السبت، 19 فبراير 2011

اختطاف الثورة !!


جمال سلطان ( المصريون ) | 18-02-2011

أستغرب كثيرا من انتشار مصطلح "اختطاف الثورة" هذه الأيام في إطار المخاوف التي تراود البعض تجاه ثمرات الثورة الشعبية المأمولة ، ويبدو أن هذا المصطلح سهل الاستخدام والنطق وله بريق أدبي وشاعري مما يجعل استخدامه سهلا ومنزلقا على ألسنة كثيرة دون أي تبرير لاستخدامه ، سوى تراث قديم في الذاكرة عن الانقلابات العربية التي كانت توصف بالثورات ، رغم أن الشعوب عادة ما تكون مغيبة عنها ، وتكون محض صراع جنرالات ، يسهل عليهم أن يوجهوا دفة البلاد إلى حيث شاءوا دون أي اعتراض ، لأن القوة الوحيدة في المجتمع والدولة ، هي قوة السلاح ، وهي بأيديهم .

ولكن الحقيقة أننا في مصر الآن أمام مشهد مغاير ، لسنا أمام انقلاب جنرالات ، وإنما أمام ثورة شعب حقيقية ، ملايين المصريين الذين خرجوا في شوارع مصر وميادينها بطول البلاد وعرضها ، هي تعبير عن إرادة شعب وعن أشواق شعب إلى الحرية والعدالة والكرامة ، كما أن الجميل في ثورة الشعب المصري أنها كانت ثورة شعب بكامل أطيافه وتياراته السياسية والاجتماعية وشرائحه الطبقية وتنويعاته الدينية والثقافية ، بل إنها الثورة الوحيدة في التاريخ ـ ربما ـ التي لم يكن لها قائد أو ملهم أو زعيم ، الشعب هو الزعيم ، والشعب هو الملهم ، وبالتالي لا يستطيع أي تيار أو شخص في مصر أو خارجها أن يتحدث نيابة عن هذا الشعب ، فضلا عن أن نقول أنه يختطف الثورة أو يفرض وصايته عليها ، هذا خيال وسواسي لا يتصل بالواقع بأدنى صلة.

ربما ظهور بعض الأشخاص ومحترفي الميكروفونات والعلاقات العامة مع مكاتب الفضائيات العربية في القاهرة ، ربما كان ظهور بعضهم المكثف في الفضائيات يعطي انطباعا بأن البعض يريد أن يتاجر بالثورة ويقدم نفسه في صورة زعيم من زعمائها أو ملهمها ، وهو ما يجعل القلقين يتحدثون عن محاولة اختطاف ، ربما كان اختطافا فضائيا ، ولكنه يستحيل أن يمثل أي تأثير في مجريات الواقع ، أو يحرف إرادة الشعب وأشواقه ، وجميع هؤلاء الذين ظهروا وما زالوا في الفضائيات لا يستطيع أحدهم أن يختطف عقل أو إرادة شخصين فقط في ميدان التحرير فضلا عن أن يختطف ثورة مليونية بمثل حجم وضخامة الثورة المصرية .

أكرر رجائي للجميع ، لا تنشغلوا بالخوف والمخاوف ، أنتم تملكون زخم ثورة شعبية ضخمة فرضت إرادة الشعب على الجميع ، وتضامن معكم أبناء القوات المسلحة في صورة رائعة ومشرقة ، وقرروا حماية الثورة وتأهيل البلاد سريعا خلال أشهر من أجل نقل إدارة البلاد إلى حكومة ديمقراطية مدنية منتخبة انتخابات حرا من الشعب ، علينا جميعا أن نفكر فيما يمكن أن نبنيه ونقدمه للوطن خلال المستقبل القريب ، علينا أن نؤسس لحياة ديمقراطية سليمة ، علينا أن نؤسس لقواعد أخلاقية وحضارية لإدارة خلافاتنا السياسية ، علينا أن نمهد الوعي والضمير للقبول باحترام الاجتهادات المخالفة وأيضا احترام إرادة الشعب واختياراته حتى لو كانت على غير ما نشتهي .

وفي هذا السياق أتمنى أن تتوقف الحملة غير الأخلاقية التي تروجها جهات ـ أعرفها ـ ضد بعض نشطاء الثورة ممن يختلفون معهم في الرؤية أو الفكر أو الاختيار السياسي ، التسريبات التي تروجها جهة ـ أعرفها ـ ضد الشاب وائل غنيم على الانترنت هي تسريبات غير أخلاقية ومشينة لتلك الجهة ، وعلى من بيدهم زمام أمر "تلك الجهة" أن يوجهوا بوقف هذا السفه الخطير ، والذي يسيء إلى الثورة نفسها ، كما سوف يكون فضيحة لتلك الجهة إذا كشف الغطاء عن مصدر تلك التسريبات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger