من المجرم إذن؟
Thu, 11/10/2012 -
قضت محكمة جنايات القاهرة فى حكم أصدرته، أمس الأول، الأربعاء،
ببراءة جميع المتهمين فى قضية الاعتداء على المتظاهرين فى ميدان التحرير
يومى 2 و3 فبراير عام 2011، والتى سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى، وهى
القضية التى أطلق عليها إعلاميا «موقعة الجمل».
جاء فى حيثيات الحكم، وفقا لما نشر فى وسائل الإعلام المختلفة، أمس، أن المحكمة لم تطمئن إلى أقوال الشهود فى الدعوى لأسباب عدة، منها: 1- أن هذه الأقوال كانت جميعها «سماعية ووليدة أحقاد بين المتهمين والشهود نتيجة خلافات حزبية وبرلمانية»، فضلا عن خلو الدعوى «من أى شاهد رؤية واحد تطمئن إليه المحكمة». 2- ثبت من صحيفة الأحوال الجنائية لبعض هؤلاء الشهود أنهم «من المسجلين خطر»، بل تبين للمحكمة أنه سبق أن حكم على أحد شهود الإثبات بالحبس بتهمة الإدلاء بشهادة زور. 3- جاء فى أقوال اللواء حسن الروينى، الذى تشير حيثيات الحكم إلى أن المحكمة «اطمأنت إلى شهادته»، أنه «لم يرصد قتلى بميدان التحرير»، كما «لم يثبت حمل المتهمين - الذين ألقى القبض عليهم بالميدان، وتمت محاكمتهم عسكريا فى القضية رقم 118 لسنة 2011 عسكرية شرق القاهرة - السلاح».
لقد جاء هذا الحكم صادما لجميع فئات الشعب، وربما لكل شعوب الأرض، وذلك لأسباب عدة أيضا، أولاً: أن الجريمة وقعت تحت سمع وبصر الدنيا، وشاهدها العالم بأسره لحظة وقوعها، حيث كانت وسائل الإعلام المحلية والأجنبية متواجدة فى المكان، ونقلت وقائعها بالكامل على الهواء مباشرة. ثانيا: أكد العشرات من شهود العيان المتواجدين فى المكان، بما فى ذلك الأطباء الميدانيون، لوسائل الإعلام وفى نفس اليوم، وقوع قتلى وجرحى بالعشرات، إبان تلك الأحداث.
فهل جاء هذا الحكم الصادم وغير المبرر نتيجة خطأ فى التقدير ارتكبه القاضى، أو بالأحرى قضاة الدائرة التى نظرت القضية، أم نتيجة إهمال جسيم ارتكبته أجهزة النيابة العامة التى قامت بالتحقيق فى القضية وبتجهيز الأوراق التى نظرتها المحكمة والشهود الذين استجوبتهم؟!
على الرغم من أننا لا نميل بطبعنا إلى إلقاء التهم جزافا، خصوصا حين يتعلق الأمر بالقضاء المصرى، فإنه يبدو واضحا أن القاضى تمسك بالشكل على حساب المضمون، وهذا حقه، لكن هل حكم فى النهاية بما يخالف ما وقر فى قلبه وفى ضميره، بافتراض أن له قلباً وضميراً لا يختلفان كثيرا عن قلوب وضمائر الجميع؟!. ولأننى لا أريد هنا أن أذهب إلى أبعد من ذلك، فسوف أكتفى بإثارة هذا التساؤل، عازفا عن البحث فى النوايا أو التفتيش فى الضمائر، لمعرفة ما إذا كان الحكم قد صدر عن قناعة حقيقية بما هو مدون فى الأوراق، أم أنه عكس شيئا آخر له صلة بمظاهر فساد لحقت بجميع الأجهزة والمؤسسات، بما فيها مؤسسة القضاء التى باتت فى جميع الأحوال، وبصرف النظر عن هذا الحكم، فى حاجة ماسة إلى التطهير.
أما فيما يتعلق بالنيابة، فمن الواضح تماما أن الحكم نفسه انطوى على إدانة ضمنية لها. لكن نحن هنا إزاء خطأ يدخل فى نطاق الإهمال، أم القصور الوظيفى، أم أن النيابة العامة برمتها، وعلى رأسها النائب العام عن النظام السابق، لاتزال تمارس عملها، باعتبارها جزء من فلول النظام السابق، وتعمل لحسابه؟
لا توجد مصلحة لأحد فى إدانة أبرياء. وإذا كانت المحكمة قد قضت ببراءة من قامت النيابة العامة بتوجيه الاتهام لهم، فعلى السلطات المسؤولة حاليا عن إدارة شؤون الدولة والمجتمع أن تبحث عن الجناة الحقيقيين. فهناك جريمة كبرى وقعت فعلا، وجناة يتعين على العدالة أن تقتص منهم. وربما يحاول الحزب الحاكم حاليا استغلال هذه القضية، لتصفية حسابات قديمة مع النائب العام، والشعب ليس معنيا بتصفية الحسابات مع أحد، لكنه يصر فى الوقت نفسه على معرفة الحقيقة ويتمسك بتوقيع العقاب على المجرمين الحقيقيين، بعد أن يقدموا إلى محاكمة عادلة.
لذا سيظل دم الشهداء والضحايا فى رقبة جميع المسؤولين عن إدارة شؤون الدولة والمجتمع، منذ تنحى الرئيس السابق حتى هذه اللحظة، أى فى رقبة كل من المجلس الأعلى السابق للقوات المسلحة ورئيس الدولة الحالى. وإذا كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يعد المسؤول الأول عن دماء الشهداء، بحكم فشله ليس فقط فى منع ارتكاب جريمة وقعت فى عهده، لكن بحكم فشله أيضا فى العثور على الجناة الحقيقيين، فإن دماء الشهداء قد أصبحت الآن فى رقبة رئيس الدولة الحالى، وعليه أن يقتص لهم، بالكشف عن هؤلاء الجناة وتقديمهم للمحاكمة، وإلا أصبح فى نظر الشعب الغاضب شريكا متواطئا فى هذه الجريمة البشعة.
جاء فى حيثيات الحكم، وفقا لما نشر فى وسائل الإعلام المختلفة، أمس، أن المحكمة لم تطمئن إلى أقوال الشهود فى الدعوى لأسباب عدة، منها: 1- أن هذه الأقوال كانت جميعها «سماعية ووليدة أحقاد بين المتهمين والشهود نتيجة خلافات حزبية وبرلمانية»، فضلا عن خلو الدعوى «من أى شاهد رؤية واحد تطمئن إليه المحكمة». 2- ثبت من صحيفة الأحوال الجنائية لبعض هؤلاء الشهود أنهم «من المسجلين خطر»، بل تبين للمحكمة أنه سبق أن حكم على أحد شهود الإثبات بالحبس بتهمة الإدلاء بشهادة زور. 3- جاء فى أقوال اللواء حسن الروينى، الذى تشير حيثيات الحكم إلى أن المحكمة «اطمأنت إلى شهادته»، أنه «لم يرصد قتلى بميدان التحرير»، كما «لم يثبت حمل المتهمين - الذين ألقى القبض عليهم بالميدان، وتمت محاكمتهم عسكريا فى القضية رقم 118 لسنة 2011 عسكرية شرق القاهرة - السلاح».
لقد جاء هذا الحكم صادما لجميع فئات الشعب، وربما لكل شعوب الأرض، وذلك لأسباب عدة أيضا، أولاً: أن الجريمة وقعت تحت سمع وبصر الدنيا، وشاهدها العالم بأسره لحظة وقوعها، حيث كانت وسائل الإعلام المحلية والأجنبية متواجدة فى المكان، ونقلت وقائعها بالكامل على الهواء مباشرة. ثانيا: أكد العشرات من شهود العيان المتواجدين فى المكان، بما فى ذلك الأطباء الميدانيون، لوسائل الإعلام وفى نفس اليوم، وقوع قتلى وجرحى بالعشرات، إبان تلك الأحداث.
فهل جاء هذا الحكم الصادم وغير المبرر نتيجة خطأ فى التقدير ارتكبه القاضى، أو بالأحرى قضاة الدائرة التى نظرت القضية، أم نتيجة إهمال جسيم ارتكبته أجهزة النيابة العامة التى قامت بالتحقيق فى القضية وبتجهيز الأوراق التى نظرتها المحكمة والشهود الذين استجوبتهم؟!
على الرغم من أننا لا نميل بطبعنا إلى إلقاء التهم جزافا، خصوصا حين يتعلق الأمر بالقضاء المصرى، فإنه يبدو واضحا أن القاضى تمسك بالشكل على حساب المضمون، وهذا حقه، لكن هل حكم فى النهاية بما يخالف ما وقر فى قلبه وفى ضميره، بافتراض أن له قلباً وضميراً لا يختلفان كثيرا عن قلوب وضمائر الجميع؟!. ولأننى لا أريد هنا أن أذهب إلى أبعد من ذلك، فسوف أكتفى بإثارة هذا التساؤل، عازفا عن البحث فى النوايا أو التفتيش فى الضمائر، لمعرفة ما إذا كان الحكم قد صدر عن قناعة حقيقية بما هو مدون فى الأوراق، أم أنه عكس شيئا آخر له صلة بمظاهر فساد لحقت بجميع الأجهزة والمؤسسات، بما فيها مؤسسة القضاء التى باتت فى جميع الأحوال، وبصرف النظر عن هذا الحكم، فى حاجة ماسة إلى التطهير.
أما فيما يتعلق بالنيابة، فمن الواضح تماما أن الحكم نفسه انطوى على إدانة ضمنية لها. لكن نحن هنا إزاء خطأ يدخل فى نطاق الإهمال، أم القصور الوظيفى، أم أن النيابة العامة برمتها، وعلى رأسها النائب العام عن النظام السابق، لاتزال تمارس عملها، باعتبارها جزء من فلول النظام السابق، وتعمل لحسابه؟
لا توجد مصلحة لأحد فى إدانة أبرياء. وإذا كانت المحكمة قد قضت ببراءة من قامت النيابة العامة بتوجيه الاتهام لهم، فعلى السلطات المسؤولة حاليا عن إدارة شؤون الدولة والمجتمع أن تبحث عن الجناة الحقيقيين. فهناك جريمة كبرى وقعت فعلا، وجناة يتعين على العدالة أن تقتص منهم. وربما يحاول الحزب الحاكم حاليا استغلال هذه القضية، لتصفية حسابات قديمة مع النائب العام، والشعب ليس معنيا بتصفية الحسابات مع أحد، لكنه يصر فى الوقت نفسه على معرفة الحقيقة ويتمسك بتوقيع العقاب على المجرمين الحقيقيين، بعد أن يقدموا إلى محاكمة عادلة.
لذا سيظل دم الشهداء والضحايا فى رقبة جميع المسؤولين عن إدارة شؤون الدولة والمجتمع، منذ تنحى الرئيس السابق حتى هذه اللحظة، أى فى رقبة كل من المجلس الأعلى السابق للقوات المسلحة ورئيس الدولة الحالى. وإذا كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يعد المسؤول الأول عن دماء الشهداء، بحكم فشله ليس فقط فى منع ارتكاب جريمة وقعت فى عهده، لكن بحكم فشله أيضا فى العثور على الجناة الحقيقيين، فإن دماء الشهداء قد أصبحت الآن فى رقبة رئيس الدولة الحالى، وعليه أن يقتص لهم، بالكشف عن هؤلاء الجناة وتقديمهم للمحاكمة، وإلا أصبح فى نظر الشعب الغاضب شريكا متواطئا فى هذه الجريمة البشعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق