الأحد، 27 فبراير 2011

كاتب أميركي: العرب يستحقون الحرية

نقلا عن الجزيرة



الكاتب يقول إنه مفتون بالشجاعة والإقدام اللذين رآهما في المتظاهرين العرب

كتب نيكولاس كريستوف في صحيفة نيويورك الأميركية متسائلا: هل صحيح أن العالم العربي غير مستعد بعد لنيل الحرية؟

هناك صورة نمطية بدائية تعشعش في الرؤوس بأن بعض الشعوب مثل الأفارقة والعرب والصينيين هم شعوب غير أهل للديمقراطية. الكثيرون حول العالم يخشون من أن "سلطة الشعب" ستجلب على الأرجح حالة من الفوضى على غرار ما حدث ويحدث في الصومال أو أن ينتج عنها حرب أهلية على غرار العراق أو سلطة مستبدة على النمط الإيراني.

هذا الطرح، غذاه قادة غربيون ومع كثير من الأسف بعض القادة العرب والصينيين والأفارقة. وفي ظل الاحتجاجات التي تغطي معظم أرجاء الشرق الأوسط اليوم، دعونا نتفحص سؤالا غير صحيح سياسيا ولكنه موجود: هل العرب غير ناضجين سياسيا بعد للتعامل مع الديمقراطية؟

هذا القلق هو القاعدة التي يستند عليها القلق السائد من واشنطن إلى الرياض. ليس هناك شك في أن هناك بعض المخاطر التي أثبتتها تجارب سابقة مثل إسقاط الشاه في إيران وصدام حسين في العراق وتيتو في يوغسلافيا، حيث أدت الثورات إلى جلب أنظمة أدت إلى دورة جديدة من الاضطهاد وسفك الدماء.

في الكونغو –يقول الكاتب- احتفل الكونغوليون عام 1979 بطرد دكتاتورهم الذي حكمهم مدة طويلة، لكن الحرب الأهلية التي تلت ذلك تعتبر الأشد فتكا بالبشر منذ الحرب العالمية الثانية.

حالة إدمان؟

"
كان القاسم المشترك للحركة الديمقراطية لهذا العام من تونس إلى إيران ومن اليمن إلى ليبيا هو الشجاعة والإقدام
"
ولكن إذا أصبحت ليبيا كونغو أخرى، وتحولت البحرين إلى نجم يدور في فلك إيران، وتربع الإخوان المسلمون على سدة الحكم في مصر ففي تلك الحالة تصبح شعوب تلك الدول في حالة إدمان على الأنظمة الشمولية.

"قبل الثورة، كنا عبيدا، والآن نحن عبيد العبيد السابقين" هذا ما كتبه لو شون الكاتب الصيني العظيم بعد الإطاحة بسلالة كينغ. ولكن هل هذا هو مستقبل الشرق الأوسط؟

يقول الكاتب: أنا لا أعتقد ذلك، بل إن هذا الطرح يعتبر إهانة للعالم الذي يفتقر إلى الحرية. في الأسابيع الأخيرة، لم أملك إلا أن أنحني إجلالا لما رأيت في مصر والبحرين، حيث رأيت رجالا ونساء بقلوب من حديد تتحدى الغاز المسيل للدموع والرصاص من أجل الحرية التي نعتبرها نحن شيئا من المسلمات. كيف يمكننا أن نقول إن هؤلاء الناس غير مستعدين للديمقراطية؟ إنهم مستعدون للموت من أجلها.

راسخون في النضال
نحن الأميركيون لا نفتأ نتكلم عن الحرية حتى الملل، لكن دعاة الديمقراطية في الشرق الأوسط قاسوا ألوان العذاب ثمنا لنضالهم -على أيدي الطغاة الذين هم حلفاؤنا- ومع ذلك فإنهم لم يكلوا ولم ينكسروا.

في البحرين، قال السجناء السياسيون السابقون إن زوجاتهم جلبن إلى السجن أمامهم، ثم قيل لهم إن لم يعترفوا فإنهن سيتعرضن للاغتصاب. ذلك الأسلوب أو باقي أساليب التعذيب التقليدية نجحت في انتزاع اعترافات مؤقتة، ولكن هاهم بعد سنوات وعقود لا يزالون مستمرين في النضال من أجل الديمقراطية. ونحن لا نزال نتساءل هل بلغوا مستوى النضج الكافي للتعامل معها؟

كان القاسم المشترك للحركة الديمقراطية لهذا العام من تونس إلى إيران ومن اليمن إلى ليبيا هو الشجاعة والإقدام. لن أنسى أبدا ذلك الشاب المبتور الأطراف الذي التقيت به في ميدان التحرير في القاهرة عندما كان بلطجية حسني مبارك يهاجمون المتظاهرين بالهريّ والحجارة وقنابل المولوتوف. فقد دحرج ذلك الشاب كرسيه المتحرك إلى الخطوط الأمامية. ثم نأتي نحن ونشكك في فهمه لمعنى الديمقراطية؟

في البحرين، شاهدت طابورا من الرجال والنساء العزل في مسيرة باتجاه قوات الأمن بعد يوم واحد من فتح القوات الأمنية البحرينية النار بالذخيرة الحية على زملائهم. هل يجرؤ أحد أن يقول إن هؤلاء الناس غير ناضجين للتعامل مع الديمقراطية؟

نعم، سيكون هناك عقبات في المستقبل. استغرق الأميركيون ست سنوات بعد الحرب الثورية لينتخبوا رئيسا لهم، وكدنا نتفتت مرة أخرى في ستينيات القرن التاسع عشر. عندما انتقلت أوروبا الشرقية إلى الديمقراطية بعد عام 1989 استطاعت بولندا والجمهورية التشيكية التأقلم بشكل جيد، ولكن رومانيا وألبانيا سادتهما الفوضى سنوات عديدة. بعد الثورة الشعبية عام 1998 في إندونيسيا، شاهدت جموعا من الغاضبين في جاوة الشرقية يذبحون الناس ويحملون رؤوسهم على نصول الحراب.

سجل التاريخ

"
أنا مفتون بالشجاعة التي رأيتها، ومن الغباء القول إن من يموت من أجل الديمقراطية غير مستعد لها
"
يقول لنا التاريخ إنه بعد عدد من العثرات، تهتدي الشعوب إلى الطريق الصحيح. التعليم والموارد والعلاقات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني يمكنها أيضا المساعدة. وبالمقارنة، فإن وضع مصر وليبيا والبحرين اليوم أفضل من ناحية التهيؤ للديمقراطية من وضع منغوليا وإندونيسيا في تسعينيات القرن المنصرم. منغوليا وإندونيسيا اليوم من الدول الناجحة.

رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون زار الشرق الأوسط قبل بضعة أيام واعترف صراحة بأن بريطانيا لفترة طويلة جدا دعمت الأنظمة الاستبدادية من أجل تحقيق الاستقرار. واعترف بأن بلاده قد انغمست في الفكرة المتعصبة القائلة "إن العرب والمسلمين لا يستطيعون التعامل مع الديمقراطية".

واعترف كاميرون بأن: "تلك الأفكار المسبقة ترقى إلى العنصرية. إنها مهينة وخاطئة وببساطة غير صحيحة".

ولكن تلك هي وجهة النظر التي تنشرها الدكتاتوريات العربية وخاصة المملكة العربية السعودية، وبطبيعة الحال الصين وتقريبا جميع الطغاة الأفارقة. من المؤسف أن يحتضن الغربيون تلك الأفكار بهذه الطريقة، ولكن المحزن في الأمر هو ترويج القادة في البلدان النامية لهذه النظرة المتحاملة على شعبهم.





في القرن الـ21 ليس هناك بديل واقعي لغير الانحياز إلى سلطة الشعب. البروفيسور ويليام إيسترلي من جامعة نيويورك يقترح معيار المعاملة بالمثل: "أنا لا أؤيد الاستبداد في مجتمعك إذا كنت لا تريد ذلك في مجتمعي".

وينبغي أن يكون لدينا نقطة انطلاق جديدة. أنا مفتون بالشجاعة التي رأيتها، ومن الغباء القول إن من يموت من أجل الديمقراطية غير مستعد لها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger