الجمعة، 4 مارس 2011

خيري رمضان عندما "يتطوع" !!


جمال سلطان | 03-03-2011

زف لنا خيري رمضان البشرى بأنه قرر التنازل عن المبلغ الضخم الذي كان يتقاضاه من "تكية" أنس الفقي ، نظير شربه الشاي والقهوة والدردشة مع من ترشحهم الجهات الأمنية له في التليفزيون الرسمي للدولة من خلال برنامج مصر النهاردة ، وقبله البيت بيتك ، مرتين أو ثلاثة في الأسبوع ، خيري كان يتقاضي ما بين اثنين مليون ونصف إلى ثلاثة ملايين جنيه نظير جلسات المقاهي تلك .

خيري رمضان يتقاضى من صحيفة الأهرام التي يعمل بها أصلا حوالي أربعة آلاف جنيه شهريا ، يعني أقل من خمسين ألف جنيه سنويا ، أي أن ما كان يتقاضاه خيري من "المال السايب" في ماسبيروا في عام واحد فقط لم يكن ليحصل عليه لو قضى خمسين سنة من عمره في خدمة صاحبة الجلالة ، وعندما شعر بأن الحفر اقترب من قدميه ، والهوجة تتسع في مكاتب النائب العام والجهات الرقابية ، أخذ خطوة إلى الخلف وقال أنه سوف يعمل مجانا في التليفزيون ، إيمانا منه ـ طبعا ـ بثورة 25 يناير ، ورغبة منه في دعم اقتصاد الدولة ومعاونة زملائه المطحونين في التليفزيون ، وقد اكتشف خيري رمضان كل هذه الفضائل فجأة بعد أن أتى المجلس العسكري إلى أروقة ماسبيرو .

خيري رمضان ليس من النوع الذي يملك حضورا على الشاشة ابتداءا ، وتلك موهبة أو هبة من الله ، كما أنه في المعيار المهني لا يمثل أي تاريخ أو ثقل صحفي ، ويتلخص تاريخه تقريبا في العمل بمكاتب بعض المجلات العربية في القاهرة وكان كبير الياوران لأسامة سرايا ثم فتح له بعض الممرات الصغيرة ، قبل أن تنتقيه عين "أنس الفقي" وبطانته بعناية فائقة ، لكي يؤدي الدور المطلوب منه في خدمة "نظام مبارك" وتحديدا التمهيد للتخديم على مشروع التوريث وتضليل الرأي العام عن الفساد والعفن والقمع والخراب الذي كانت تعيش فيه مصر ، وظل خيري رمضان وفيا لرسالة أنس الفقي حتى اليوم الأخير قبل تنحي مبارك ، وأذكر أنه أجرى اتصالا مع الصوفي اليمني الحبيب الجفري وفتح له المساحة على البحري لكي يطالب شباب الثورة بإنهاء ثورتهم والاحتكام إلى العقل ، عقل خيري والفقي طبعا ، وطلب منه خيري رمضان في النهاية ، وبمكر الدهاقين ، أن يدعو لمصر أن يجنبها الله الفتن ، وأمن على دعائه بتبتل مثير للغاية ، خاصة عندما يصدر من شخص بمثل تاريخه .

والحقيقة أنه حتى لو دفع خيري رمضان من جيبه للتليفزيون ، فإنه لا يليق أبدا أن يتمطع من جديد أمام شاشات التليفزيون بنيو لوك جديد يحاكي فيه مد الثورة ، ويتكلم بلسانها ، وكان من أعدائها قبل أيام ، وإذا كان مطلب ثورة الشعب أن تختفي كل وجوه الزور ورجال منظومة العهد البائد في كل مجال ، وإذا كانت خطط الإزالة بدأت في الصحف القومية ، فإن عمليات التنظيف لا بد وأن تمتد إلى التليفزيون الرسمي للدولة ، ولا بد أن تختفي هذه الوجوه التي طالما تواطأت على تغييب العقل وتضليل الوعي وتجميل منظومة الفساد وتدمير طاقات التغيير في الوطن ، وهناك ألف صحفي مصري نظيف وشريف ونبيل يمكنه أن يدير الحوارات في برامج التليفزيون بكفاءة وحضور وشفافية أفضل من خيري رمضان ، وجميعهم مستعدون لكي يقوموا بذلك الدور خدمة لوطنهم ، ومجانا ، حقيقة وليس "منظرة" بعد أن اكتنزوا عشرات الملايين من دم الفقراء وميزانية الدولة المنهوبة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger