الثلاثاء، 15 فبراير 2011

المستشار جودت الملط: أرسلنا ألف تقرير رقابي إلى نظيف ومبارك خلال 6 سنوات

كشف المستشار جودت الملط، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أن الجهاز أرسل خلال الفترة من يوليو 2004 حتى يوليو 2010 نحو ألف تقرير رقابي، وهي فترة حكومة الدكتور أحمد نظيف التي صدر قرار رئيس الجمهورية بتشكيلها في يوليو 2004.

وقال الملط -في مؤتمر صحفي، اليوم الاثنين، بمقر جهاز المحاسبات- إن هذه التقارير أرسلت جميعا إلى مؤسسة الرئاسة، وإلى رئيس مجلس الشعب، وإلى رئيس مجلس الوزراء، وإلى رئيس هيئة الرقابة الإدارية، كما أرسلت إلى الوزراء والمحافظين المختصين، وإلى رؤساء الهيئات الخدمية والاقتصادية، وغيرها من شركات القطاع العام وقطاع الأعمال والشركات المشتركة.

وقال المستشار جودت الملط، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، إن تقارير الجهاز أشارت إلى صور عديدة من إهدار المال العام وملاحظات وسلبيات عديدة يجب عدم تجاهلها، والاعتراف بها حتى تكون خطوة على طريق الإصلاح، وذلك على النحو التالي:

أولا: سبق لرئيس الجهاز أن أعلن أمام مجلس الشعب مجتمعا على مدى السنوات العديدة السابقة أن عددا من الوزراء والمسؤولين في هذا الوطن أعطوا فأوفوا، لهم بصمات واضحة وأداء متميز في مواقعهم، يدركون معنى المسؤولية وأمانة المنصب وشفافية القرار، وقدرة نادرة في الإنجاز ورؤية واسعة يعملون لحساب الوطن.

إلا أن عددا ليس بالقليل من الوزراء والمسؤولين لا يأخذون الأمور الحياتية للناس بالجدية المطلوبة، ويتخذون قراراتهم بناء على ما يعرض عليهم من تقارير مكتوبة دون معايشة للواقع، غير قادرين على التنبؤ بالمشكلات، عاجزين عن مواجهة المواقف والأزمات والتصدي للمشكلات العامة، تركوا الأزمات تتفاقم برغم مؤشرات
كثيرة كانت تنذر باقترابها، بل إن بعض المسؤولين يساهمون في صنع الأزمات.

ثانيا: وجود أزمة ثقة بين المواطنين وبين الحكومة، من مظاهرها ودلائلها أنه ليست هناك لغة واحدة للحكومة، ولكنها لغات مختلفة في ضوء غياب التنسيق والأداء الجماعي، وضعف قنوات الاتصال بين الحكومة المركزية والإدارة المحلية، وضعف المراقبة والمتابعة، وكثرة التصريحات الوردية على لسان بعض الوزراء والمحافظين، ولجوء بعض المسؤولين إلى التعتيم الإعلامي، وإنكار حدوث الأزمة في بدايتها، وعدم الاعتراف بوجود أي خلل أو التقليل من شأن الحدث ومن تأثيره ومن نتائجه، أو تمييع الحدث حتى ينساه الجميع، وإحساس المواطنين بتجاهل الحكومة لهموم ومواجع وأنات المهمشين ومحدودي الدخل.

ثالثا: إن ما تحقق من إنجازات لم ينعكس على الحياة اليومية للأغلبية العظمى من المواطنين، فلم يشعر البسطاء والفقراء ومحدودي الدخل بل والطبقة المتوسطة بإنجازات الحكومة الاقتصادية، حيث إن عائد الإنجازات الاقتصادية لا يتم توزيعه بشكل عادل.

رابعا: ظاهرة الاحتكار والإغراق وانفلات الأسعار.. فقد تفشت في الأسواق المصرية ظاهرة تهريب السلع بالأسواق، وإغراقها بالعديد من المنتجات مجهولة المصدر، وانتشار تجارة الرصيف، والسلع المغشوشة والمقلدة، وشيوع ظاهرة الاحتكار لبعض السلع، واتجاه البعض إلى تعطيش السوق، ومن ثم الزيادة غير المبررة في أسعار السلع والخدمات، ولم يعد أغلب المواطنين قادرين على مواجهة الارتفاع المتزايد في الأسعار.

خامسا: في مجال الفقر، طبقا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، للفقر خطوط ثلاثة (المدقع، والأدنى، والأعلى).

ويبلغ عدد من ينتمون إلى خط الفقر الأدنى (16.232) مليون نسمة بنسبة 21.6% على مستوى الجمهورية. وترتفع نسبة الفقر في محافظات الصعيد، فتصل نسبة الفقر إلى (61%) بمحافظة أسيوط، (47.5%) بمحافظة سوهاج، (41.4%) بمحافظة بني سويف، (40.9%) بمحافظة أسوان، (39%) بمحافظة قنا.

سادسا: استمرار السلبيات والمآخذ والمخالفات التي شابت تنفيذ بعض المشروعات القومية وغالبية المشروعات الاستثمارية، من أبرزها سوء التخطيط والتقدير بين بعض الوزارات والهيئات والشركات العامة، ومن ثم وجود أخطاء وعيوب جسيمة تصميمية، وفنية وتنفيذية، وبيئية، ومجتمعية، وعدم كفاية ودقة، وسلامة الدراسات الأولية، ودراسات الجدوى الاقتصادية، لعدد كبير من المشروعات صغيرها وكبيرة، وكل ذلك بسبب إهدار المال العام يستوجب المساءلة والعقاب.

سابعا: خروج سافر وإهدار ظاهر لأحكام قانون المناقصات والمزايدات، قيام بعض الوزارات والهيئات العامة بإبرام عقود بيع أراضي وتخصيصها لبعض المستثمرين بالأمر المباشر، في خروج سافر وإهدارا بواح (ظاهر) لأحكام قانون المناقصات والمزايدات، وعدم إرسال هذه العقود إلى إدارة الفتوى المختصة لمراجعتها،
بالمخالفة لقانون مجلس الدولة.

ثامنا: التعديات على أراضى الدولة، من الظواهر الخطيرة التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ظاهرة التعديات على أراضي الدولة، التي من مظاهرها الاستيلاء على مساحات من الأراضي بغير سند قانوني، والتعدي على المصادر المائية بغير وجه حق لري هذه المساحات، والتعدي على الأراضي المباعة والمخصصة للاستصلاح والاستزراع في غير الغرض المخصص لها (منتجعات- فيلات- ملاعب جولف- نوادي- فنادق- حمامات سباحة- مطاعم- منشآت خدمية- بحيرات ترفيهية. إلخ) بالمخالفة للقوانين المنظمة في هذا الشأن.

تاسعا: حصيلة الخصخصة خلال الفترة من 1/7/ 2004 حتى 30/6/ 2009 (خمس سنوات من فترة حكومة الدكتور أحمد نظيف):

1- بلغت حصيلة الخصخصة خلال الفترة المشار إليها نحو 52 مليار جنيه.

2- حصلت وزارة المالية من الحصيلة المشار إليها على مبلغ 19.3 مليار جنيه بنسبة 37% لتسديد عجز الموازنة العامة للدولة.

3 - اقتصرت تصرفات صندوق إعادة الهيكلة من حصيلة بيع الخصخصة في الفترة المشار إليها، على تمويل بندين أساسيين هما:

(أ) الاختناقات المالية، وتمثل 51.6% من إجمالي تصرفات الصندوق.
(ب) المعاش المبكر، ويمثل 47% من إجمالي تصرفات الصندوق، بينما لم يتم الصرف على الإصلاح الفني والإداري للشركات إلا بنسبة تقل عن 2% من إجمالي تصرفات الصندوق 1.75%.

4- لم تستطع الحكومات المتعاقبة أن تمنع أو تتحكم في الآثار السلبية لبرنامج الخصخصة، مثل: مشكلة البطالة، زيادة معدلات التضخم، ووجود الأشكال الاحتكارية.

عاشرا: عدم نجاح الحكومة في تطوير التعليم، سواء التعليم العام، أو التعليم الفني (الصناعي والزراعي والتجاري) أو التعليم الجامعي، وخروج الجامعات الحكومية من التصنيفات العالمية، أو وجودها في مؤخرة هذه التصنيفات من منطلق أن التعليم بأنواعه يمثل قضية أمن قومي.

حادي عشر: نبهت تقارير الجهاز إلى أزمة البحث العلمي في مصر، حيث تواجه منظومة البحث العلمي كثيرا من المعوقات والتحديات.

ثاني عشر: عدم نجاح الحكومة في الارتقاء بالرعاية الصحية للمواطنين، التي لا زالت دون المستوى المطلوب. وقد أعد الجهاز تقريرا مفصلا عن قرارات العلاج على نفقة الدولة في الداخل والخارج انتهى إلى:

- أن التطبيق العملي لقرارات العلاج على نفقة الدولة قد أفرز سلبيات عديدة وتجاوزات ومفارقات صارخة، وضعف شديد للرقابة الداخلية، ما ألحق ضررا بالمال العام.
- أن بعض المسؤولين الوارد ذكرهم بالتقرير، والتأثير على مستوى الخدمة، وأدى إلى عدم الوصول بها إلى الفئات غير القادرة من أفراد الشعب.

ثالث عشر: كل ذلك فضلا عن ضعف الخدمات الأخرى المتعلقة بالنقل، والإسكان، وخدمات الصرف الصحي، وغيرها من الخدمات، بالإضافة إلى العديد من المشكلات التي تواجه التعامل مع المناطق العشوائية.

رابع عشر: سوء معالجة الأزمات والكوارث، لقد مرت بالحكومة السابقة أزمات وكوارث وحوادث كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال: أزمة القمح والخبز– حوادث الطرق- (نزيف الأسفلت)- حوادث القطارات (السقوط والانفصال والمصادمات والحريق)- الحرائق- غرق العبارات- كارثة الانهيار الصخري بهضبة المقطم (الدويقة )- إنفلونزا الطيور- إنفلونزا الخنازير- انفلات أسعار المواد الغذائية- أنابيب البوتاجاز- السيول التي تعرضت لها مصر في يناير 2010 (شمال سيناء- جنوب سيناء- أسوان)- أزمة القمامة المزمنة- أزمة المقطورات.. إلخ.

فشل بعض المسؤولين في الحكومة السابقة في تبرير الأزمات، وتركوا الأزمات تتفاقم رغم مؤشرات كثيرة كانت تنذر باقترابها، حيث إن الإدارة في مصر تعاني أمراضا مزمنة.

خامس عشر: استمرار زيادة الفجوة بين الاستخدامات والموارد الفعلية، باستقراء الحسابات الختامية للسنوات السابقة، يتضح أن الفجوة بين الاستخدامات والموارد الفعلية بلغت في السنة المالية 2004/2005 (61) مليار جنيه، وأصبحت في السنة المالية 2009/2010 (124) مليار جنيه، يتم تمويلها بإصدار أذون وسندات خزانة
على الحكومة، واقتراض وإصدار أوراق مالية أجنبية.

سادس عشر: تضخم المديونية المستحقة على وزارة المالية للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي :

1- بلغت مديونية وزارة المالية لصندوقي التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي وقطاع الأعمال العام والخاص نحو 121 مليار جنيه في 30/6/2010، نتيجة توقف وزارة المالية عن تحمل الأعباء الملتزمة بها قانونا عن العام المالي 2009/2010 وأعوام مالية سابقة.

2- وقد أدى ذلك إلى حرمان الصندوقين المشار إليهما من عائد استثمار هذه الأموال، وأثر ذلك على حقوق المؤمن عليهم، وأصحاب المعاشات.

3- وفي ضوء ما تقدم على وزارة المالية إصدار صك على الخزانة العامة لصالح الصندوقين بقيمة تلك المديونية.

سابع عشر: الدين العام، طبقا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري بلغ صافي رصيد الدين العام الداخلي في 30/6/2010 (888) مليار جنيه بنسبة 73.6% من الناتج المحلي الإجمالي، كما بلغ مجموعة صافي رصيد الدين العام الداخلي والخارجي 1080 مليار جنيه بنسبة 89.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 30/6/2010، ويلاحظ أن النسب المشار إليها قد ارتفعت عن الحدود الآمنة.

ثامن عشر: الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص:

1- بلغ ما أمكن حصره من الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص 6368 صندوقا، وقد بلغت جملة إيرادات العام المالي 2009/2010 نحو 21 مليار جنيه، وجملة المصروفات نحو 15 مليار جنيه، بفائض مرحل في 30/6/2010 نحو 12 مليار جنيه.

2- بلغت جملة أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة بالبنك المركزي المصري (الحساب الموحد) نحو 12 مليار جنيه، ونحو 270 مليون جنيه بالبنوك التجارية.

3- تكشف للجهاز من خلال فحوصه العديد من الملاحظات، بلغت جملة ما أمكن حصره من الآثار المالية المترتبة على تلك الملاحظات نحو 8.8 مليار جنيه، تم تصويب ملاحظات وإزالة آثارها بلغت 122 مليون جنيه وجار متابعة ملاحظات بنحو 8.7 مليار جنيه.

تاسع عشر: وبخلاف التقارير السنوية التي أرسلها جهاز المحاسبات إلى الجهات التي نص عليها قانونه، فقد قام الجهاز بإعداد العديد من التقارير الخاصة أرسلت إلى المسؤولين المختصين، نذكر منها على سبيل المثال ما يلي :

1- احتكار حديد التسليح.
2- بيع شركات الأسمنت وأثره على السوق المصري.
3- جراج رمسيس (أسباب بنائه وأسباب هدمه).
4- جامعة النيل.
5- المبيدات المسرطنة.
6- عقد الدعاية السياحية (نورت مصر).
7- عقد بيع أرض مدينتي.
8- عقد بيع أراض السليمانية ومحلقاته.
9- عقد بيع أراضي لشركة بالم هيلز.
10- عقد بيع أرض المنطقة الاقتصادية شمال غرب خليج السويس.
11- التصرف بالبيع في جزء من الأراضي المخصصة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون،
لغرض امتداد مدينة الإنتاج الإعلامي.
12- عقد بيع أرض التحرير (إيجوث).
13- عقد بيع قرية توت أمون بأسوان.
14- عقد إيجار فندق شهرزاد (إيجوث).
15- عقد بيع شركة عمر أفندي.
16- استيراد أقماح غير مطابقة للمواصفات.
17- موافقة رئيس مجلس الوزراء على هدم فندق ونتربالاس بالأقصر (136 غرفة)، وإنشاء مبنى بديل يتكون من (80 غرفة).
18- المفارقات الصارخة بين مجموع ما يتقاضاه بعض القيادات والمسؤولين بالوزارات والمصالح والهيئات والبنوك والشركات العامة، وبين باقي العاملين.

عشرون: إنه من المتعذر بل من المستحيل أن يشتمل هذا البيان على كل الملاحظات والسلبيات التي صاحبت أنشطة الحكومة والإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، وشركات القطاع العام، وقطاع الأعمال العام والشركات المشتركة، ويتعين الرجوع إلى ما سجلته تقارير الجهاز في هذا الشأن.

وفي ضوء ما تقدم يتضح جليا أن الجهاز المركزي للمحاسبات قام بدوره الرقابي طبقا للدستور والقانون، وقام بإرسال تقاريره إلى الجهات التي نص عليه قانون الجهاز، فضلا عن إرسال كل تقاريره إلى هيئة الرقابة الإدارية، وكذلك إرسال بعض تقاريره التي ارتأى فيها إهدارا للمال العام إلى جهات التحقيق المختصة (النيابة العامة والنيابة الإدارية) في العام الماضي، والأعوام السابقة.

نقلا عن الشروق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger