الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

الحرب الإيرانية – الأميركية والإسرائيلية في الذروة

يؤكد العديد من الخبراء الأميركيين والإسرائيليين أن الحرب الأميركية الإسرائيلية ضد إيران، على خلفية مشروعها النووي، قد بدأت بالفعل، وبلغت في الأسابيع الأخيرة ذروتها بانتقال إيران من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم في الحرب الإلكترونية (السايبر) المحتدمة بينها وبين الولايات المتحدة وإسرائيل.

 
15:00 | 2012 / 10 / 19

كتب عامر راشد  إيران تختبر صواريخ جديدة
ويلفت الخبراء إلى تصريحات وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا حول الحاجة إلى مواجهة "هجمات سايبر" إيرانية محتملة ضد أهداف أميركية، كرد على هجمات مماثلة تعرضت لها، أو ستتعرض لها مستقبلاً، المنشآت النووية الإيرانية من قبل واشنطن وتل أبيب. ويربط الخبراء بين تصريح بانيتا وما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اجتماع للحكومة الإسرائيلية الشهر الماضي حول تعرض إسرائيل لـ"هجمات سايبر" بشكل يومي، وضرورة التصدي للهجمات بإنشاء "قبة حديدية رقمية" على غرار "القبة الحديدة" المضادة للصواريخ.
الخبيران الإسرائيليان د. غابي سيبوني وسامي كروننفلد نشرا مقالة مشتركة في صحيفة "معاريف" بتاريخ 16/11/2012 سلطا الضوء فيها على قدرات إيران الدفاعية والهجومية المتطورة في مجال "السايبر"، جانبها الأول: البرنامج الإيراني لإنتاج شبكة اتصالات مستقلة ومنعزلة في إطار الدفاع عن الشبكات الحيوية والمعلومات الحساسة ضد "هجمات سايبر"، مثل هجمة (Stuxnet) التي ضربت برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني. وجانبها الثاني: بناء قدرة هجومية "ضمن عقيدة القتال غير المتماثل، الذي يشكل أحد المبادئ المركزية في مفهوم استخدام القوة الإيراني. فقتال السايبر يعد في نظر إيران أداة ناجعة وفاعلة تتيح الإضرار بشكل ذي مغزى بعدو ذي تفوق عسكري وتكنولوجي".
ويضيف الخبيران أن "عدد الأحداث التي انكشفت في السنوات الأخيرة، وفي هذه الأيام، يبيّن أن إيران تعمل منذ الآن هجومياً. ففي أثناء العام 2011 نفذ هجومان على شركات موردة لبرامج حماية. وكانت أبرزها شركة "DigiNotar" الهولندية. فمخزونات الشركة، التي كانت السلطة المركزية في هولندا لبرامج الحماية في الانترنت، تعرضت للهجوم في منتصف 2011. وفي الهجوم سرقت شهادات توثيق المواقع بما فيها في مجال (google.com) الذي يسمح بإعادة توجيه خدمة البريد (gmail). وأضر الهجوم بنحو 300 ألف حساب في إيران، وكان يستهدف أغلب الظن احتياجات المتابعة والأمن الداخلي في الدولة. ومؤخراً، كشف عن هجومين آخرين على مؤسسات مالية كبيرة في الولايات المتحدة، وعلى حواسيب شركة النفط السعودية "أرامكو"، والذي كان هجوماً فتاكاً على نحو خاص، حيث تضررت المعلومات التي كانت في 30 ألف حاسوب..".
ويخلص الخبيران إلى أنه "ينبغي لتطوير قدرات السايبر الإيرانية والهجمات الأخيرة أن تقلق الولايات المتحدة، وبالطبع إسرائيل أيضاً، فنجاح الهجوم على حواسيب "أرامكو" يجب أن يكون باعثاً على القلق، لأن منظومات الدفاع العادية لا توفر حماية ضد التهديدات المركزة وغير المعروفة. وعليه، فيجب تطوير أدوات يمكنها أن توفر الحماية في وجه مثل هذه التهديدات. وكان الهجوم يستهدف أساساً تدمير المعلومات بشكل جارف.. وإذا كان بوسع النشاط الاستخباري في مجال السايبر أن يعتبر شرعياً، فإن هجوماً واسع النطاق كهذا من جانب إيران على هدف مدني يشكّل انتقال إيران إلى أعمال الرد".
ومن الجدير بالذكر أن الإذاعة الإسرائيلية بثت في 19 أيلول/سبتمبر الماضي تقريراً جاء فيه أن خبراء في مجال الحرب الإلكترونية "السايبر" ضد إيران أكدوا وجود علاقة بين الولايات المتحدة الأميركية وثلاثة أنواع من الفيروسات الإلكترونية التي تم إدخالها إلى منظومة الحواسيب الإيرانية لضرب المشروع النووي الإيراني. وحسب تقرير الإذاعة الإسرائيلية عثر خبراء أميركيون وروس، يعملون في مجال حماية المعلومات، على أدلة تؤكد أن هذه الفيروسات تم إدخالها لمنظومات الحواسيب في إيران ولبنان أيضاً، وأنها مرتبطة بالفيروس المسمى "فلايم" الذي أعلنت إيران أنه سبب لها أضراراً كبيرة بعد اختراق منظومات المعلومات الإيرانية. وبحسب هؤلاء الخبراء فإن من شأن المعلومات الجديدة أن تؤكد تورط حكومة الولايات المتحدة بحرب "السايبر"على نطاق أوسع مما كان يعتقد لغاية الآن، وذلك ضمن نشاطها لخدمة مصالحها ودورها في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، فإن إسرائيل متورطة أيضاً في هذا النوع من الحرب. فحسب مقالة نشرها الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي أليكس فيشمان في صحيفة "يديعوت أحرونوت" بتاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، إن الجيش الإسرائيلي لاعب رئيس في هذا الميدان، وسينفق في الخطة الخمسية القريبة مئات ملايين الشواقل على هجوم ودفاع عن نظم المعلومات، في مواجهة إيران التي وجهت بالفعل "هجمات سايبر" على مواقع إسرائيلية كرد على هجمات أميركية وإسرائيلية مماثلة على المشروع النووي الإيراني. ففي آب/أغسطس 2011 هوجم عاملو شركة "ديغينوتار" المختصة بالمصادقة على هويات في شبكة الانترنت، وفي أعقاب الهجوم، الذي جاء من جهة إيران، حدث ضرر لمئات المواقع ومنها مواقع إسرائيلية، مثل موقع الموساد على الانترنت. واضطرت الشركة لاحقاً إلى إعلان إفلاسها لأن الشركات لم تكن مستعدة لاستعمال منتجاتها وتم تعريفها بأنها "غير آمنة".
ويسأل فيشمان: "هل تضررت أيضاً مواقع عسكرية على الانترنت في الجيش الإسرائيلي مثلاً ؟" ويجيب على سؤاله بالقول: "لا نستطيع أن نعلم. فهذه الحقائق تُعد أسرار دولة. ومهما يكن الأمر فإنه يوجد عدم تناسب ثابت بين القدرة على الهجوم في شبكة السايبر وبين القدرة على الدفاع عن هذه الشبكة. فتطوير قدرات الهجوم تسبق دائماً أفكار الدفاع عن السايبر، وهو كعب أخيل لجميع الشركات والجيوش الحديثة التي تكاد اليوم تكون متعلقة تماما بشبكات المعلومات".
ويوضح فيشمان أن "كعب أخيل" المثيولوجيا الإغريقية بالنسبة لـ"حرب السايبر" الإسرائيلية والأميركية مع إيران هو في ما يميز الجيوش الحديثة من "تقارن زمني"، بين نظم السيطرة والرقابة لكامل أذرع الجيش، "فحينما تكون نظم السيطرة والرقابة متقارنة زمنياً، ومكشوفاً بعضها لبعض، يكون الدخول إليها أسهل. وخطر اختراق الشبكة الذي ينقل معطيات في الوقت المناسب يزداد ازدياداً طردياً كلما زاد عدد الأعضاء فيها. وفي الوضع الحالي اليوم سيؤثر اختراق شبكة سلاح الجو فوراً في شبكات التحكم لسلاح البر والاستخبارات وفي نوع المعطيات التي تصل إلى هيئة القيادة العامة للجيش".
ونقلاً عن مراجع عسكرية إسرائيلية عليا، يحذر كبير المحللين في صحيفة "معاريف"، بن كاسبيت، من أن "لإيران مصلحة واضحة في شن حرب إلكترونية مضادة ذات أبعاد إستراتيجية ضد إسرائيل، وذلك رداً على الهجمات الإلكترونية التي تعرضت لها، واتهمت إسرائيل بالوقوف خلفها، وتحديدًا توظيف فيروس ((Stuxnet في تعطيل أجهزة الطرد المركزي الإيرانية التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم، علاوة على شن عدد من الهجمات التي استهدفت مخازن صواريخ في أنحاء متفرقة من إيران.
ويضيف بن كاسبيت: "لقد اختارت إسرائيل أن تشن حرباً إلكترونية على إيران، وعليها أن تواجه الحرب نفسها وألا تلوم سوى نفسها".
وفي تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" تحدّث مسؤولون أميركيون وإسرائيليون - لم تكشف الصحيفة عن هوياتهم - حول تطوّر فيروس الحاسوب الذي يحظى باسم ((Stuxnet. بحسب كلامهم، هذا الفيروس مطوّر من قبل وكالة الأمن الأميركية ووحدة 8200 في شعبة الاستخبارات التابعة للجيش الإسرائيلي. وهذه العملية الإلكترونية المشتركة لإسرائيل والولايات المتحدة هي على ما يبدو العملية المشتركة الأكبر التي نفّذتها كلا الدولتين في تاريخ العلاقات الإستراتيجية بينهما.
لقد دخلت المواجهة الإيرانية- الأميركية والإسرائيلية "حرب السايبر" الغامضة، والتي تعول عليها الولايات المتحدة كبديل عن شن حرب مباشرة على إيران لتعطيل برنامجها النووي، مصيرها سيحدده الرد الإيراني على "هجمات السايبر"  الأميركية والإسرائيلية السابقة أو القادمة.  
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger