحفاة العراة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان ويعتلون الرقاب، أرى زنى المحارم، وتآكل الانساب وطغيان ثقافة اللقطاء وأولاد الشوارع وسيطرتهم على المشهد السياسي والإعلامي والثقافي، أراهم قادة الرأي والفكر، أراهم وبأيديهم سياط وكرابيج فكرية وإعلامية وحقيقة كأذناب البقر، أرى المرء يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، ويمسي كافراً ويصبح مؤمناً، أرى أولاد الحرام يعظننا ويأمروننا بالبر والصلاح والحلال، أرى ألسنة لها حلاوة وعليها طلاوة وقلوباً تقطر سماً ومرارة ويلفها الظلام، أرى قوماً من جلدتنا ويتحدثون بلساننا تعرف منهم وتنكر، ينكثون على آرائكم ويقولون، هذا حلال وهذا حرام، أرى قوماً يزهدوننا في الدنيا ولا يزهدون، ويرغبوننا في الآخرة ولا يرغبون، ويفقروننا ليغتنوا ويثروا، هم علماء بجهلنا وأغنياء بفقرنا وأقوياء بضعفنا ينسلون من الدين كما تنسل الشعرة من العجين، أخطر على الدين من أعدائه، أسوأ وأشد شراً من الكفار، أرى شياطين مثقفين، وأباليس وعاظاً ودعاة وعلماء، وإذا كانت أمة الجن قد أوتيت سمة التشكل في الملامح بأن يظهر الجن في آدمي أو حيوان، فإننا أوتينا ما هو أخطر وهو التشكل العقلي والتلون القلبي والتقلب اللساني والفكري، لا أعرف أن من بين الجن منافقين، لكن المنافقين عندنا هم الأكثرية والأغلبية.
لا أمل في زمن الرويبضة، زمن الرجل التافه يتحدث ويفتي في أمور الناس والأمة ويقرر مصيرها، لا أرى أملاً في بلد تحول كله إلى محللين وأصحاب نظريات ومتحدثين ولم يعد فيه قراء ولا مستمعون، أنا أمير وأنت أمير وليس في مصر الآن من يربط الحمير 'مائة خولي على فلاح واحد'، وتخلصنا من حكم الفرد لنسقط تحت حكم الجماعة'.

إسلاميو هذا الزمان يتفنون في الشقاق

ويبدو - والله أعلم - ان هناك من كان يتجسس على السر الذي قاله لي أبو كريشة عن اقتراب الساعة، ودخول الإسلاميين جهنم إن شاء الله ما دام أبو كريشة عدد مصائبهم، واتضح انه زميله مجاهد خلف رئيس تحرير جريدة 'عقيدتي' الدينية التي تصدر عن نفس الدار، لأنه سارع بتحذير الإسلاميين، وأن ينهوا خلافاتهم وإلا فما معنى أن يقول: 'ما نعرفه وما تعلمناه على مر السنين أن الاتحاد والوفاق والوحدة فريضة إسلامية، والتحذير الدائم والتخويف من الشقاق والنزاع مبدأ إسلامي رفيع حتى نص القرآن الكريم صارحة، ولا تنازعوا فتفشلوا، ليس الفشل فقط لكن وحتى لا تذهب ريحكم أيضاً، إسلاميو هذا الزمان على ما يبدو يتفنون في الشقاق ويتنافسون في حلبات الصراع من أجل الفرقة والانقسام، ومن يتأمل حالهم يتعجب ويكاد يصل الى نتيجة ملخصها أنه قد كتب عليهم مرار الشقاق وألم الفرق وحرقة البعاد ولوعة الابتعاد ونار الخصام والخصومة، وهي مسألة محيرة وشديدة الازعاج خاصة مع المرحلة الجديدة من المد الإسلامي في العصر الحديث، والتي تشهد بعض التمكين للحركة الإسلامية بعد عقود مؤلمة من الإقصاء والإلغاء والتشويه، إن الإسلاميون يظهرون في الساحة وكأنهم ليس لهم كبير وأن كل فصيل راكب رأسه ورأس غيره ولا يريد التنازل أو حتى التفاهم رغم ان المركب يكاد يغرق والبساط ينسحب من بين أيديهم ومن تحت أرجلهم والعدو من خلفهم وعن إيمانهم وشمائلهم ومن كل مكان يتربص بهم ويخطط ويدبر سراً وعلانية'.

سفير لمصر لدى إمارة سيناء الشقيقة!

وإلى المعارك السريعة والخاطفة ونبدأها من يوم الأربعاء مع إسماعيل يس الذي تنشر له 'الصباح' في صفحتها الأخيرة باباً ثابتاً عنوانه - ربع كلمة - مع صورة له في شبابه بالطربوش، قال: 'مع الأحداث المتوالية وفقدان السيطرة، انصح د. مرسي أن يبدأ من الآن في تحضير سفير لمصر لدى إمارة سيناء الشقيقة'. ونظل في نفس الصفحة، ومعركة أخرى لزميلنا والمعلق الرياضي عادل صادق وبابه اليومي ايضاً - أربعون كلمة تكفي - وقوله: 'كشف التناول الإعلامي المكثف والمحترم لاختيار بابا كنيسة الإسكندرية عن الجانب الجيد المختفي منذ الثورة للإعلام المصري، وإذا كان الإعلاميون قادرين على التعامل المحترم في هذا الأمر، يتساءل الناس عن غياب الاحترام والموضوعية عنهم في تعاملهم مع الدين الآخر، الإسلام'.
أي أنه يتهم الإعلاميين بأنهم غير محترمين وغير موضوعيين، وكمان أما انهم مسيحيون أو ينتمون إلى ديانة أخرى تتعاطف مع المسيحية وتكره الإسلام وتهاجمه، وهذه إساءة واتهام بالكفر للإعلاميين، وبشكل واضح، وكنت أظن أن نفاق الإخوان والسلفيين له حدود، أي نافق بذكاء واحتياط، على المزايدة عليهم، وإذا كان يريد مهاجمة الاهتمام باختيار البابا فكان عليه أن يكون صريحا بدلا من اتهام زملائه الإعلاميين المسلمين بالتحول للمسيحية.
ما هذا المستوى في النفاق؟

مفيش فايدة في مصر وشعبها

أما زميلنا والشاعر خفيف الظل، هيثم دبور فقال يوم الأحد في بروازه - ازززز - أي انه يريد أن يؤكد لنا انه دبور فعلا، قال: ' كنت دائماً أقول ان هناك مشكلة في خطب الجمعة تحتاج الى تجديد الخطاب الديني، لكني بعدما سمعت خطاب مرسي بشأن النوم مبكرا والبحث عن الرزق والطهر على حساب ست تلاتات صدقت سعد زغلول حين قال مفيش فايدة'.
والمعروف ان عبارة - مفيش فايدة - التي قالها الزعيم خالد الذكر سعد زغلول على فراش المرض لزوجته صفية، يتداولها الناس على انه كان يعني ان مفيش فايدة في مصر وشعبها، بينما كان يحدثها عن حالته الصحية.

طبيب عالج ثوار التحرير مندهش من عدم إدانة مرسي عن موقعة
الجمل الثانية التي ارتكبها الإخوان 

وأخيراً - إلى الحكايات والروايات - وستكون هذه المرة من نصيب استاذ طب وجراحة العيون بجامعة القاهرة الدكتور يحيي مصطفى صلاح الدين، عن أحداث ثورة يناير وتواجده من اليوم الأول في الميدان مع مجموعة من الأطباء، وكذلك عن موقعة الجمل الأولى وأحداث محمد محمود، وموقعة الجمل الثانية التي ضرب فيها الإخوان المسلمين المشاركون في جمعة كشف الحساب وكان من بينهم ابنه الطالب احمد الذي اصيب في الجمجمة إصابة كادت تودي بحياته، وقد نشرت له التحرير يوم الاثنين قبل الماضي أجرته معه زميلتانا الجميلتان منى سليم وشيماء مطر، ومما قاله:
'الخطوة الأهم التي اتخذناها بالتأكيد كانت تكوين جماعة 'أطباء التحرير' وكان هدفها ليس فقط تقديم المساعدة الطبية، لكن تنظيم دورات إسعافات أولية لشباب الثورة حتى يتمكنوا من التصرف الصحيح، وكذلك إعداد توثيق علمي للإصابة والموقف الصحي لمصابي الثورة، نتحدث عن ما يزيد على خمسة آلاف إصابة ألف وثمانمائة منها تقريبا بالعين وللأسف أغلب إصابات العيون تؤدي مباشرة إلى فقدان البصر، فنسبة من استطاعوا الاحتفاظ بقدر من نظرهم بالعين المصابة لا يزيد على خمسة بالمائة وليس الطبيب أحمد حرارة أو الشاب الصغير رضا عبدالعزيز هما وحدهما من فقدا بصرهما بالكامل فهناك آخرون، الرصاص الخرطوش والمطاط في أحداث يناير ومحمد محمود وكسر الرخام في مجلس الوزراء يفضي الى نفس النتيجة، لكن بالتأكيد يبقى حدث محمد محمود هو الأصعب حيث كان هناك استهداف حقيقي للعيون وموقعة الجمل الثانية، كانت فاصلة وكاشفة أن كان هناك تغيير حقيقي من عدمه، فقد خرج المؤيدون بدافع انتقاد صدور احكام بالبراءة على قتلة الثوار وكان آخرها حكم موقعة الجمل فإذا بهم هم ينزلون لينفذوا موقعة جمل ثانية حيث الغدر بمن يعلن معارضته بشكل سلمي فيتم مهاجمته هجوماً منظماً بالطوب، وهذه هي الخطيئة الأولى، أما الثانية فهي ما نواجهه الآن، ففي رأيي أن طريقة تعامل رئيس الجمهورية مع هذه الأحداث وما إن كنا سنرى محاكمة حقيقية من عدمه ستجيب عن أسئلة مهمة، هل نحن في دولة ديمقراطية؟ هل الرئيس رئيس لكل المصريين أم أنه يعمل لمصلحة الجماعة التي ينتمي إليها والموجه لها أصابع اتهام ستغير المعادلة؟ هل سيتحقق مطلب الثورة بالعدل أم لا شيء سيتغير على الإطلاق؟، ونحن لا نريد إلا تحقيق عادل ومحاكمة، وإلا فلا فارق بين النظام القديم والجديد ويسقط حق الرئيس مرسي في المطالبة بمحاكمة مبارك أو شفيق أو المجلس العسكري، فهؤلاء الشباب ممن نزلوا ليعارضوا الرئيس على وعود قالها ولم يف بها خلال مائة يوم ظنوا أن شيئاً أساسياً تغير مع وصول أول رئيس منتخب لمصر بعد الثورة، وهو الحق في التعبير والمعارضة بأمان دون أن يكون ثمن ذلك هو محاولة قتلهم، فجميعنا يعرف أن احكام البراءة في قضايا قتل الثوار سببها الرئيسي طمس الأدلة، وتشويهها، فموقعة الجمل الأولى كانت في عهد حكـــومة شـــفيق وباقي الأحداث كانت في ظل حكم العسكر، لكن هل يعقل أن يتكرر نفس السيناريو هذه المرة رغم وجود شرائط مسجلة وشهادات، فكيف لا يصدر حكم عادل إلا إذا كان هناك محاباة لطرف على حساب آخر، نحن لا نصدر أحكاماً لكن نشير بأصابع الاتهام، فكل من شارك في هذا اليوم يعلم جيدا أن شباب جماعة الإخوان هم من اقتحموا الميدان بطريقة منظمة وفي يدهم الطوب وكسر الرخام، والغريب أن يكون الرد من جانب الجماعة هو وكيف علمتم أنهم ينتمون إلى الإخوان المسلمين؟ ونرد عليهم بنفس المنطق وكيـــف عرفنا أن من قتلـــوا الثوار في موقعة الجمل من اتباع مبارك؟ أليـــس من أدائهم والشعارات التي رفعـــوها!! بل إنــــنا من نوجه الأسئلة، لماذا قررت الجـــماعة الـــنزول إلى الميدان في هذه الجمعة؟ رغم إعلان القوى السياسية قبل أسبوعين عن تنــظيم جمعة محاسبة الرئيس؟
ولماذا لم يصدر قرار بالانسحاب مع بداية المناوشات؟ للأسف قد نضطر الى القول إن مبارك بعد موقعة الجمل خرج ليعتذر في حين لم يخرج الرئيس محمد مرسي ليقول كلمة واحدة عن الموضوع وتجاهل الحادثة، ابني أحمد كان من أكثر الإصابات خطورة وهو ضمن أكثر من مائة وخمسون مصابا فقد أصيب بكسر في عظام الجمجمة ونزيف بالمخ، ابني أحمد اكثر ما وجعه هو ما قاله عندما أفاق من العناية المركزة 'لقد شاركت في كل أحداث الثورة لكن أن أصاب أو أموت على يد الإخوان فهذا بالنسبة لي نوع من العبث، وأنا اتفق معه تماماً'.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger